صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/198

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

به واخذ السوط ونزل به على ظهرها الى أن غشی عليها فانكبت على رجليه وقبلتهما فكف عنها الضرب وصار يشتمها ويقول لها وحق طرطوری ان سمعتك تبكين قطعت لسانك ودسته فی فرجك يا قطعة حضرية فعند ذلك سكتت ولم ترد جوابا وآلمها الضرب فقعدت على قرافيصها وجعلت رأسها فی طوقها وصارت تتفكر في حالها وفی حال أخيها وفی ذلها بعد العز وفي مرض أخيها ووحدته واغترابهما وأرسلت دموعها على الوجنات وأنشدت هذه الابيات

من عادة الدهر ادبار واقبال
فمايدوم له بين الورى حال
وكل شیء من الدنيا له أجل
وتنقضی لجميع الناس آجال
كما احمل الضيم والاهوال يا أسفی
من عيشة كلها ضيم وأهوال
لا أسعد الله أياما عززت بها
دهرا وفی طي ذاك العز اذلال
قد خاب قصدی وآمالی بها انصرمت
وقد تقطع بالتغريب أوصال
يا من يمر على دار فیها سكنی
بلغه عنی ان الدمع هطال

فلما سمع البدوي شعرها عطف عليها ورثى لها ورحمها وقام اليها ومسح دموعها وأعطاها قرصا من شعير وقال لها انا لا أحب من بجاوبنی في وقت الغيظ وأنت بعد ذلك لا تجاوبيننی بشیء من هذا الكلام الفاحش وأنا أبيعك لرجل جيد مثلی يفعل معك الخير مثل ما فعلت معك قالت نعم ما تفعل ثم انها لما طال عليها الليل واحرقها الجوع اكلت من ذلك القرص الشعير شيئا يسيرا فلما انتصف الليل أمر البدوی جماعته أن يسافروا.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح

(وفی لیلة 73) قالت بلغنی أيها الملك السعيد أن البدوی لما أعطى نزهة الزمان القرص الشعير ووعدها أن يبيعها لرجل جيد مثله قالت له نعم ما تفعل فلما انتصف الليل واحرقها الجوع اكلت من القرص الشعير شيئا يسيرا ثم أن البدوی أمرجماعته أن یسافروا فحملوا الجمال ورکب البدوی جملا واردف نزهة الزمان خلفه وساروا وما زالوا سائرين مدة ثلاثة أيام ثم دخلوا مدينة دمشق ونزلوا فی خان السلطان بجانب باب الملك وقد تغير لون نزهة الزمان من الحزن وتعب السفر فصارت تبكی من أجل ذلك فاقبل عليها البدوی وقال لها يا حضرية وحق طرطوری ان لم تتركی هذا البكاء لا أبيعك الا ليهودی ثم انه قام وأخذ بيدها وأدخلها في مكان وتمشى الى السوق ومر على التجار الذين بتجرون فی لجواری وصار يكلمهم ثم قال لهم عندی جارية اتيت بها معي واخوها ضعيف فأرسلته الى أهلی فی مدينة القدس لاجل أن يداووه حتى يبرأ وقصدی ان أبيعها ومن يوم ضعف أخوها وهی تبكی وصعب عليها فراقه وأريد ان الذی يشتريها منی يلين لها الكلام ويقول لها أن أخاك عندی فی القدس ضعيف وأنا أرخص له ثمنها فنهض له رجل من التجار وقال له كم عمرها فقال هی بكر بالغة ذات عقل وأدب وفطنة وحسن وجمال ومن حين أرسلت أخاها إلى القدس اشتغل قلبها وتغيرت محاسنها وانهزل سمنها فلما سمع التاجر ذلك تمشى مع البدوی وقال له اعلم يا شيخ العرب انی أروح معك واشتری منك الجارية التی تمدحها وتشكر عقلها وأدبها وحسنها وجمالها وأعطيك ثمنها واشرط عليك شروطا ان