رسالة التوابع والزوابع/الفصل الثاني
فقال لي زهير: من تريد بعده؟ فقلت: ملْ بي إلى الخُطباء، فقد قضيتُ وَطَراً من الشعراء. فركضنا حيناً طاعنين في مطلع الشمس، ولقينا فارساً أسرّ إلى زهير، وانجزع عنا، فقال لي زهير: جُمعتْ لك خُطباء الجنّ بمَرْج دُهمان، وبيننا وبينهم فرسخان، فقد كُفيتُ العناء إليهم على انفرادهم. قلت: لم ذاك؟ قال: للفَرْق بين كلامين اختلف فيه فتيان الجن.
وانتهينا إلى المَرْج فإذا بنادٍ عظيم، قد جمع كل زعيم، فصاح زهير: السلام على فُرسان الكلام. فردّوا وأشاروا بالنزول. فأفرجوا حتى صرنا مركز هالةِ مجلسهم، والكل منهم ناظرٌ إلى شيخٍ أصلع، جاحظ العين اليُمنى، على رأسه قلَنسوةٌ بيضاء طويلة. فقلت سرّاً لزهير: من ذلك؟ قال: عُتْبةُ بن أرقم صاحب الجاحظ، وكُنيتُه أبو عُيينة. قلت: بأبي هو! ليس رغبتي سواه، وغير صاحب عبد الحميد. فقال لي: إنه ذلك الشيخ الذي إلى جنبه. وعرّفه صَغوي إليه وقولي فيه. فاستدناني وأخذ في الكلام معي، فصمت أهل المجلس، فقال: إنك لخطيب، وحائكٌ للكلام مُجيد، لولا أنك مُغْزىً بالسجع، فكلامك نظمٌ لا نثر.
فقلتُ في نفسي: قرعَكَ، بالله، بقارعته، وجاءك بمُماثَلته. ثم قلت له: ليس هذا، أعزّك الله، منّي جَهلاً بأمر السجع، وما في المماثَلة والمقابلة من فضْل، ولكني عدمتُ فرسان الكلام، ودُهيتُ بغباوة أهل الزمان، وبالحَرا أن أحرِّكهم بالازدواج. ولو فرشتُ للكلام فيهم طَولقاً، وتحركت لهم حركة مَشُوْلم، لكان أرفع لي عندهم، وأولج في نفوسهم.
فقال: أهذا على تلك المناظر، وكبَر تلك المحابر، وكمال تلك الطيالس؟ قلت: نعم، إنها لِحاء الشجر، وليش ثمّ ثمرٌ ولا عَبَق. قال لي: صدقتَ، إني أراك قد ماثلْتَ معي. قلت: كما سمعت. قال: فكيف كلامهم بينهم؟ قلت: ليس لسيبويه فيه عمل، ولا للفَراهيدي إليه طريق، ولا للبَيان عليه سمة. إنما هي لُكنةٌ أعجميةٌ يُؤدّون بها المعاني تأدية المَجوس والنَّبَط. فصاح: إنا لله، ذهبت العربُ وكلامُها! ارمهم يا هذا بسَجع الكُهّان، فعسى أن ينفعك عندهم، ويُطير لك ذِكراً فيهم. وما أُراك، مع ذلك، إلا ثقيل الوطأة عليهم، كَريهَ المجيء إليهم. |فقال الشيخ الذي إلى جانبه، وقد علمتُ أنه صاحب عبد الحميد، ونفسي مرتقِبةٌ إلى ما يكون منه: لا يَغُرَّنْك منه، أبا عُيينة، ما تكلّف لك من المماثلة، إن السجع لطبعه، وإن ما أسمّعك كُلْفة. ولو امتدّ به طَلَقُ الكلام، وجرت أفراسه في مَيْدان البَيان، لصلى كَودَنُه وكل بُرثُنُه. وما أُراه إلاّ من اللُّكْن الذين ذّكَر، وإلاّ فما للفصاحة لا تهدِر، ولا للأعْرابية لا تومِض؟ فقلتُ في نفسي: طبع عبد الحميد ومساقُه، وربِّ الكعبة! فقلت له: لقد عجِلْتَ، أبا هُبيرة، - وقد كان زهيرٌ عرّفني بكُنيته - إنّ قوسَكَ لنبع، وإن سهمك لسُمّ، أحِماراً رميتَ أن إنساناً، وقعقعةً طلبْتَ أم بَياناً؟ وأبيك، إن البَيان لصعْب، وإنك منه لفي عباءةٍ تتكشّف عنها أسْتاه معانيك، تكشُّف اسْتِ العَنْز عم ذنبها. الزمان دفءٌ لا قُرّ، والكلام، عراقي لا شامي. إني لأرى من دم اليَربوع بكفّيك، وألمح من كُشى الضبّ على ماضِغيك. فتبسّم إليّ وقال: أهكذا أنت يا أُطَيلِسْ، تركَب لكلٍّ نهجه، وتعجّ إليه عجّه؟ فقلت: الذئب أطلس، وإنّ التيْس ما علمْت! فصاح به أبو عُيينة: لا تعرِض له، وبالحَرا أن تخْلُص منه. فقلت: الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام! فقال: إنها كافيةٌ لو كان له جِحْر. فبَسَطاني وسألاني أن أقرأ عليهما من رسائلي، فقرأتُ رسالتي في صفة البَرْد والنار والحطب فاستحسناها.
رسالة الحلواء
ومن رسالتي في الحَلواء حيث أقول: خرجتُ في لمّةٍ من الأصحاب، وثُبَةٍ من الأتراب، فيهم فقيهٌ ذو لَقْم، ولم أعرَّفْ به، وغَريم بطنٍ، ولم أشعر له، رأى الحَلواء فاستخفّه الشره، واضطرب به الولَه، فدار قس ثيابه، وأسال من لُعابه، حتى وقف بالأكداس وخالط غَمار الناس، ونظر إلى الفالوذَج فقال: بأبي هذا اللمْص، انظروه كأنه الفصّ؛ مُجاجةُ الزنابير، أُجريَتْ على شوابير، وخالطها لُباب الحبّة، فجاءت أعذبَ من ريق الأحبّة.
ورأى الخبيص فقال: بأبي هذا الغالي الرَّخيص، هذا جليدُ سماء الرَّحمة، تمخضت به فأبرزت منه زُبدَ النَّعمة، يُجرحُ باللّحظ، ويذوبُ من اللّفظ. ثم ابيضَّ، قالوا بماء البيض البضّ، قال غضٌّ من غَضّ، ما أطيب خلوة الحبيب، لولا حضرةُ الرَّقيب! ولمح القُبيطاء، فصاح: بأبي نُقرةُ الفضّة البيضاء، لا تَرُدُّ عن العَضَّة. أبنارٍ طُبخت أم بِنُور؟ فإني أراها كقطع البدُّور؛ وبلوزٍ عُجنت أم بِجَوز؟ فإني أراها عين عجينٍ الموز. وموشى إليها وقد عدَّل صاحبُها بدرهمين، وانتهشها بالنّابين، فصاح: القارعة ما القارعة؟! هِية! ويلٌ للمرء من فيه! ورأى الزَّلابِية، فقال: ويلٌ لأمها الزانية، أبأحشائي نُسِجَتْ، أم من صِفاقِ قلبي أُلفت؟ فإني أجدُ مكانها من نفسي مكيناً، وحبل هواها على كبدي متيناً، فمن أين وصلت كفُّ طابخها إلى باطني، فاقتطعتها من دواجني؟ والعزيز الغفار، لأطلُبنها بالثأر! ومشى إليها، فتلمظ له لسانُ الميزان، فأجفل يصيحُ: الثُّعبان الثُّعبان! ورُفع له تمرُ النَّشا، غير مهضوم الحشا، فقال: مهيم! من أين لكم جنى نخلة مريم؟ ما أنتم إلاّ السُّحار، وما جزاؤكم إلاَّ السيفُ والنار. وهم أن يأخذ منها. فأثبت في صدره العصا، فجلس القُرفُصا، يُذري الدُّموع، ويُبدي الخُشُوع. وما منّا أحد إلاّ عن الضَّحك قد تجلّد. فرقت له ضُلوعي، وعلمتُ أنَّ فيه غيرُ مُضيعي. وقد تجمل الصَّدقةُ على ذوي وفر، وفي كل ذي كبدٍ رطبةٍ أجر. فأمرتُ الغلام بابتِياع أرطالٍ منها تجمعُ أنواعها التي أنطقته وتحتوي على ضُروبها التي أضرعته، وجاء بها وسِرنا إلى مكانٍ خالٍ طيّب، كوصف المُهلَّبي:
فصَّبها رطبة الوُقوع، كراديس كقطعِ الجُذوع؛ فجعل يقطعُ ويبلغُ، ويدحُوا فاه ويَدفع، وعيناه تبصَّان كأنهما جمرتان، وقد برزتا على وجهه كأنهما خُصيتان، وأنا أقولُ له: على رسلك أبا فلان! البطنةُ تُذهبُ الفطنة! فلما التقم جُملة جماهيرها، وأتى على مآخيرها، ووصل خورنقها بسديرها، تجشأ فهبت منه ريحٌ عقيم، أيقنا لها بالعذاب الأليم. فنثرتنا شذر مذَر، وفرَّقتنا شغر بغر، فالتحمنا منه الظَّريان، وصدَّق الخبر فيه العيانُ: نفح ذلك فشرَّد الأنعام، ونفخ هذا فبدَّد الأنام، فلم نجتمع بعدها، والسّلام. فاستحسناها، وضحكا عليها، وقالا: إنَّ لسجعك موضعاً من القلب، ومكاناً من النفس، وقد أعرته من طبعك، وحلاوة لفظك، وملاحةِ سوقك، ما أزال أفنه، ورفع غينه، وقد بلغنا أنك لا تُجازى في أبناء جنسك، ولا يُملُّ من الطعن عليك، والاعتراض لك. فمن أشدُّهم عليك؟ |قلت: جارانِ دارُهما صَقَب، وثالثٌ نابته نُوَب، فامتطى ظهر النَّوى، وألقت به في سرقُسطة العصا. فقالا: إلى أبي محمد تُشير، وأبي القاسم وأبي بكر؟ |قلت: أجل قالا: فأين بلغتَ فيهم؟ قلت: أما أبو محمدٍ فانتضى عليَّ لسانه عند المستعين، وساعدته زراقةٌ استهواها من الحاسدين، وبلغني ذلك فأنشدتُه شعراً، منه:
وأما أبو بكر فأقصر، واقتصر على قوله: له تابعةٌ تؤيدُه. وأما أبو القاسم الإفليلي فمكانُه من نفسي مكين، وحُبه بفؤادي دخيل؛ على أنه حاملٌ عليَّ، ومنتسب إليَّ.
صاحب الإفليلي
فصاحا: يا أنفَ النّاقة بن معمر، مِن سُكانِ خيبر! فقام إليهما جنيٌّ أشمط ربعةٌ وارمُ الأنف، يتظالعُ في مشيته، كاسراً لطرفِه، وزاوياً لأنفه، وهو ينشد:
فقالا لي: هذا صاحبُ أبي القاسم، ما قولك فيه يا أنف الناقة؟ قال: فتًى لم أعرف على من قرأ. فقلت لنفسي: العصا من العُصية! إن لم تُعربي عن ذاتك، وتُظهري بعض أدواتك، وأنت بين فرسانِ الكلامِ، لم يطر لك بعدها طائر، وكنت غرضاً لكل حجرٍ عابر.
وأخذتُ للكلام أهبته، ولبستُ للبيان بزتهُ، فقلتُ: وأنا أيضاً لا أعرف على من قرأت. قال: ألمثلي يُقال هذا؟ فقلت: فكان ماذا؟ قال: فطارحني كتاب الخليل.
قلتُ: هو عندي في زنبيل. قال: فناظرني على كتاب سيبويه. قلتُ: خريت الهرَّةُ عندي عليه، وعلى شرح ابن درستويه. فقال لي: دع عنك، أبا أبو البيان.
قلت: لاه اللهُ! إنّما كمُغن وسط، لا يُحسنُ فيُطرب، ولا يُسيء فيلهي. قال: لقد علّمنيه المؤدِّبُون. قلتُ: ليس هو من شأنهم، إنما هو من تعليم الله تعالى حيث قال: "الرَّحمنُ عَلَّمَ القُرآنَ خلقَ الإنسانَ عَلّمَهُ البَيان". ليس من شعرٍ يُفسَّر، ولا أرضٍ تُكسَّر. هيهات، حتى يكون المسكُ من أنفاسك، والعنبرُ من أنفاسك، وحتى يكون مساقُكَ عذباً، وكلامُك رطباً، ونفسُك من نَفسك، وقليبُك من قلبِك، وحتى تتناول الوضيع فترفعه، والرفيعَ فتضعه، والقبيح فتحسنه! قال: أسمعني مثالاً. قلتُ: حتى تصف بُرغُوثاً فتقول:
صفة برغوث
أسودُ زنجي، وأهيٌّ وحشي؛ ليس بوانٍ ولا زُميل، وكأنه جُزء لا يتجزأ من ليل؛ أو شُونيزة، أوثقتها غريزة؛ أو نقطةُ مِداد، أو سويداءُ قلبِ قُراد؛ شُربه عب، ومشيه وثب؛ يكمنُ نهاره، ويسري ليله؛ يدارك بطعنٍ مؤلم، ويستحلُّ دم كل كافرٍ ومُسلم؛ مُساورٌ للأساورة، يجُرُّ ذيله على الجبابر يتكفر بأرفع الثياب، ويهتكُ ستر كل حِجاب، ولا يحفل ببوَّاب؛ مناهل العيش العذبة، ويصلُ إلى الأحراج الرَّطبة، لا يمنعُ منه أمير، ولا ينفعُ فيه غيرةُ غيور، وهو أحقر كل حقير؛ شرُّه مبثوث، وعهده منكوث، وكذلك كلُّ بُرغُوث، كفى نقصاً للإنسان، ودلالةً على قُدرةِ الرَّحمَن.
صفة ثعلب
وحتى تصف ثعلباً فتقول: أدهى من عمرو، وأفتكُ من قاتل حُذيفة ابن بدر؛ كثيرُ الوقائع في المسلمين، مُغرى بإراقة دماء المؤذنين؛ إذا رأى الفُرصة انتهزها، وإذا طلبته الكُماةُ أعجزها؛ وهو مع ذلك يُقراطُ في إدامه، وجالينوسُ في اعتدال طعامه، غداؤه حمامٌ أو دجاج، عشاؤه تدرُج أو دُرَّاج.
صاحب بديع الزمان
وكان فيما يقابلُني من ناديهم متًى قد رماني بطرفه، واتّكأ لي على كفّه، فقال: تحيُّلٌ على الكلام لطيفٌ، وأبيك! فقلت: وكيف ذلك؟ قال: أوما علمت أنَّ الواصف إذا وصف لم يتقدَّم إلى صفته، ولا سُلط الكلامُ على نعته، اكتفى بقليل الإحسان، واحجتزى بيسير البيان؟ لأنه لم يتقدم وصفٌ بُقرنُ بوصفه، ولا جرى مساقٌ يُضاف إلى مساقه. وهذه نسكتةٌ بغذاذية، أنى لك بها يا فتى المغرب؟ فقلتُ لزُهير: من هذا؟ قال: زبدةُ الحقب، صاحب بديع الزمان. فقلتُ: يا زبدة الحقب، اقترح لي قال: صف جاريةً. فوصفتُها. قال: أحسنت ما شئت أن تُحسن! قلتُ: أسمعني وصفك للماء. قال: ذلك من العُقم. قلت: بحياتي هاته.
قال: أزرق كعين السنّور، صافٍ كقضيب البلور؛ انتُخب من الفُرات واستعمل بعد البيات، فجاء كلسان الشمعة، في صفاء الدمعة.
فقلتُ: انظره، يا سيدي، كأنه عصيرُ صباح، أو ذوبُ قمرٍ لياح؛ ينضبُّ من إنائه، انصباب الكوكب من سمائه؛ العين حانُوته، والفمُ عفريتُه، كأنه خيطٌ من غزلٍ فُلق، أو مخصرٌ يُضربُ به من ورق يُرفعُ عنك فتردى، ويُصدع به قلبك فتحيا.
فلمّا انتهيت في الصفة، ضرب زُبدةُ الحقب الأرض برجله، فانفرجت له عن مثل برهُوت، وتد هدى إليها، واجتمعت عليه، وغابت عينه، وانقطع أثره. فاستضحك الأستاذان من فعله، واشتدَّ غيظُ أنفٍ النّاقةِ عليَّ.
رجع إلى أنف الناقة
فقال: وقعت لك أوصافٌ في شعرك تظنُّ أني لا أستطيعُها؟ فقلتُ له: وحتى تصف عارضاً فتقول:
فصاح فتيانُ الجن عند هذا البيت الأخير: زاه! وعلت أنف الناقة كآبةٌ، وظهرت عليه مَهابةٌ، واختلط كلامه، وبدا منه ساعتئذٍ بوادٍ في خطابه، رحمهُ لها من حضر، وأشفق عليه من أجلها من نظر.
صاحب أبي إسحاق بن حمام
وشمَّر لي فتًى، كان إلى جانبه، عن ساعدٍ، وقال لي: وهل يضُرُّ قريحتك، أو ينقُص من بديهتك لو تجافيت لأنف الناقة، وصبرت له؟ فإنه على علاَّته زيرُ علم، وزنبيلُ فهم، وكنفُ رواية. فقلت لزهير: من هذا؟ فقال: هو أبو الآداب صاحب أبي إسحاق بن حُمامٍ جارل. فقلت: يا أبا الآداب، وزهرة ريحانةِ الكُتاب، رفقاً على أخيك بغرب لسانك، وهل كان يُضُرُّ أنف الناقة، أو ينقص من علمه، أو يُفلُّ شفرة فهمه، أن يصبر لي على زلةٍ تمرُّ في شعرٍ أو خُطبة، فلا يهتفُ بها بين تلاميذه، ويجعلها طرمذةً من طراميذه؟ فقال: إنَّ الشيُوخَ قد تهفو أحلامهم في النَّدرة. فقلت: إنها المرَّةُ بعد المرَّة.
ثم قال لي الأستاذان عُتبةُ بن أرقم، وأبو هُبيرة صاحب عبد الحميد: إنا لنخبطُ منك ببيداء حيرة، وتُفتقُ أسماعنا منك بعبرة، وما ندري أنقولُ: شاعرٌ أم خطيب؟ فقلتُ: الإنصاف أولى، والصَّدعُ بالحق أحجى ولا بُدَّ من قضاء. فقالا: اذهب فإنك شاعرٌ خطيب. وانفضَّ الجمع والأبصارُ إليَّ ناظرة، والأعناق نحوي مائلة.