صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/118

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-1.7- الوطنية في كلا الفريقين جوهر لايقبل التجزئة والتقسيم ولا النقص والزيادة وانما تختلف مظهراً في الفئتين تبعا لشدة اندفاعه وطغيانه بلا رقيب ولا مدير في الواحدة أو انطلاقه في زمام العقل وعنان الحكمة ومسراه في ضياء الرأي والبصيرة في الثانية. و بعد كل هذا الكلام ارجوا ان اكون اقنعت من عساه يكون قد اساء فهم مرامي فظن اني طعنت في وطنية فرد ما من افراد شعبنا الكريم - أني ماقصدت البتة الى ادنى شيء من ذلك ، بل الذي أقوله هو عكس ذلك كما حاولت اثباته بالبراهين الآنفة من ان الوطنية تظهر في فئة المعارضين على اشد مابدت فيه الوطنية منذ خلق العالم من اسطع الصور واعنف المظاهر . فان كان فيها علة فأنا هي الافراط والطغيان لا الفتور والضعف و ان كان بها آفة فهاتيك هي العنف والبطاش لا اللين والهوادة . فان كنت آخذ عليها شيئاً فذلك هو الزيادة لا النقصان . وهنا اقول ان الذين يذهبون الى فصل الوطنية عن مظاهر التعقل من الاناة والتؤدة والرفق والهوادة بحجة ان هذه العوامل من شأنها أن تضعف من قوة الوطنية وتكسر من حدتها فتعوق كثيراً او قليلا من فرط اندفاعها وشدة انصبابها الى ما ترمى اليه من شريف غايتها ـ قد فطنوا الى شيء وغابت عنهم أشياء.