صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/87

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٨٧ –

الفصل الثاني

العوامل الخارجية للآراء والمعتقدات
التلقين، الانطباعات الأولى، الاحتياج الى التفسير، الالفاظ، الصور، الأوهام، الضرورة


١ – التلقين

اكثر آرائنا ومعتقداتنا سياسية كانت أم دينية أم اجتماعية نتيجة التلقين ، قال ( جيمس ) : « ان التلقين عبارة عن القوة التي تؤثر بها الأفكار في المعتقدات والسير » وعندي أن هذا التعريف غير صحيح ، فالتلقين هو بالحقيقة كناية عن قوة الاقناع ليس بالأفكار وحدها بل بأي عامل آخر كالتوكيد والنفوذ الخ ، ولو نظرنا الى الأفكار دون غيرها لرأيناها ذات تأثير ضعيف .

وللتلقين مناهج كثيرة نعد منها البيئة والكتب والجرائد والخطب والعمـل الشخصي الخ ، والكلام من أكثر هذه المناهج تأثيراً ، وتوكيد الكلام يزيده قوة ونفوذاً .

وشدة التلقين تختلف باختلاف العوامل ، فهذه الشدة تبتدئ من التأثير الضئيل للبائع الذي يحاول أن يحملنا على ابتياع شيء من سلعه وتنتهى الى التأثير الذي يؤثر به المنوم في المصاب بمرض الأعصاب حيث يجعله سليب الإرادة ، وفى عالم السياسة يكون الزعيم ذو النفوذ العظيم هو المنوم .

وتكون نتائج التلقين بحسب حالة الملقن النفسية ، والملقن بتأثير احد المحرضات – كالحقـد والحب – التي تضيق دائرة شعوره أكثر انفعالا فيسهل تحويل آرائه .

ولا يتخلص أولو الفضـل من سلطان التلقين ، فلقد بين ( جول لوميتر ) في محاضرته عن ( فينيلون ) أن هذا الحبر الشهير أصبح مقوداً من ( مدام كو يون ) ذات المرض العصبي بعد أن اتخذته مرشدا لها ، إذ استطاعت أن تقنعه بصحة آرائها