صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/168

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-- ۱۱۸ – كان ايمان القدماء بالنبوءات المعزية الى الآلهة عاما ، وقد كان لإله مدينـة ( دلف ) شأن كبير من هذه الجهة فكان الناس يفدون الى تلك المدينة من جميع أقطار العالم ليستشيروا الإله المذكور ، ثم صمت هتاف تلك الآلهة وغاب سحر العالم الوثني عن الوجود وقتها تم النصر للدين النصراني ، ثم عاد السحر في القرون الوسطى ، وما شأن السحر في تلك القرون بالأمر المجهول ، فعلى رغم حرق السحرة بالألوف لم يستأصل الحرق شاقتهم . والزمان لا العقاب هو الذي قطع دابرهم إن أعمال السحر التي أعدت القرون الوسطى هي أدعى الحوادث العجب وهى أقل الامور إيضاحا من قبل علم النفس في الماضي ، ومع ذلك نرى أن للتلقين والعدوى النفسية شأنا كبيراً في حدوثها ، وذلك لأن الشهادات في مختلف القضايا التي أقيمت في كثير من البلدان متطابقة وأوجه الوصف للشيطان متماثلة وكيفية اجتماع السحرة به متشابهة . عليهم بغير ما . ويظهر أن المنفعة الشخصية لم تؤثر في أولئك المتهوسين ، إذ الشيطان لم يمن هو زهيد تلقاء ما يعرضون له أنفسهم من أنواع العذاب ، وقلما كان القضاء ا يلجأ إلى استنطاقهم بالدهق والعذراء (1) كى يعترفوا له بجناياتهم ، فالمتهمون كانوا يصفون بوجه باش كيفية اجتماعهم بالشيطان ،ومن . هذا الوصف أن الشيطان كان يظهر لهم على شكل ضفدع أو هر أوكتاب اسود أو نيس الخ وكان يطعم أنصاره طعاما من الجيف ، وأنهم فضلاً عن رقصهم مع الشياطين ومجامعتهم لهم كانوا يجلدون الضفادع الضخمة لبرغموها على إراقة سائل لزج ضارب إلى الخضرة ليصنعوا منه مراهم ومساحيق. واستمر فن السحر قرونًا كثيرة ولم يشك القضاة في أثناء ذلك في صحـة ما يقص عليهم من وجود طقوس سحرية غير مدققين في السبب الذي يدفع كثيراً من الناس الى بيع روحهم الى الشيطان تلقاء لذات دنيئة كأكل الجيف ليلا في أرض بور ، وكيف يرتابون من ذلك والمتهمون كانوا يقرون بجناياتهم ؟ ولهذا الاقرار كانوا يحرقون السحرة من دون أن يبكتهم ضميرهم ، وقد حرقوا في دوكية ( لورين ) وحدها أربعمئة ساحر في عشرين سنة (۱) الدمق والعذراء من ضروب العذاب لحمل الانسان على الاقرار بامر – الناشر