صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/115

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١٠٩-

ولم يكن في هذا المعبد الصغير شيء آخر سوى سكينة عميقة تعانق النفس، وهيبة سحرية تبيح بتموجاتها أسرار الآلهة، وتتكلم بلا نطق عن مآتي الأجيال الغابرة ومسير الشعوب من حالة إلى حالة ومن دين إلى دين، وتستميل الشاعر إلى عالم بعيد عن هذا العالم، وتقنع الفيلسوف بأن الإنسان مخلوق ديِّن يشعر بما لا يراه، ويتخيل ما لا تقع عليه حواسه، فيرسم لشعوره رموزًا تدل بمعانيها على خفايا نفسه، ويجسم خياله بالكلام والأنغام والصور والتماثيل التي تظهر بأشكالها أقدس ميوله في الحياة وأجمل مشتهياته بعد الموت.

في هذا الهيكل المجهول كنتُ ألتقي سلمى كرامة مرة في الشهر، فنصرف الساعات الطوال ناظرين إلى الصورتين الغريبتين مفكرين بفتى الأجيال المصلوب فوق الجلجلة، مستحضرين إلى مخيلتينا أشباح الفتيان والصبايا الفينيقيين