صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/82

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٨٢ –

على أن التنبؤ في سير الناس ليس مستحيلاً على الدوام ، وبيان ذلك أنه يوجد في تركيب المشاعر المعقد – الذي يتألف الخلق منه . عناصر راجحة تعين وجبة الأخرى كعناصر البخل والأثرة وحب الذات والعجب الخ ، فالذي تغلبت عليه هذه المشاعر تسهل قيادته إذ يعلم حينئذ ما هو وتره العاطفي الذي يضرب عليه ، وأما الرجل الذي توازنت فيه المشاعر دون أن يستحوذ بعضها على البعض الآخر فيصعب اكتناهه وتسييره .

ولا شأن للعوامل كليا في تكوين الرأي ، فالذي يؤثر منها في رجل لا يؤثر في الآخر ، والذي يوقد نار الحرص في شعب لا يحرك ساكن شعب مجاور .

والحقيقة هي أن تكوين أكثر الآراء والمعتقدات لا يستلزم سوى قليل من العوامل ، فعوامل العرق والبيئة والعدوى تكفى لانشاء المعتقدات العظيمة وعاملا الانفعال والمنفعة الشخصية يكفيان لتكوين الآراء اليومية ، ومع ذلك فانك ترانا مكرهين على البحث في عوامل أخرى ، ذلك لأن هذه العوامل إذا لم تكن ذات تأثير على الدوام فانه ليس فيها ما هو غير مؤثر في أحد الأوقات .

۲ - الخالق

يوجد بجانب أخلاق العرق العامة اخلاق الفرد المتقلبة ، وشأن الأخلاق في تكوين الآراء والمعتقدات عظيم الى الغاية ، فأعقل الحكماء لا يقدر على التخلص من تأثيرها ، وما في مبادئه الفلسفية من تفاؤل او تطير فناشيء عن خلقه أكثر منه عن ذكائه ، وعليه فقد أصاب ( ويليام جيمس ) حيث قال : « إن تاريخ الفلسفة تاريخ التصادم بين الأمزجة البشرية ، وهذا الاختلاف بين الامزجة له أيضا شأنه في ميدان الأدب والفن والحكومة والطبائع ، فاذا نظرنا إلى الطبائع نرى من الناس من يبدو عليه التكلف ومنهم من لا يبدو عليه ، وإذا نظرنا الى الحكومة نرى بين اعضائها من هو محب للسلطة ومن هو فوضوى ، وإذا نظرنا إلى الأدب نرى بين حملة لوائه من هو لغوی مفرط او مغال في الاسلوب ومن هو مبالغ في تصوير الاشياء كما هي .»