صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/72

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ۷۲ -

الفصل الثاني

العراك بين أنواع المنطق في حياة الأمم

١ – نتائج كسر الزواجر الرادعة المشاعر في الحياة الاجتماعية

إن وجوب زجر المشاعر التي تضر المجتمع بمشاعر أخرى ثبت أمرها بالتربية وعلم الأخلاق والقوانين هو مبدأ الحياة العامة الأساسي كما ذكرنا ، ولا تتحرر المشاعر التي عانت البيئة الاجتماعية في ردعها ما عانته من المصاعب من غير أن ينشأ عن ذلك فوضى ، ومن العلائم الأولى لهذه الفوضى هي كثرة اقتراف الجرائم كما نشاهده الآن في فرنسا ، والذي يساعد على زيادة اقتراف الجرائم على الخصوص هو انتشار مذهب الإنسانية الذي يشل حركة إنزال العقاب ويسير بالناس الى كسر جميع الروادع .

و يقاسي نظامنا الديموقراطي الحاضر بالتدريج نتائج إبطال تلك الروادع التي هي وحدها تقاوم ما فينا من مشاعر منافية للاجتماع ، فالحقد على الافضليات والحسد اللذان هما أشد ما أصيب به ذلك النظام من آفات بشتقان من هذه المشاعر المضرة الخطرة التي لا تموت في الانسان أبدأ وإن ظهورها في مجتمعات الماضي ذات المراتب المتسلسلة .

والمشاعر المذكورة التي أخذت تنتشر في الوقت الحاضر بتحريض بعض الساسة الطامعين في نيل حظوة عند الجمهور وخريجي الجامعات الساخطين على نصيبهم تجرى حكمها المحرب ذا الجبروت اجراء مستمراً ، فلولا انحلال الزواجر التي رسخت بالوراثة لما حدثت أمور كتمرد موظفى البريد والمعدنين والفتنة التي وقعت في كثير من مدن احدى المديريات الكبيرة ، ومن العوامل التي جعلت هذا الانحلال الاجتماعي أمراً ممكنا هي هبات ولاة الأمور الذين أورثهم الخوف ضعفا في قلوبهم ، و بالتدريج نشأ عن عجز القوانين المبدأ القائل إن الوعيد والايقاع ها اصدق الوسائل لخرق حرمة القوانين ذات الكرامة الحصينة في الماضي .