ثم ان نزهة الزمان أخت ضوء المكان صارت تمشی وتلتفت يمينا ويسارا واذا بشيخ مسافر من البدو ومعه خمسة أنفار من العرب قد التفت الى نزهة الزمان فرآها جميلة وعلى رأسها عباءة مقطعة فتعجب من حسنها وقال فی نفسه ان هذه جميلة ولكنها ذات قشف فان كانت من أهل هذه المدينة أو كانت غريبة فلا بد لی منها ثم انه تبعها قليلا قليلا حتى تعرض لها فی الطريق فی مكان ضيق وناداها ليسألها عن حالها وقال لها يا بنية هل أنت حرة أم مملوكة فلما سمعت كلامه نظرت اليه وقالت له بحياتك لا تجدد علی الاحزان فقال لها اني رزقت ست بنات مات لی منهن خمسة وبقيت واحدة وهي أصغرهن واتيت اليك لاسألك هل أنت من أهل هذه المدينة أو غريبة لاجل ان آخذك واجعلك عندها لتؤانسيها فتشتغل بك عن الحزن على اخواتها فان لم يكن لك أحد جعلتك مثل واحدة منهن وتصيرين مثل أولادی فلما سمعت نزهة الزمان كلامه قالت فی سرها عسى ان آمن على نفسی عند هذا الشيخ ثم أطرقت برأسها من الحياء وقالت يا عم أنا بنت غريبة ولی أخ ضعيف فانا أمضی معك الى بيتك بشرط ان اكون عندها بالنهار وبالليل أمضی الى أخي فان قبلت هذا الشرط مضيت معك لانی غريبة وكنت عزيزة فاصبحت ذليلة حقيرة وجئت انا واخي من بلاد الحجاز واخاف ان أخي لا يعرف لی مكانا فلما سمع البدوی كلامها قال فی نفسه والله انی فزت بمطلوبی ثم قال لها ما أريد الا لتؤانسی بنتی نهارا وتمضی الى اخيك ليلا وان شئت فانقليه الى مكاننا ولم يزل البدوی يطيب قلبها ويلين لها الكلام الى ان وافقته على الخدمة ومشى قدامها وتبعته ولم يزل سائرا الى جماعته وكان قد هيئوا الجمال ووضعوا عليها الاحمال ووضعوا فوقها الماء والزاد وكان البدوی قاطع الطريق وخائن الرفيق وصاحب مكر وحيل ولم يكن عنده بنت ولا ولد وانما قال ذلك الكلام حيلة على هذه البنت المسكينة لامر قدره الله ثم أن البدوی صار يحدثها فی الطريق الى أن خرج من مدينة القدس واجتمع برفقته فوجدهم قد رحلوا الجمال فركب البدوی جملا واردفها خلفه وساروا معظم الليل فعرفت نزهة الزمان ان كلام البدوی كان حيلة عليها وانه مكر بها فصارت تبكی وتصرخ وهم فی الطريق قاصدين الجبال خوفا ان يراهم أحد فلما صاروا قريب الفجر نزلوا عن الجمال وتقدم البدوی الى نزهة الزمان وقال لها يا مدنية ما هذا البكاء والله ان لم تتركی البكاء ضربتك الى ان تهلكی يا قطعة حضرية فلما سمعت نزهة الزمان كلامه كرهت الحياة وتمنت الموت فالتفتت اليه وقالت له يا شيخ السوء يا شيبة جهنم كيف استأمنتك وانت تخوننی وتمكر بی فلما سمع البدوی كلامها قال لها يا قطعة حضرية ألك لسان تجاوبيننی به وقام اليها ومعه سوط فضربها وقال ان لم تسكتی قتلتك فسكتت ساعة ثم تفكرت أخاها وما هو فيه من الامراض فبكت سرا وفي ثانی يوم التفتت الى البدوی وقالت له كيف تعمل على هذه الحيلة حتى اتيت بی الى هذه الجبال القفرة وما قصدك منی فلما سمع كلامها قسا قلبه وقال لها يا قطعة حضرية ألك لسان تجاوبيننی م-۱۳ الف ليلة المجلد الاول
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/197
المظهر