صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/149

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١٤٩ –

والأنسان بتركه مبدأ الوجوب في تسلسل الحوادث يعود إلى المبدأ الذي قضى

عليه بعد عناء كبير والقائل إن مصدر الحوادث هو الآلهة ذات الأهواء ، فلو أن الحادثات التي يخبر بها اولو الكرامات في الوقت الحاضر ممكنة لتقهقر العلم طائعا الى قرون الاساطير حيث كان مصير الحروب بيد الآلهة وكانت كتائب الأرواح والجن والغيلان والعفاريت تتدخل في أمور البشر اليومية ولرأينا قراءة العزائم والصلوات والقرابين والتعاويذ تصبح اليوم كما كانت في الماضي وسائل فريدة لاستعطاف هـذه القوى الهوائية .

وليس ما ينافي هذه القهقرة ، لأن نفسية الانسان الدينية تهيمن عليه في كل وقت فترغمه على الالتجاء الى ما بعد الطبيعة وإن كان البحث الدقيق في خوارق ما بعـد الطبيعة يدلنا على أن هذه الخوارق عبارة عن أوهام تكونت في نفوسنا ، وسوف نبين ذلك عند ما توضح في باب آخر كيفية تكوين بعض المعتقدات ايضاحاً قائماً على التجربة .


الفصل الثالث

الشان المنسوب إلى العقل والإرادة في تكوين المعتقد


١ – استغلال العقل و استقلال المعتقد

تعلن المباحث التي درست أمر تكوين المعتقدات أن هذه المعتقدات إرادية عقلية، ومصدر هذا الخطأ هو الشأن الكبير الذي نسب الى العقل في كتب علم النفس ، وأما نحن فقد فرقنا في هـذا الكتاب بين الذات العاطفة والذات العاقلة وأثبتنا أنه يسيطر على هاتين الذاتين أنواع منطق مختلفة وأن العقل الذي هو عنوان الذكاء مستقل عن المعتقد الذي هو عنوان المشاعر وخلق التدين ، وقد زدنا هـذا الاستقلال وضوحا عند ما قررنا أن المعتقد والمعرفة يستندان في تكوينهما الى طرق وأساليب متباينة كل التباين .