صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/59

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٥٩–

الفصل الرابع

المنطق الدينى


١ – أوصاف المنطق الدينى

المنطق العقلى هو منطق شعوری علم الانسان العقل والتفكير والبرهنة والاختراع ، والمنطق العاطفى هو منطق لا شعورى يصدر عنه سيرنا ، ولا تأثير لاعقل والذكاء فى حلقاته فى الغالب ، وأما المنطق الديني الذى ندرسه الآن فطبقته أعلى من طبقة المنطق العاطفى ، فالحيوانات لا تعرف المنطق الدينى مع أنها ذات مشاعر كثيرة

والمنطق الدينى على رغم كونه أدنى من المنطق العقلى - الذى ينم على درجة

راقية فى التطور – مثًّلَ يا ولده من معتقدات دوراً عظيما فى تاريخ الامم ، وهو مصدر التأويل والتفسير اللذين - مع أنهما غريبان عن العقل - هما ذوا سلطان على الحركة ولوحل المنطق العقلى فى الماضى مكان المنطق الدينى لكان سير التاريخ خلاف ماوقع.

والمنطق الدينىّ يرضى كالمنطق العاطفى بالمتناقضات ، ولكنه ليس الثاني لا شعوريا، وكثيرا ما يتضمن شيئاً من التأمل والتفكير ، و بالحركة التى هى مقياس أنواع المنطق يظهر لنا الفرق بين المنطق الدينى والمنطق العاطفى ظهوراً واضحاً، فالمنطق

الدينى يسوق الانسان الى مالا يسوقه اليه المنطق العاطفى من أعمال تناقض اكثر منافعه صراحة، ومن يتصفح تاريخ الام السياسى أو الدينی بر أمثلة كثيرة على ذلك.

قد يعترض عند مطالعة تاريخ الحوادث المذكورة التى أدت إلى اختفاء كثير من

الأحوال العاطفية الحياء وحب الأبناء بأن يقال أن هذا الاختفاء ينشأ . حاول مشاعر مكان أخرى ، ولكن ما هى علة هذا الخلول؟ يقتضى أن لا يبحث عنها فى المنطق العقلى لأن العقل لا يشير علينا بان نفعل تلك الأعمال، وكذلك يجب أن لا يبحث عنها فى المنطق العاطفى، إذاً تلجئنا الضرورة الى الاستعانة بمنطق آخر يسمى المنطق الدينى، وما بين المنطق الدينى والمنطق العاطفى من فروق سيتجلى لنا على وجه أوضح من ذى قبل عندما نفحص شأن المنطق الدينى فى تاريخ الحضارة.