صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/85

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٨٥ –

على الوسائل الضرورية لقضائها ، فصارت مصدراً للاستياء الذي هو عامل قوى في

انتشار الاشتراكية .

والاحتياجات هي أيضًا سبب التسليح المؤدي إلى الإفلاس في أوروبا ، لأنهُ لا عظمت الاحتياجات كثيراً في اوروبا واصبح تنازع البقاء فيها أشد منه في الماضي صارت كل دولة فيها تطمع في الاغتناء على حساب الدول المجاورة لها ، فالالماني الذي كان منذ خمسين سنة قانعا بأكل السكرنب كان سلميَّا لقلة احتياجاته ، ولكن عند ما زادت احتياجاته بغتـة أصبح محاربًا متوعداً ، ثم لما كان الالمان يزدادون عدداً وأوشكوا أن يكونوا من الكثرة بحيث لا تكفى بلادهم لإطعامهم فان الوقت الذي تتعلل فيه المانيا باحدى العلل الواهية كي تستولى على الأمم المجاورة وتشاركها في أمر معيشتها قد قرب ، وهذا السبب وحده هو الذي يدفعها الآن الى بذل نفقات باهظة في سبيل جيشها وبحريتها .

٥ – المنفعة .

ليس من الضروري أن نطنب في بيان تأثير المنفعة في تكوين آرائنا ، ذلك لأن هذا الأمر شی، مسلم به ، ويمكننا أن نعتبر ا كثر الأشياء عدة وجوه أي من حيث المنفعة العامة أو من حيث المنفعة الخاصة .

وللمنفعة ما للحرص من قدرة على تحويل ما يلائمها إلى حقيقة ، ولذلك فهي في الغالب أقوى من العقل حتى في المسائل التي يظهر أن العقل هو المهيمن عليها ، خذ الاقتصاد السياسي مثلا تر أن مبادئه المختلفة مشبعة من البحث في المنفعة الشخصية بحيث نستطيع أن نقدر بها مقدما ميل الرجل ذي المهنة المعينة إلى نظام حرية المبادلة أو نظام الحماية .

وتقلباتُ الرأى تتبع تقلباتِ المنفعة بحكم الضرورة ، فالمنفعة الشخصية هي العامل الأصلي في الأمور السياسية ، فالنائب الذي انتقد ضريبة الدخل بما أوتى من قوة لا يلبث أن يدافع عنها بعزم لا يقل عن السابق عند ما يأمل أن وزيراً ، وكذلك الاشتراكيون فانهم يصبحون محافظين بعد أن يغتنوا .