صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/23

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ۱۱ -

لايزال يومىء اليها ان نتتبع شبحه المتلون في تلك المجاهل والمعاسف مشرقا عليها تارة بابتسامة المطاف والتشجيع وتارة متأججا متوهجا بلهيب النذير والتحذير ـ ولكنه باق امام عينها في جميع الحالات وعلى كل التقلبات لايخبو مصباحه ، ولا يخمد لماحه . ـ حتى في اشد حالات اليأس والقنوط . وما هو اليأس وما معناه ؟ وهل اليأس سوى نوع من الامل ؟ وهل كان فرط اليأس وغلواؤه إلا مقياسا لمبلغ ما فينا من قوة وحياة ومقياسا ايضا لمقدار حقنا في الامل و لرجاء ؟ وهل ترى دخان اليأس مهما اشتد سواده الا مصيبا يوما ما من روح الله ومن همة الشعب جذوة صدق وجمرة حق تشمله ضراما وهاجا يملاْ الارض والسماء بضيائه؟

لاخوف على الامة المصرية الكريمة مما اصابها من شديد الحزن لاسوأ ماحل بها اثناء جهادها المجيد - اعنى لتلك المذكرة الايضاحية التي مست صميم كرامتها وجرحت كبرياءها وعزتها وسخرت من مقدس امانيها ومطالبها . لاخوف على الامة المصرية مما اصابها من حزن وكمد في سبيل جهادها ، بل لاخوف على الامم عامة ولا على الافراد من الحزن الشريف والكمد المجيد فان نيران مثل هذا الحزن لهى خير بوتفة لتصفية جوهر النفس وتنقية معدن الروح ، وهي اقوى اداة لاشعال الهمم ؟