صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/150

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولو نظرنا إلى أكثر منازعاتنا السياسية والدينية لرأيناها ناشئة عن زعمنا الوهمي الذي تريد أن تجعل به الأمور المتباينة يؤثر بعضها في بعض كالمعتقد والمعرفة مثلاً L ا ولا تقدر على استكناه قوة المعتقدات الا إذا اعترفنا بأنها بعيدة من أي مؤثر عقلى وقد يلوح للقارىء أنه ليس من المفيد أن نعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى، ولكن ليعلم أن الأدلة مهما تكن عديدة فانها لا تكفى لمقاتلة أوهام مستعصية كهذه . ولو كان العقل قادراً على التأثير في المعتقدات لأصبح كل ما هو مخالف للصواب منها في خبر كان ، فنرى والحالة هذه أن تلك المستحيلات العقلية لا تزال ثابتة في النفوس ، ولذا ترانا مكرهين على التسليم بأنه لا مستحيل عند المؤمن وبأن المرء ليس حراً في الاعتقاد وعدمه . إن المؤثرات العاطفية والدينية التي هي أساس المعتقد هي كما قلت غير مرة سلسلة المعقولات التي تستند اليها المعرفة ، فلا فحص ولا تحقيق في أمر المعتقد وأما في أمر المعرفة فالتدقيق هو القاعدة وعلى حكمه ينزل كل معترض . تختلف عن ومما تتصف به المعتقدات هو كونها تولد أوهاما في النفوس وترغم هذه النفوس على الخضوع لسلطانها ، ثم ان الانسان قد يتخلص من ربقة الظامة المستبدين ولكنه ا يعجز عن التحرر من سيطرة المعتقدات على الدوام ، ويعـد الذين هم مستعدون للتضحية بأنفسهم في سبيل المعتقدات بالألوف مع أنه لا يعرض واحـد من هؤلاء نفسه للخطر انتصاراً لاحدى الحقائق العقلية . ولم يقدر دور العقل الذي دخل البشر فيه حديثا بفضل مبتكرات العلوم على زعزعة قوة المعتقدات ، بل ربما لم تظهر معتقدات سياسية أو دينية أو اجتماعية عديدة في زمن مثل ظهورها فيه ولا سيما في اميركا وروسيا حيث يتكون كل يوم معتقد جديد . عجز البقل عن التأثير في المعتقد قد يسيطر العقل على المعتقد عند ما باحق المعتقد قبل أفوله وهن ودروس بفعل