صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/83

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٨٣ –

وإذا طبقنا تأثير الخلق الشخصي في الآراء تعلم لماذا بعض الناس محافظون

و بعضهم ثوريُّون ، فالثوريُّون يميلون بفعل مزاجهم الى الثورة ضد جميع غير مبالين بنظام الأمور نفسه ، وتتألف كتائبهم على العموم من الذين انحلت أخلاقهم الثابتة الارثية بتأثير مختلف العوامل فصاروا لا يلتئمون بالبيئة التي يعيشون فيها ، ونعتبر كثيرين منهم من فصيلة المنحطِّين ذوى الأمراض والعاهات الذين لم يلتئموا بالمجتمع فأصبحوا حاقدين عليه بحكم الطبيعة كما يحقد الهمجي على مدنية أكره على الخضوع لمبادئها .

وجيش الثورِّيين في الوقت الحاضر يتكون على الخصوص من المنحلين الذين ضافت المدن الكبيرة بأمراضهم الكحولية والافرنجية والحمية والسمية ذرعا ، وعلى نسبة تقدم الحضارة يزداد عدد هذا الجيش وسيكون إنقاذ المجتمعات من هجماته العنيفة من أشد مشاكل المستقبل خطراً

في بعض الأحيان يكون شأن أولئك العديمي الالتئام في التاريخ عظيما ، ذلك لأنهم ذوو قدرة عظيمة على الاقناع يؤثرون بها في روح الشعوب ، فالمنهوسون أمثال بطرس الراهب ولوثر قلبوا العالم رأساً على عقب .

٣ – المثل الأعلى

مثل الأمة الأعلى يدل على كثير من آرائها ومعتقداتها ، فهو خلاصة رغائبها العامة واحتياجاتها وأمانيها ، والناظم لهذه الخلاصة هو العرق وماضيه وغير ذلك من العوامل التي لا أبحث عنها الآن ، وقد بينت في كتاب آخر قوة المثل الأعلى فأثبت أنه لا يتزعزع من غير أن يتزلزل دعائم البنيان الاجتماعي الذي يقوم عليه ، وإذا كان كثير من الناس يترددون اليوم في آرائهم ومعتقداتهم ويسيرون طائعين خلف اندفاعات كثيرة التناقض فذلك لأنهم ذوو مثل أعلى ضعيف على رغم ما يتصفون به أحيانا من ذكاء هو غاية من السمو والرقى .

وما في المتعصبين من قوة فيشتق من خضوعهم لمثلهم الأعلى الخطِر خضوعاً