صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/117

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ۱۱۷ -


المتأخرة كالشعب الأمامي مثلاً ، فقد لاحظ الموسيو ( پول جيران ) حاكم الهند الصينية أن القضاة الأوربيين لا يفقهون حقوق تلك البلاد على ما يظهر لاعتبارهم فاعل الجرم وحده هو المسؤول وهم يعدون المبدأ القائل بعقاب رجل على فعل لم يقترفه أمراً همجيا مخالفا للادب والذوق . والواقع أن المبدأ المذكور لم يكن مضاداً للطبيعة عند الاناميين الذين كثيراً ما يعدمون رجالاً ينتسبون الى قبيلة القاتل وان لم يشترك هؤلاء الرجال في جريمة القتل ، ولماذا يقع ذلك ؟ يحدث ذلك للسبب النفسي المذكور آنفا والقائل إنه لما كان أفراد أحد الزمر الاجتماعية غير مختلفين فانه ليس عندهم سوى روح زمرتهم الجامعة ، وهذا مبدأ عام لتطبيقه على الشعوب كلها في أوائل أدوارها . الحقوق الأولى لا تفرق بين شخصية الفردوبين زيرته ، ولذلك تعاقب لا بل الزمرة جميعها أو أي قسم منها ، وكيف تقرر القوانين خلاف ذلك وهى بنت العادة ؟ إن المحكوم عليه لا يحتج على مثل تلك الحقوق التي وإن كانت ظالمة جائرة في نظر المتمدن إلا أنها عادلة منصفة عند رجل يشعر بارتباطه باحدى الزمر ارتباطا وثيقاً لا يعتقد به إمكان فصله عنها ، والأوروبيون أنفسهم يرجعون أيام الحرب الى تلك الحقوق الفطرية حينها يرمون الرجال المرهونين بالرصاص مستندين الى مبدأ المسؤولية المشتركة . ، ويلوح لمنا أنهم من أن يعودوا الى المبدا المذكور على وجه أعم اذا استمرت المجتمعات الحاضرة على الانقسام الى زمر كما بينا سابقا . وما في أفراد القبيلة الواحدة من عدم اختلاف في الروح يشاهد مثله في الجسم وقد أثبت بمباحثى الكثيرة في ألوف من الجماجم أن تجانس الأمة من الوجهـة التشريحية يكون عظياً بنسبة تقهقرنا الى أصلها وأن الأمة كلا تقدمت اختلفت جماجم أبنائها أكثر منها في الماضي ، وهذا ما يقارب اخبار السياح الذين يبينون أن أفراد القبيلة المتوحشة يتشابهون تشابها موجبا للحيرة حتى إنه يصعب التفريق بين الجنسين فيهم . وعند الأمم المتمدنة ما عند الفطر بين من روح جامعة ، غير أن الأرواح الفردية تجمل تأثيرها محدوداً ، فالروح الأولى هي التي سميناها روح العرق ، وتظهر هـذه