صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/84

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٨٤ –

تامًا ، واليوم نشاهد ذلك في الاشتراكيين الذين سحرهم مثلهم الأعلى ، فقد ثقلت وطأة هذا المثل على حياتنا القومية وهو السبب في سن قوانين مهددة لنمو هذه الحياة .

إذاً لم يكن المثل الأعلى مبدأ نظر يا يمكننا أن نتغاضى عن تأثيره ، فمتى يعم أمره فانه يكون ذا تأثير عظيم في أدق شؤون الحياة ، حتى إن الذين ينكرون نفوذه يعانون هذا النفوذ على رغم أنوفهم .

والمعتقدات دينية كانت أم اجتماعية أم سياسية لا تكون ذات قوة الا إذا أصبحت مثلاً أعلى مقبولاً بوجه عام ، وعندما يلتئم المثل الأعلى المذكور مع مقتضيات عظمة الأمة التي تعتنقه ، ولكن حينما يكون مناقضًا لسير الزمن وممكناته فإنه لسبب الأمور الطبيعي فانه يؤدى الى انقراض تلك الأمة .

٤ – الاحتياجات

الاحتياجات هي من أكبر العوامل في تكوين الرأى وكل تطور اجتماعی ، ونعد الجوع أكثرها شدة ، فهو الذي ساق أجدادنا الأولين من الكهوف والمغاور الى سلم الحضارة ، وهو الذي تسعى لقضائه أكثرية البشر ، ولولاه لما ترك البرابرة أرضهم البور وغيروا مجرى التاريخ بتدهورهم على روما ، وليس شأنه اليوم بأقل في الماضي ، فلقد أصاب من قال إن الاشتراكية هي مسئلة مِعَدٍ .

وكلما تقدمت الحضارة فانه يضاف الى قائمة الاحتياجات القديمة احتياجات جديدة ، وما الاحتياج الى الأكل والى التناسل واللباس والدين والأمور الأدبية والكمال سوی عناوين لمقتضيات الحياة والعاطفة التي تقودنا والتي تنشأ . عن علتي الحركة في الموجودات أعنى اللذة والألم ، ويؤدي ايجاد احتياجات جديدة في الجموع الى ظهور آراء حديثة ، ويعرف اقطاب السياسة أن يحدثوا احتياجات تفيد بلادهم ، فما الاحتياج الى الاتحاد في المانيـا ثم الى إنشاء اسطول حربی قوى سوى احتياجين مصنوعين أُكِّرهت البلاد عليهما .

وقد أوجب تطور الصناعة العلميُّ حدوث احتياجات جديدة كالخطوط الحديدية والتلفون ، ومن سوء الحظ أن بلغت هذه الاحتياجات من النمو مبلغًا زاد