صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/184

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ا ا والتقين في الأمور الروحانية تأثير عظيم الى الغاية ، وقد اعترف بذلك دعة المذهب الروحاني من أنفسهم ، فقد قال ( ماكسويل ) : « يلقن الحاضرون بعضهم بعضا فلا يلبثون أن يكون عندهم هوس جامع ، ومما سمعته أن أحد الحضور أشار الى أنه يرى نورا في جهة معينة فالتفت الباقون ورأوا ما رآه ، ثم أعلن رجل أنه يشاهد صورة فشاهد الآخرون ما شاهده ، هذا هو هوس الجماعة ، وقد أيدت لي تجاربي الشخصية أن حاسة البصر هي أكثر الحواس استعداداً لقبول الانطباعات الوهمية . » للتلقين في بعض الاحيان تأثير خارق ، فقد بلغ في إغوائه للسحرة في القرون الوسطى مبلغا جعلهم يرضون مطمئنين بحرقهم كتكفير عن خطيئاتهم الخيالية ، ويلوح لنا أن مزاج المختبرين النفسي في الوقت الحاضر - ومنهم أفاضل العلماء – يقرب من مزاج اولئك السحرة من هذه الجهة ، لأننا على رغم ادعائهم بأنه لا سبيل للوهم فيهم الا في أحوال شادة نراهم عاجزين عن التفلت من حكمه ، فليس من الهين أن يتحرر الانسان من ربقة المعتقد . ، وكلما حاول ذلك عاد اليها بفعل التلقين الذي يستولى على عقله و بصيرته . وقد أوضح الأستاذ ( غراسيه ) هـذا الأمر ايضاحاً جيداً حيث قال : « إن من الأمور الغريبة ما يطرأ على المختبرين من أحوال غير طبيعة عندما يحاولون درس ذلك ، فبعد أن أوضح ( لومبروزو ) في مذكراته تجارب علمية دقيقة في أمور الطب أخذ يشرح فيها صحة ظهور الأموات ومناجاتهم ورفع الاشياء من غير أن تمس كندور ان (هوم)حول نوافذ أحد القصور دورانها أفقيا من دون أن يلمس شيئا وكركض أخوى ( روفو ) الصغيرين خمسا وأربعين كيلو متراً في مدة لا تزيد على خمس عشرة دقيقة وكتقمص الأرواح لقسم من جوهر الوسيط تقمصا موقتا كي تبدو تامة الأعضاء ، وهكذا نرى أن خيرة العلماء ينسون قواعد العلم ومناهجه حينما يكونون إزاء حوادث السحر ولكن هذا الاستعداد النفسي يختلف باختلاف الأفراد والشعوب ، فقد أتى الوسيط الواحد بنتائج مختلفة في انكلترا وفرنسا وإيطاليا أي إن هـذه النتائج كانت كالعدم في انكلترا ومتوسطة في فرنسا وباهرة في ايطاليا . t