صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٩٤ –

نحو المساواة التي تدعو اليها أوهامنا الديموقراطية في الوقت الحاضر فأنهم صائرون إلى

تفاوت زائد، ولا يكون مبدأ المساواة الذي كان سنة الاجيال الغابرة ناموس الحال والمستقبل .

وعلى ما تقدم تكون الحضارة بترقيها التدريجي قد أتت بعمل كعمل الساحر فنشرت في وقت واحد على الأرض الواحدة رجال المغاور والكهوف وأمراء الاقطاعات ومتقننى دور النهضة وعمال الدور الحاضر وعلماءه .

وكيف تكون عناصر الشعب المختلفة ذات اشتراك ووحدة ؟ نعم قد تتكلم الأمة في الظاهر باغة واحدة ولكن الألفاظ لا تلبث أن توقظ في أبناء هذه مبادى، ومشاعر وآراء متباينة الى الغاية، وعمل الحكومات الشاق في الوقت الحاضر هو أن تحفظ النظام بين هؤلاء الوارثين لأمزجة نفسية كثيرة الاختلاف يتفاوتون بها في الالتئام مع بيئتهم، ومن العبث أن تسعى في جعلهم متساوين، فهذا أمر لا يتم بالأنظمة والقوانين ولا بالتربية .

ومن الاوهام الكبيرة السائدة في هذه الأيام هو الاعتقاد أن التربية تساوى بين الناس، والحقيقة هي أن التربية تظهر مواهب الرجال ولكنها لا تساوى بينهم أبداً فما أكثر حملة الشهادات من رجال السياسة وخريجي الجامعات الذين لهم مزاج الهمجي النفسي ودليل الهمج في الحياة .

٢ – عناصر تقويم الآراء

ليس للآراء ما للمعتقدات من ثبات، وقد تبلغ الآراء في تقلبها مبلغا يجعلنا نظن أننا قادرون على تقويمها بسهولة، والواقع خلاف ذلك .

ان الطريقتين اللتين تتبادران الى الذهن في اصلاح الآراء وتقويمها هما العقل والتجربة، وقد رأينا أنه لا تأثير للعقل في المعتقدات الراسخة، وسنرى الآن هل يؤثر احيانا في الآراء البسيطة بتأثيره الضعيف وسنرى انه لمـا دلت المعرفة على عدم كفاية العقل لاضاءة نور الحقيقة ظهر نظامان سياسيان صارت اليهما جميع الحكومات في الامم منذ بداءة التاريخ .