صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/118

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ۱۱۸–

والتراصف الروح على الخصوص في الأحوال العظيمة ذات العلاقة تبصير الشعب كله ، وأما الروح الثانية فتتجلى بالعكس في أدق أحوال الحياة اليومية المعتادة المذكور للروح الفردية على الروح الجامعة هو كما بينت سابقا عبارة عن حادثة نشاهد مثلها في جميع ذوات الحياة التي يشتمل كل نوع منها على صفات خاصة غير الصفات العامة للجنس الذي تنتمي اليه . ولا نبحث هنا عن المساعي العظيمة التي بذلت على مر الأجيال لتحرير روح الفرد بالتدريج من روح المجموع التي لا مناص للمصلحة الاجتماعية من أن تحافظ عليها بفعل المعتقدات الدينية والبيئة والعادات والتقاليد والقوانين ، فايضاح سلسلة تلك الجهود هو تدوين صحائف التاريخ جميعها ، و يعلمنا مثل ذلك البحث أن عدد الرجال الذين استطاعوا بتعاقب الأزمنة ان يتخلصوا من نير روح المجموع قليل الى الغاية ، وأن البشر مدين لهؤلاء الرجال بما في المجتمع من مبتكرات هي - ر ارتقائه ، وأن المجتمعات التي كانوا سر حياتهـا قامت ضدهم على الدوام ، وأنه إذا نظر اليهم أحيانا بعين التسامح فذلك لوقت معلوم ، ويمكننا أن نعد مناحي الاشتراكية والنقابية في الزمن الحاضر عناوين جديدة لمجهودات المجتمعات في سبيل توحيد الرجال وجعلهم ذوى آراء ومعتقدات وحركات واحدة . وأهم الحادثات التي أشرنا اليها في هذا الفصل هي شروع المجتمعات الحاضرة في التحول إلى زمر صغيرة مستقلة متشاكسة متشاحنة تسعى كل منها في الانفراد حتى تخسر الأمم وحدتها ، وأن روح الفرد التي عملت قرونا كثيرة لتتفات قليلاً من روح المجموع تعود اليها في أيامنا . L C إذا نشاهد الآن ميـل الشعوب المتمدنة الى التقهقر نحو مزاج نفسى منحط كالذي كان سائدا للأجيال الأولى ، وسوف تكون منازعات المستقبل الكبيرة بين زمر الأمة الواحدة أكثر منها بين أمم مختلفة ، نعم أن فناء روح الفرد في روح الزمرة يمنح هـذه الزمرة قوة لا ريب فيها ، ولكن ذلك لا يؤدي الى رقي في المجتمع أو الأفراد ، فالرجل لا يكون قديراً ذا نفوذ إلا اذا تحرر من ربقة روح المجموع ا