صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/160

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- 148 - والنشاط . ألم يقل الحكماء ان الدنيا تنساق للنشط المعتزم . والمنجرد المصمم ؟ الا ترى أن قوة الارادة ومضاء العزيمة تخلق له عينين جديدتين يرى بهما من ضروب الحيل والتدابير وصنوف الذرائع والوسائط مالم يكن يراه من قبل؟ هلا نظرت الى الرجل المتشائم الواهن العزم الفائر الهمة كيف يجد نفسه مقروراً ويظل يرتعد ويرتعش وعليه مثـل جلد الفيل وفروة الدب من دافىء النياب والملابس . ثم نظرت الى « الاسكيمو ، ساكن القطب ـ ذلك المتفائل المبتهج المملوء مرحاً ونشاطاً كيف يصنع لنفسه ثياباً دفئة من البرد والبلل والثلج ذاته . افلا تعلم - علمت الخير ـ ان من المصاعب والاخطار ذاتها ومن الاهوال والمحن والمصائب يعرف الرجل المتفائل المرح العزوم كيف يخلق الاسباب والحيل لتذليل هذه المصاعب وازالة هذه الاخطار وابادة تلك المحن والمصائب ؟ اليست الطبيعة ذاتها تلقى علينا هـذا الدرس حينما تراها تحفظ على البحيرات دفأها وحرارتها بتغطيتها بملاءة من التاج وتصنع مثل ذلك بإديم الأرض بتنشيته لحافا من الجليد ؟ ان المتشائم يسكن الجنة فيصيرهامن جراء سخطه وضجره وفتور عزمه وقلة حيله جهنا . ويسكن المتفائل النار فيصيرها بفضل انشراحه وارتياحه وبحدة نشاطه وقوة عزيمته وسعة تدبيره