الثاني _أن السنة إما بيان للكتاب ، أو زيادة على ذلك، فإن كانت بيانا كانت ثانياً على المبين في الاعتبار - إذ يلزم من سقوط المبين سقوط البيان، ولا يلزم من سقوط البيان سقوط المبين ـ وما شأنه هذا فهو أولى في التقدم ، وإن لم يكن بياناً فلا يعتبر إلا بعد ألا يوجد في الكتاب ، وذلك دليل على تقديم اعتبار الكتاب .
الثالث ـ ما دل على ذلك من الأخبار والآثار كحديث معاذ ، بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله . قال ، فإن لم تجد ؟ قال : بسنة رسول الله . قال : فإن لم تجد ؟ قال : أجتهد رأى 1
وبعد ما أورد الشاطبي أدلة كثيرة عن عمر وابن مسعود وابن عباس تثبت ذلك قال : والمقطوع به في المسألة أن السنة ليست كالكتاب في مراتب الاعتبار
للمسلمين . ومما قاله : « إن السنة بمنزلة التفسير والشرح لمعاني أحكام الكتاب ، ودل على ذلك قوله تعالى : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) ، وأن السنة راجعة في معناها إلى الكتاب ، فهي تفصيل مجمله ، وبيان مشكله ، وبسط مختصره ، وذلك لأنها بيان له ، وهو الذي دل عليه قوله تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) فلا تجد في السنة 2 أمراً إلا والقرآن قد دل على معناه دلالة إجمالية أو تفصيلية ، وأيضاً فكل ما دل على أن القرآن هو كلية الشريعة 3 وينبوع لها فهو دليل على ذلك ولأن الله قال : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) : وفسرت عائشة ذلك بأن خُلقه القرآن واقتصرت في خلقه على ذلك ... فدل على أن قوله وفعله وإقراره راجع إلى القرآن لأن الخلق محصور في هذه الأشياء، ولأن الله جعل القرآن تبياناً لكل شيء 4 فيلزم من ذلك أن تكون السنة حاصلة فيه في الجملة ، لأن الأمر والنهى أول ما في الكتاب ، ومثل قوله : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء 5 وقوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم) وهو يريد بإنزال القرآن - فالسنة إذن في محصول الأمر بيان