وهو مفيد فليراجع، ومما يتوقف فيه زعمهم في المصحفين أنهما بخط الإمامين علي وعثمان رضي الله عنهما، وقد تقدم في فصل الآثار النبوية التي بمصر ذكر مصحف معها قيل إنه بخط أمير المؤمنين أيضاً، وآخر قيل إنه بخط ذي النورين، وأشرنا هناك إلى استبعادنا صحة ذلك، والله أعلم.
أما مفاتيح مكة التي ذكروها فلا ندري أأُرجعت أم عملت لمكة مفاتيح غيرها، فإن مفاتيحها حملت إلى دار الملك مرة أخرى سنة ١٢٢٨ بعد انتزاع الحجاز من الوهابية مدة العزيز محمد عليّ، وكان أرسل بها مع مملوكه لطيف أغا مبشراً بالفتح، وذكر الجبرتي خبر وصوله إلى القسطنطينية واحتفالهم به بما نصه: «وعند دخوله إلى البلدة عملوا له موكباً عظيماً مشى فيه أعيان الدولة وأكابرها وصحبته عدة مفاتيح زعموا أنها مفاتيح مكة وجدة والمدينة، وضعوها على صفائح الذهب والفضة، وأمامها البخورات في مجامر الذهب والفضة والعطر والطيب، وخلفهم الطبول والزمور، وعملوا لذلك شنّكاً ومدافع، وأنعم عليه السلطان وأعطاه خلعاً وهدايا وكذلك أكابر الدولة، وأنعم عليه الخنكار بطوخين1 وصار يقال له: لطيف باشا» اهـ.
وكانت نهاية لطيف باشا هذا أنه عاد إلى مصر مزوّداً من رجال الدولة
- ↑ الطوخ يقال له في التركية (توغ) بالتاء والغين المعجمة وهو دخيل فيها من الفارسية، وكان قديماً في الدولة العثمانية من الشارات الخاصة بذوي الرتب من رجالها، وهو خصلة من ذنب الفرس تعلق على رمح يرفع على رأس العظيم منهم، وكان الرسم أن يكون لأمير اللواء توغ واحد على الرمح فإذا كان أميرًا للأمراء علق على رمحه توغان وكان للوزير ثلاثة وللصدر الأعظم خمسة وللسلطان في زمن الحرب سبعة.