صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/211

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۱۹۹ – أو الحديث صفة الجزالة والفحولة ومزية الجلال والعظمة وتطبعها بطابع المجد والخلود . فاذا خلت الخطبة من هذه الصفات العظيمة والميزات الجليلة واقتصرت على الخلابات اللفظية والبراعات البيانية كانت فائدتها وقتية واثرها سريع الزوال وكان قصارى فعلها أن تسترق الاذان بحلو اللفظ وعذب الكلام وتلذ ملكة التصور والخيال فتكون بمثابة ملهاة ومسلاة ليس الا . فهي وان أثرت اشد الاثر في وقتها وساعتها فليست تعدو كونها خدعة وشعوذة لايلبث أثرها ان يضمحل فيزول فهي اشبه شيء بصوت الآلة الموسيقية تمر في الطرقات والشوارع فتحرك خيال المارة وتثير عواطفهم وتتركهم وكأنهم شعراء لحظة من الوقت ريثما ترن في اسماعهم نغماتها ولكنها لا تلبث أن يزول اثرها من النفوس متى تحولت الى الحي المجاور . لذلك ارى ان اللسان الطلق الذليق اذا لم يكن من الحدة بحيث لو يوضع على الشعر لحلقه . وعلى الصخر لفلقه . ولو لعق النجم : لمحاه . أو القمر لطواه . لكان أقصي جهده أن يحدث نشوة لا تلبث أن تزول وغاية ما يستحقه أن يدرج في عداد المسكرات والمخدرات كالافيون والحمرة . ولكان أحسن علاج يتقى به تأثيره سدادات الفطن تجعل في المسامع أو قطع الشمع التي جاء في اساطير اليونان