صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٦-
٢
الكآبة الخرساء

أنتم أيها الناس تذكرون فجر الشبيبة فرحين باسترجاع رسومه، متأسفين على انقضائه، أما أنا فأذكره مثلما يذكر الحر المُعْتَق جدرانَ سجنه وثقل قيوده. أنتم تدْعون تلك السنين التي تجيء بين الطفولة والشباب عهدًا ذهبيًّا يهزأ بمتاعب الدهر وهواجسه، ويطير مرفرفًا فوق رؤوس المشاعل والهموم مثلما تجتاز النحلة فوق المستنقعات الخبيثة سائرة نحو البساتين المزهرة، أما أنا فلا أستطيع أن أدعو سِنِي الصبا سوى عهد آلام خفية خرساء كانت تقطن قلبي وتثور كالعواصف في جوانبه، وتتكاثر نامية بنموِّه، ولم تجد منفذًا تنصرف منه إلى عالم المعرفة حتى دخل إليه الحب