صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٩١ –

إن قوة الصيغ عظيمة في المجالس ، فبها يحرك رجال السياسة مشاعر السامعين

ولم يلبث رئيس الوزارة الفرنسوية الموسيو ( كليانسو ) أن سقط بغتة بتأثير لفظ واحد أيقظ في أعضاء البرلمان مشاعر الخزى التي تكونت أيام حادثة ( فاشودا ) ، وكذلك خلفه فانه سقط للملة نفسها ، وللفظين الآتيين الذين تلوكهما أفواه المشتغابن بالسياسة مثل ذلك التأثير وهما : النمول والصعلكة .

وقد تبلغ الألفاظ في فعلها مبلغًا يجعلها تؤثر أحياناً في أكثر الرجال تأملا ، وعند ما تكون النفس إزاء حادثة يتعذر اكتناهها فانها تكتفى بايجاد صيغة ، فاما جهل العلماء أسرار الحياة وعجزوا عن بيان السبب في تحول حبة البلوط الى سنديانة وعن بيان الكيفية التي تتطور بها ذوات الحياة اكتفوا بصيغ تقوم مقام التفسير والايضاح

والالفاظ توقظ في المرء صوراً نفسية ، ولكن الصور المرسومة أجلب للانسان ، وإلى ذكرت في كتابي المسمى ( روح السياسة ) مقدار ما أوجبته الاعلانات المصورة من تأثير كبير في الانتخابات الأخيرة التي وقعت في انكلترا ، وقد أدرك أرباب الصناعة والطباعة هذا الأمر فتفننوا في استعمال الاعلانات المصورة ترويجًا لسلعهم .

وولاة الأمور أنفسهم قد اطلعوا على شأن الصور في تكوين الآراء ، فبعدما قل الاكتتاب الاختياري في كتائب الفرسان فكر منذ بضع سنين أحد رجال الحرب الواقفين على سنن النفس في تعليق إعلانات مصورة تمثـل فرساناً نشيطين يقومون بانواع التمرينات ، وعلى رأس الاعلانات أشير إلى الفوائد التي ينالها المتطوعون ، وقد كانت نتيجة ذلك أن استغنت اكثر الكتائب فكيفت من قبول اكتتابات جديدة

٥ – الاوهام

تكتنفنا الأوهام منذ عهد الطفولة حتى الموت ، فنحن لا نعيش الا بالأوهام ولا تتبع سوى الاوهام ، و باوهام الحب والحقد والحرص والفخر نحافظ على قوة السير والحركة فينا غافلين عن قسوة المصير

والاوهام العقلية هي قليلة بالنسبة الى الاوهام العاطفية ، واذا كانت تنمو فذلك لأننا نود على الدوام أن نشرح بالعقل مشاعر هي في الغالب مطمورة في دياجير