صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/63

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٦٣-

والعاطفة معاً، فهي تنشأ عن العاطفة لأن جوهر بواعث العمل في الانسان هو العاطفة عن العقل لأننا بفضل الدقة والتأمل نمزج في روحنا صوراً نفسية يقدر بعضها على ابطال عمل البعض الآخر.

وخلافاً لما جاء في كتب علم النفس نقول أن الإرادة قد تكون شعورية وقد تكون لاشعورية، وأقوى العزائم واشدها هي اللاشعورية، فهي التي لا يملك الحيوان وأكثر الناس سواها، وإذا صعب علينا مشاهدة شكل الإرادة اللاشعورية فذلك لأن العقل يتدخل على الفور كي يوضح ما تنجزه تلك الإرادة من أعمال إيضاحاً يجعلنا نتصور أنه هو الذي سبب تلك الأعمال.

ویرى (ديكارت) – وقد شاطره كثير من الفلاسفة في الوقت الحاضر رأيه – أن للإرادة كياناً غير كيان العقل هو أصل معتقداتنا، فالاعتقاد عند (ديكارت) هو إرادة التسليم بميدإ يمليه العقل أو انكار ذلك المبدإِ، وسوف انقض هذه النظرية التي لايزال أكثر الفلاسفة يناضلون عنها في هذا الكتاب بأن أثبت أن المعتقد لا يكون اراديا أصلاً.

ويقترب (اريسطوطاليس) من المبادئ المشروحة هنا أكثر من (ديكارت) ذلك لأنه بني نظريته في علم النفس على التمييز بين الصفات العاطفية والصفات العقلية، ثم قال ان الإرادة تظهر من مزج هذين الطرفين أحدهما بالآخر، فعلى هذا الوجه تكون الإرادة معلولة لا علة ويكون (اريسطوطاليس) اقام العاطفة أمام العقل مع أن (ديكارت) اقام الإرادة أمامها.

الدقة – الدقة هي أن يحصر المرء ذهنه في شيء واحد أو في شكل هذا الشيء الواحد أو في ما ينشأ . بوادر فيجرد منه الموضوع الذي يهمه.

وقد عد كثير من المؤلفين الدقة وجها من وجوه الإرادة ، فهي على رغم كونها خاضعة للإرادة ليست متحدة بها ذاتا ومعنى ، وكذلك لا يجوز خلط الدقة بالعقل الذي لم تكن الدقة سوى عنصر يستعين به .

تطبع الأشياء التي تحيط بنا طابعها على حواسنا ، فلو تم شعورنا بجميعها شعوراً متساويا كمالة الفوطوغراف مثلا لاشتمل دماغنا على صور كثيرة لا فائدة فيها