صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/202

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۱۹۰ - الخطيرة الجائلة في وجدانك فنترجمها الى انهاء سامعيك باقرب لغة وأعلقها بأذهانهم وأوقعها في نفوسهم . ولا مراء في أن هـذه القدرة العظيمة ـ هذه الكيمياء العجيبة التي تستطيع أن نحول الحقائق المنقوشة بلغة الخالق على صحف الضمائر المرقومة بالقلم العلوى في سجلات السرائر الى حقائق مؤداة بلغة سامعيك من الجماعات والافراد لهي أبدع سلاح طبع في مسبك الصانع الاجل والسيقل الاعظم لا نعني بلغة الخطيب التي ينقل بها افكاره الى اذهان سامعيه مجرد ما يفوه به من الالفاظ والعبارات ـ وهذه أحقر وسائل تأديته وأيسر وسائط ابلاغه ـ وانما نعني ذلك التيار الروحاني المنبعث من ينبوع نفسه والسيال الكهربائي المنبث من جهاز أعصابه . وكما ان القائد العظيم يحرز النصر لا بكثرة الوقائع والملاحم ولكن بفضل ما يديره من الحيل والمناورات فكذلك الخطابة والمناظرة هي حرب افكار وارواح . فالالفاظ المنطوفة هي أضعف عناصر الخطبة وأقل أجزائها.وانما الاساسي الجوهري الذي عليه المعتمد والمعول هو موقف الخطيب وما تنم عنه هيئته وصوته و نغمته وحركاته وشمائله من قوة رجولته وسموهمته ومن انه يحمل بين جنبيه روحاً أجل واعظم من روح المخاطب.