صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/131

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١۲۵-

جديدة مكتنفة بالطهر والتفاهم، فلا تنفثنا الثعابين بأنفاسها، ولا تدوسنا الضواري بأقدامها. لا تترددي يا سلمى، فهذه الدقائق أثمن من تيجان الملوك وأسمى من سرائر الملائكة. قومي نتبع عمود النور فيقودنا من هذه الصحراء القاحلة إلى حقول تنبت الأزاهر والرياحين.

فهزت رأسها وقد شخصت عيناها بشيء غير منظور في فضاء ذلك الهيكل، وسالت على شفتيها ابتسامة محزنة تعلن ما في داخل نفسها من الشدة والألم، ثم قالت بهدوء: لا، لا يا حبيبي، إن السماء قد وضعت في يدي كأسًا مفعمة بالخل والعلقم، وقد تجرعتها صرفًا، ولم يبقَ فيها غير قطرات قليلة سوف أشربها متجلِّدة لأرى ما في قعر الكأس من الأسرار والخفايا. أما تلك الحياة الجديدة العلوية المكتنفة بالمحبة والراحة والطمأنينة فأنا لا أستحقّها ولا أقوى على احتمال أفراحها وملذاتها؛ لأن الطائر المكسور