صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/145

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١٤٥ –

لا تحُرّك الجموع بالبراهين العقلية ، وأما بالمعتقد فيمكن التغلب عليها على الدوام ، والعقل، على ما فيه من سلطان يقدر أن يقاتل به الطبيعة، يعجز عن تكوين المعتقدات .

و بفضل المعتقدات التي تخرب أحيانا وتبدع غاليا وتنتصر دائما تتأسس دول التاريخ الرهيبة ودعائم الحضارات الصادقة ، ولولا المعتقدات لما عاشت الأمم .


الفصل الثاني

ما ينشأ عن المعتقدات من اليقين وما يقنع به المؤمنون من الأدلة


١ – ما ينشأ عن المعتقدات من اليقين.

ينشأ عن المعتقد القوى يقين لا يزعزعه شيء ، ومن مثل هذا اليقين تشتق اكثر حوادث التاريخ أهمية ؛ فقد أيقن محمد ( صلعم ) أن الله أمره بالدعوة إلى دين جديد أوحى به لتجديد العالم فاستطاع بفضلى يقينه أن يقلب الدنيا ، وايقن بطرس الراهب أن الرب يريد استرداد قبر المسيح من يد الكفار فاستطاع بقوة ايمانه أن يسوق ملايين من الرجال الى الهلاك ، وأيقن لوثر أن البابا عدو المسيح وأن لا أساس للمطير في النصرانية فاستطاع بذلك اليقين أن يشعل في أوربا حروبا امتدت قرونا طويلة ، وأيقن قساوسة محكمة التفتيش أن الرب يريد حرق الخوارج فاستطاعوا فعل هذا اليقين أن يستأصلوا أهل اسبانيا ، وأيقن شارل التاسع ولويس الرابع عشر أن خالق السماوات والأرض لا يسمح ببقاء البروتستان فأوجب الأول حدوث ملحمة السان برتامى وطاردهم الثاني شر مطاردة ، وأيقن رجال العهد بوجوب ضرب كثير من الرقاب في سبيل سعادة البشر فأدى ذلك الى وقوع حروب كثيرة ثم الى اعلان الحكم المطلق ، وهلك من أجل هذا ثلاثة ملايين من الرجال في أوربا ، ويوقن اليوم مئات من أبناء الطبقات الوسطى بأن الاشتراكية ستصلح الكون فهم بهذا اليقين يقوضون غاضبين دعائم المجتمع الذي يعيشون فيه .


( ۱۰ ) – الآراء