صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/156

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۵۶ - ا لامونى على تفسيرها وتأوياها حسبا يرى ، ويفيدنا للوقوف على ذلك أن تصفح الكتب التي تبحث فيها عن مذهب اليسوعيين وأتباع ( توما ) وأنصار ( جانسينيوس) الخ في العفو والغفران ، حينئذ نرى كيف تنيه النفوس التي ران الايمان على قلوبها . و يظهر أن أولى العبقرية أيضا يضلون عندما يدخلون في ميدان المعتقد ، مثال ذلك كتاب ( ملبرانش ) الشهير الذي سماه « التأملات » ونال رواجا سنة ١٦٨٤ حتى إنه بيع منه أو ه أربعة آلاف نسخة في أسبوع واحد . فقد جاء فيه « أن الله هو الذي يشعر و يفكر ويسير فينا وهو الذي يحرك ذراعنا حتى في الاشياء التي نفعلها على رغم أوامره ، وليس المرء هو الذي يرفع ساعد نفسه وانما الله هو الذي يرفعه وقتها بريد المرء ذلك ، فالانسان لا يقدر على الانفصال من الله الذي منحه إرادة جزئية ، ومتى نفعل الخير فالله هو الذي يفعله بنا ، ثم ان المرء مسؤول عن عمـل الشر لا عن عمل الخير ، فالشر يقع في العالم عندما يغفل الله عن صنعه ، وهذا أمر لا ريب فيه لأن الشر من عمل المجرمين . ا فهذه النصوص المتناقضة نعدها اليوم صبيانية ، ولكن لا يغيبن عن بالنا أن العالم قد تزعزع بمثلها مرات عديدة ، وأضاليل كلامية مثل هـذه لا تخص الماضى وحده ، فني الحال ما يعادلها ولربمـا ظهر نظيرها في المستقبل إذ إن معتقدات الوقت الحاضر السياسية التي تقضنا هي كتلك من حيث البطلان وسوف تصفها الاجيال القادمة بجانب تلك . وقد زعم المعتقدون في كل جيـل أن إيمانهم قام على العقل غير عالمين أن ما فيه من القوة ناشيء عن كون العقل غير مؤثر فيه، وكل مالامقل من التأثير في المعتقد الديني هو كونه يجعل المؤمن يعتبر أقاصيص الكتب المقدسة التي تناقض العلم الحديث رموزاً. ولا يقع انقسام المعتقد الى مذاهب متشاكسة في الأديان ذات الارباب المتعددة ، فهذه الأديان وان كانت تتطور الا أن تطورها يقع بانضمام آلهة جديدة اليها اعتبرت قادرة جديرة بالتحية والتعظيم ، وذلك هو السبب في كون الحروب الدينية التي خربت أوربا وضرجتها بالدماء لم تقع في القرون القديمة الوثنية . إذا فانه كان أولى بالشعوب أن تبتدىء حياتها بالإشراك ، وإنى خلافا للرأى