انتقل إلى المحتوى

صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

‏ليذبحه، ويعمل جلده قطعًا، وأنا خائف عليك، ونصحتك والسلام. فلما سمع الثور كلام الحمار شكره، وقال: في غدٍ أسرح معهم. ثم إن الثور أكل كل علفه بتمامه حتى لحس المذود بلسانه، كل ذلك وصاحبهما يسمع كلامهما، فلما طلع النهار خرج التاجر وزوجته إلى دار البقر وجلسَا، فجاء السواق وأخذ الثور وخرج، فلما رأى الثور صاحبَه، حرَّكَ ذنبه وضرط وبرطع، فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه، فقالت له زوجته: من أي شيء تضحك؟ فقال لها: شيء رأيته وسمعته، ولا أقدر أن أبوح به فأموت. فقالت له: لا بد أن تخبرني بذلك، وما سبب ضحك، ولو كنتَ تموت. فقال لها: ما أقدر أن أبوح به خوفًا من الموت. فقالت له: أنت لم تضحك إلا عليَّ. ثم إنها لم تزل تُلِحُّ عليه وتلج في الكلام إلى أن غلبت عليه وتحيَّر، وأحضر أولاده وأرسل في إحضار القاضي والشهود، ‏وأراد أن يوصي، ثم يبوح لها بالسر ويموت؛ لأنه كان يحبها محبَّةً عظيمة لأنها بنت عمه وأم أولاده، وكان قد عمَّرَ من العمر مائةً وعشرين سنة، ثم إنه أحضر جميع أهلها وأهل حارته، وقال لهم حكايته، وأنه متى قال لأحد على سره مات، فقال لها جميع الناس ممَّن حضرها: بالله عليك اتركي هذا الأمر لئلا يموت زوجك أبو أولادك. فقالت لهم: لا أرجع عنه حتى يقول لي ولو يموت. فسكتوا عنها، ثم إن التاجر قام من عندهم، وتوجَّه إلى دار الدواب ليتوضَّأ، ثم يرجع يقول لهم ويموت، وكان عنده ديك تحته خمسون دجاجة، وكان عنده كلب، فسمع التاجر الكلبَ وهو ينادي الديك ويسبُّه، ويقول له: أنت فرحان وصاحبنا رايح يموت! فقال الديك للكلب: وكيف ذلك الأمر؟ فأعاد الكلب عليه القصة، فقال له الديك: والله إن صاحبنا قليل العقل، أنا لي خمسون زوجة أُرضي هذه وأغضب هذه، وهو ما له إلا زوجة واحدة، ولا يعرف صلاحَ أمره معها، فما له لا يأخذ لها بعضًا من عيدان التوت، ثم يدخل إلى حجرتها ويضربها حتى تموت، أو تتوب، ولا تعود تسأله عن شيء؟ قال: فلما سمع التاجر كلامَ الديك وهو يخاطب الكلب، رجع إلى عقله وعزم على ضربها.

‏ثم قال الوزير لابنته شهرزاد: ربما فعل بك مثل ما فعل التاجر بزوجته. فقالت له: ما فعل؟ قال: دخل عليها الحجرة بعدما قطع له عيدان التوت، وخبَّأها داخل الحجرة، وقال لها: تعالي داخل الحجرة حتى أقول لك، ولا ينظرني أحد، ثم أموت. فدخلت معه، ثم إنه قفل باب الحجرة عليهما، ونزل عليها بالضرب إلى أن أغمي عليها، فقالت له: تُبْتُ. ثم إنها قَبَّلَتْ يدَيْه ورجلَيْه وتابت، وخرجت هي وإياه، وفرح الجماعة وأهلها، وقعدوا في أسر الأحوال إلى الممات.

‏فلما سمعت ابنة الوزير مقالة أبيها قالت له: لا بد من ذلك. فجهَّزَها وطلع إلى الملك شهريار، وكانت قد أوصت أختها الصغيرة، وقالت لها: إذا توجَّهْتُ إلى الملك أُرسِلُ أطلبك،

١٧