صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/75

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ۷۵ –

المذكورة في المشاعر . فهذه الزواجر تكون ضرورية لشعوب المتقلبة ذات الاندفاعات

الشديدة ، وعندما لا تسِكُن التربية والتقاليد والقوانين هذه الاندفاعات فإن الشعب الذي هي فيه لا يصبح فريسة لزعماء الفتن وحدهم بل يكون معرضًا لغزو الشعوب المعادية التي تعلم كيف تستغل قوة الحس والانفعال فيـه ، ويثبت ذلك ما ورد في التاريخ من الأمثلة العديدة التي نعدمنها حرب سنة ١٨٧٠ ، كان امبراطور فرنسا المريض وملك بروسيا الطاعن في السن يريدان اجتناب الحرب مهما يكلفهما ذلك ، ملك بروسيا شهرها عدل عن ترشيح قريبه لعرش اسبانيا ، ولكنه كان واکی يوجد خلف هذين الرجلين المترددين صاحبي الارادة الضعيفة رجل ذو دماغ قدير وعزم كبير قابض على زمام المصير ، فقد استطاع هذا الرجل الحازم بحذفه بضع كلمات من إحدى البرقيات أن يثير غضب أمة شديدة الحس ويكرهها وهي غير مستعدة على شهر الحرب على أعداء اخذو للحرب أهبتها منذ زمن بعيد ، ثم شرع بعدئذ يلعب في مشاعر كل أمة حتى توصل الى جعلها جميعها محايدة ، ومن هذه الأمم الانكليز الذين أعمتهم مشاعرهم بعد أن أثر فيها ذلك الرجل النفسي المحنك فامتنعوا عن الاشتراك في وضع لائحة تكون أساسا لمؤتمر غير مدركين ماذا يكلفهم في المستقبل تكوين دولة حربية عظيمة ، وعليه فان من يعرف كيف يتصرف بمشاعر الناس لا يلبث أن يصبح سيدهم .

٣ – التوازن وعدمه بين أنواع المنطلق في حياة الأمم .

تبين لنا من الايضاحات السابقة أن اندفاعات الفرد الصادرة عن أنواع مختلفة للمنطق تكون في حال الاعتدال متوازنة ، والأمر كذلك في حياة الأمم ، ومتى يطرأ شيء على ذلك التوازن بفعل بعض المؤثرات تقع اضطرابات عميقة فتقرب الأمة من القيام بثورة ، فالثورة في الغالب عبارة عن داء نفسى مصدره عدم التوازن بين الاندفاعات الناشئة عن أنواع المنطق المختلفة التي يصبح أحدها متغلبًا .

وغلبة المنطق الديني على الخصوص هي التي تؤدي إلى حدوث انقلابات عظيمة في حياة البشر ونورد الحروب الصليبية والحروب الدينية والثورة الفرنسوية أمثلة على