صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/79

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-۷۹-

ومتى يعلى الانسان أن يوفق بين الدفاعاته العاطفية والدينية و بين مبتكرات المقل

فان نطاق الممكنات يتسع في نظره .

وفي توازن العلل حيث تتكون الآراء والمعتقدات كثير من العلل والعوامل التي لا تأثير لنا فيها ، ولو استمر عدم تأثيرنا لقلنا كما قال كثير من المذاهب الفلسفية إن القدر هو الذي يسيرنا ، وانقدر بالحقيقة قد استولى على تاريخ البشر زمنًا طويلاً ، لان الناس لا ظلوا عاجزين دوراً مديداً عن قيادة أنفسهم خضعوا لسنن ما اختلف من انواع المنطلق التي لا صلة بينها وبين العقل خضوعا مقدراً .

٣ – كيف يؤثر المنطق العقلي في ميزان العلل .

لقد ظهرت بظهور المنطق العقلي البطي، قوة جديدة في العالم ، و بهذه القوة يؤثر الانسان في الغالب في كفتي ميزان العلل ، وقد بينا عند ما بحثنا في كتاب آخر عن انحلال المقادير كيف يصير المنطق العقلى عاملاً كبيراً في هذا الانحلال فيفضل ما في المنطق المذكور من قدرة يستطيع الانسان أن يؤثر في مجرى الامور ، وهو لمدوله بالتدريج عن الانقياد للمؤثرات اللاشعورية التي كانت تقوده فيها مضى قد أخذ يتعلم عليها ويقبض على زمامها .

وإذا كان المنطق العقلى - والارادة تدعمه - لا يزال عاجزاً عن تقرير المصير أعمالنا فذلك لأننا نجهل حتى الآن أكثر علل الحوادث ولأن كثيراً من أعمالنا ذو نتائج لا تتحقق الا في مستقبل مفعم بالطواريء ، فهذه الطواريء ذات أخطار ، وبها ينضم الى ميزان العلل عيارات ذات قيم مجهولة .

نستدل على ذلك بكون دهاة البشر الحقيقين -القابضين على مصير الأمم والذين لا يظهر منهم في كل عصر سوى عدد قليل- مع علمهم في الغالب كيف يجعلون الكفة راجحة فأنهم يخاطرون بالامور كثيراً ، وهذه المخاطرة تتجلى لنا على شكل واضح النظر الى ( بسمارك ) الذي استشهدنا به مرات عديدة نظراً لنفسيته التي يفيد درسها ، فقد كان المسير لهذا السياسي المحنك هو المبدأ القائل بالوحدة الالمانية ، ولكن ما أكثر المهالك التي تعرض لها والأحوال التي عاكسته والموانع التي عاناها في