صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٧٠ –

بالامثلة المؤيدة له ، ومن تلك الامثلة كون غرائزنا الحربية التي نمت كثيراً أيام الثورة الفرنسوية وفى الدور الامبراطوري لم تلبث بعد هذين الدورين أن أخذت تتقلص فاسحة مجالاً لمذهب سامي داع الى نزع السلاح منتشر كل يوم بين الجموع حتى بين العقلاء ، وقد نشأ عن ذلك التضاد الآتى کا صارت الشعوب سلمية أمنت حكوماتها في التسليح .

وسبب هذا الشذوذ الظاهري هو أن الافراد يخضعون لحكم أثرتهم الشخصية مع أن الحكومات مرغمة على الاهتمام بمصالح المجتمع ، فالحكومات بما نالته من تجارب واختبارات متتابعة تعلم أكثر من الجموع وخطبائها أن الامم التي تنهن لا تلبث الامم المجاورة لها 1 أن تغزوها وتستولى عليها وهذه سنة قد أجرت حكمها على جميع الامم حديثة كانت أم قديمة ، فالبولونيون والمصريون والترك والصرب الخ لم يتجنبوا ما ينتج عن غزوات الشعوب الاخرى من تخريب الا بتنزلهم عن جميع أراضيهم أو عن جزء منها .

يحدث تطور المشاعر الذي أشرنا إلى بعض نتائجه بفعل كثير من المؤثرات وتعد من هذه المؤثرات البيئة على الخصوص ، فالانسان كي يلائم البيئة مكره على تنويم قسم من مشاعره والانتفاع بقسم آخر يجعله التمرين قويا متينا ، والتمرين المذكور لا يكون إلا بالتربية التي تهتم بالماء صفات الخلق الاساسية ولا سيما ملكة الاستنباط والشجاعة والارادة وغيرها من الصفات التي تعارضها مشاعر أخرى ، فالخوف من التبعة بلاشي ملكة الاقدام ، ويزول الاخلاص لمنافع المجتمع في الحال اذا قيد بالأثرة الشخصية الخ .


  1. لقد أوضح رئيس الوزارة الالمانية هذه الحقيقة في خطبة ألقاها في شهر مارس سنة ١٩١١ أمام ( الرخستاغ ) واليك بعضها :
    «ان مسالة نزع السلاح في عند كل خبير مجرب مشكلة يتعذر حلها مادام الإنسان انساناً والدول دولا ، فهما يفعل الفعال فانهم سيكونون فريسة الأقوياء لا محالة ، والشعب الذي لا يريد أن يتنق على تسليح نفسه ينزل الى الدرجة الثانية كي يحل مكانه شعب أقوى منه»