صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/242

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ۲۳۰ -

منهم آمنين مأمونا من شرهم

فهؤلاء النقاد الاصاغر أشبه شيء بالبعوض الذي يحاول أن يلدغ بأبرته الضئيلة الواهية المناكب العراض والاعناق الضخمة من أسود المجتمع وضياغمه فتكل ابرتهم وتنبرى دون أن تنال تلك الليوث بأدنى ضائر . أو هم كما قال الأعشى

كناطح صخرة يوماً ليفلقها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

هذا البعوض النقاد مازال يظهر في العالم منذ كان العالم لم يخل منه عصر من العصور ولا مصر من الامصار . فنحن نتلو نبأه في اليازة هوميروس تحت اسم « ثرسيثيس » ذلك المخلوق الحقير الذي لم يكن له هم ولا دأب الاسب الامراء والملوك فكان جزاؤه على الدوام الضرب بالعصى والجلد بالسياط . وأشد عذاباً عليه من ذلك شوكة الحسد المضيض وابرة الحمد الأليم التي قضى عليه أن لا يزال يحملها في جلده ، وجمرة الغيظ والحنق التي قيض له أن لاتنفك مدفونة في صميم كبده . وحسبه فشلا وخيبة مع كل ذلك أن تصبح آراؤه الوجيهة الرشيدة. وانتقاداته السليمة السديدة ـ يوما ما ان عاجلا أو آجلا ـ قد ذهبت بـعـد كل مجهوداته الجسيمة ومحاولاته العظيمة هباء منثورا . « وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا : »