حياة النفس في حضرة القدس/الباب الرابع
الباب الرابع في الإمامة
لما ثبت أن النبي لطف ل ايتم النظام و لايبقي الا به الي يوم القيمة و ( لانه (ص) خل ) هو المبلغ عن الله و المؤدي عنه تعالي الي الخلق ما به بقاؤهم ما دام التكليف و ما به سعادتهم الابدية و كان ما يؤديه عن الله سبحانه يتجدد آنا فآنا بتجدد احوال المكلفين الي يوم الدين و هو عليه السلم لايبقي الي آخر التكليف بل يجري عليه التغيير و الموت لانه صلي الله عليه و آله عبد مخلوق و لايجوز في الحكمة رفع حكم النبوة ( نبوته خل ) لانه لطف واجب ما دام التكليف وجب في الحكمة نصب خليفة يقوم مقامه و يؤدي عنه الي الامة احكامه حافظ لشريعته قائم بسنته لئلاتبطل حجة الله البالغة علي الخلق المكلفين و لا بد و ان يكون في الخليفة جميع ما ذكر في حق النبي صلي الله عليه و آله من كونه اعلم اهل زمانه و اتقاهم و اعبدهم و ازهدهم و انجبهم و غير ذلك و كونه معصوما من الذنوب الصغائر و الكبائر من اول عمره الي آخره و معصوما من الكذب و الخطاء و النسيان و غير ذلك من جميع ما يعتبر في حق النبي صلي الله عليه و آله الا النبوة لما ثبت انه صلي الله عليه و آله خاتم النبيين فلا نبي بعده و انما اشترط ذلك في الخليفة لانه قائم مقام نبيه صلي الله عليه و آله في جميع ما يحتاج اليه سائر المكلفين من احكامه لانه حافظ شريعته و هو لطف من الله واجب عليه تعالي في الحكمة كما وجبت النبوة علي حد واحد فلا بد ان يكون متصفا بصفات نبيه صلي الله عليه و آله بحيث يحصل للمكلفين القطع بانه حجة الله و ان قوله قول الله تعالي و قول رسوله صلي الله عليه و آله و حكمه و وجوب طاعته و التسليم له و الرد اليه علي جهة القطع و لا بد ان يكون مطهرا منزها عن كل ما يلزم منه نفرة القلوب و عدم الاطمئنان في جميع الاحوال و من كان في هذه ( بهذه خل ) الصفات لايطلع عليه الا من يطلع علي السرائر و يعلم الضمائر و هو الله وحده فليس ذلك الي احد من الخلق و لايعلم ذلك الا بنص ( بنص خاص خل ) من الله عز و جل علي شخص و ذلك لطف واجب من مقتضي العدل و القادر الحكيم عز و جل لايخل بواجب لانه قبيح و هو يتعالي عن فعل القبيح لغناه المطلق و لميكن في الامة من تجتمع عليه ( فيه خل ) شروط النبوة غير كونه نبيا الا علي بن ابيطالب عليه السلام لانه معصوم من كل رذيلة عصم منها النبي صلي الله عليه و آله و شريكه في كل فضيلة الا النبوة و قد نص الله سبحانه عليه في كتابه فقال انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون فقد تواترت الروايات و كلام المفسرين من الفريقين بانها نزلت في علي عليه السلم حين تصدق بخاتمه و هو راكع لاينكر ذلك الا مكابر مباهت فاثبت الله عز و جل لعلي (ع) بنص كتابه العزيز ما اثبت له تعالي و لرسوله صلي الله عليه و آله من الولاية و لا معني للولي هنا الا انه اولي بهم من انفسهم في كل شئ من امور دنياهم و دينهم و آخرتهم لانها هي الولاية التي ثبتت لله تعالي و لرسوله صلي الله عليه و آله و لهذا نبه علي ذلك رسول الله صلي الله عليه و آله يوم غدير خم علي ما رواه الفريقان من طرق متعددة بلغت حد التواتر باعتراف الخصم بقوله لهم الست اولي بكم من انفسكم قالوا باجمعهم بلي يا رسول الله فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله اقول هذا من قول ( هذا قول من قال خل ) الله في حقه ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و قال فيه فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم و قال فيه و ماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و قال فيه و لو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين و قد روي الفريقان انه صلي الله عليه و آله قال علي اقضاكم و قال علي مع الحق و الحق مع علي يدور معه حيث ما دار و امثال ذلك فاذا ثبت انه كما سمعت و انه معصوم مسدد من الله سبحانه يدور مع الحق حيث دار ثبت انه يهدي الي الحق و لميدل دليل علي ان غيره من الصحابة بهذه المثابة و لميدع احد من الامة العصمة لاحد من الصحابة كما ادعيت له افمن ( و من خل ) يهدي الي الحق احق ان يتبع و يتخذ اماما يقتدي به لانه عليه السلم لايفارق الحق و لايفارقه الحق يدور معه حيث ما دار فهو مرضي ( نص خل ) مروي من الفريقين لاينكره احد علي انه لايكون مع باطل في حال من الاحوال و لانعني بالعصمة الا هذا فقد ثبت عند كل منصف و طالب للحق علي جهة القطع من مثل هذا الحديث و هذه الآية علي ان علي بن ابيطالب صلوات الله عليه و آله خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله بلا فصل لانه يهدي الي الحق و لانه لايفارق الحق و الحق لايفارقه فهو احق ان يتبع بحكم الله سبحانه في كتابه علي عباده و من لميحكم بما انزل الله فاولئك هم ( الكافرون و من لميحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون و من لميحكم بما انزل الله فاولئك هم خل ) الفاسقون فهو الذي اذهب الله عنه الرجس و طهره تطهيرا فهو المعصوم بالنص في ( بنص خل ) كتاب الله و قول رسوله صلي الله عليه و آله و هو المنصوص عليه بالخصوص من الله و من رسوله صلي الله عليه و آله و لميدع احد من المسلمين ذلك لاحد من الصحابة و الحمد لله رب العالمين.
فصل
و العلة الموجبة لنصب علي بن ابيطالب (ع) هي بعينها العلة الموجبة لنصب ابنه الحسن عليه السلم ثم الحسين عليه السلم ثم علي بن الحسين عليه السلم ثم محمد بن علي عليه السلم ثم جعفر بن محمد عليه السلم ثم موسي بن جعفر عليه السلم ثم علي بن موسي عليه السلم ثم محمد بن علي عليه السلم ثم علي بن محمد عليه السلم ثم الحسن بن علي عليه السلم ثم الخلف الصالح الحجة القائم محمد بن الحسن صلي الله عليهم اجمعين و جميع ما اعتبر في خلافة علي بن ابيطالب عليه السلم و قيامه مقام رسول الله صلي الله عليه و آله و كونه حجة الله علي خلقه الي غير ذلك مما اشرنا الي نوعه في حقه عليه السلم من الكمالات و الفضائل المعتبرة في الواسطة بين الله سبحانه و بين خلقه كله معتبر في كل واحد منهم صلوات الله عليهم اجمعين و كذلك خصوص النص علي كل واحد منهم من الله كما هو صريح حديث اللوح الذي رواه جابر بن عبدالله الانصاري و غير ذلك من القرآن و الاحاديث القدسية و من رسول الله صلي الله عليه و آله و من نص كل سابق علي من بعده و كل ذلك بالتواتر الموجب للقطع الا لمن سبقت له شبهة لان ذلك واجب علي الله عز و جل و هو تعالي لميخل بواجب لعموم علمه و قدرته و غناه المطلق .
فصل
و يجب ان يعتقد بان القائم المنتظر عليه السلم حي موجود اما عندنا فلاجماع الفرقة المحقة علي انه حي موجود الي ان يملأ الله الارض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و هو ابن الحسن العسكري الغائب المفتقد و اجماعهم تبعا لاجماع ائمتهم اهل البيت عليهم السلم و اجماع اهل البيت عليهم السلم حجة لان الله سبحانه اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فيكون قولهم حجة لانهم لايقولون الا الحق فاجماع ( و اما اجماع خل ) شيعتهم ( شيعتهم فهو خل ) حجة لكشفه عن قول امامهم المعصوم عليهم السلم و اما عند العامة فكثير منهم قائلون بقولنا و من قال منهم انه الآن لميوجد و منهم من قال بانه عيسي بن مريم عليه السلم فما ( و ما خل ) روي الفريقان من قوله صلي الله عليه و آله من مات و لميعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية يرد قولي ( قول خل ) هذين الفريقين لانه صادق علي من في زماننا هذا فان من مات في زماننا هذا و لميعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية و لايصح الا اذا كان الامام عليه السلم موجودا مع انه لطف ما دام التكليف فلايصح وجود التكليف بدون لطف موجود لانه شرطه و المشروط عدم عند عدم شرطه فكل من قال بانه ولد قال بانه موجود اذ لميقل احد بانه ولد و مات و من استبعد وجوده و طول عمره فقد اخطأ الحكمة لان الله عز و جل جعل له دليلا لايمكن رده و هو انه خلق الخضر عليه السلم و جده هود عليه السلم و انه ولد في زمان ابراهيم عليه السلم علي احد القولين المشهورين و هو الي الآن باق بل هو حي الي النفخ في الصور و هو آية دالة علي القائم عليه السلم و ابليس عدو الله باق الي يوم الوقت المعلوم فاذا جاز بقاء عدو الله و بقاء الخضر عليه السلم الذي هو الدليل علي مصلحة الجزئية ( لمصلحة جزئية خل ) بالنسبة الي مصلحة بقاء محل نظر الله سبحانه من العالم و قطب الوجود فكيف لايجوز بقاء من متوقف ( تتوقف خل ) جميع مصالح النظام في الدنيا ( الدنيا و الدين خل ) و الآخرة علي بقائه مع ان الامة ( الامة قد خل ) اتفقت رواياتهم و اقوالهم علي انه لا بد من قيام القائم عليه السلم فبينه رسول الله صلي الله عليه و آله بقوله لو لميبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج رجل من اهل بيتي او من ذريتي او من ولدي اسمه كاسمي و كنيته ككنيتي يملأ الارض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما و من قال من العامة بانه عيسي بن مريم كذبه هذا الحديث المتفق علي معناه لان عيسي ليس من اهل بيته و لا من ذريته و لا من ولده و ليس اسمه كاسمه و لا كنيته ككنيته و من قال ( قال منهم خل ) بانه الامام المهدي العباسي كذبه هذا الحديث لانه ليس من اهل بيته و لا من ذريته و لا من ولده فلميبق للمنصف الطالب للحق الا القول بانه الثانيعشر من الائمة عليهم السلم التاسع من ذرية الحسين عليهم السلم عجل الله فرجهم و سهل مخرجهم.
فصل
و يجب أن يعتقد وصاية اوصياء الانبياء عليهم السلم و يؤمن بهم و انهم و انبياؤهم قالوا الحق عن الله لانه ( لان الله خل ) سبحانه اثني عليهم بطاعته و اجابته و عبادته و ذكره و شكره و من اثني الله عليه فقوله حق و عمله و فعله حق و ان يؤمن بكل ما انزل الله عز و جل علي انبيائه و اوصيائهم من كتبه و وحيه و بما ادته ملائكته اليهم لان الله عز و جل اخبر بذلك و اخبر به نبيه محمد صلي الله عليه و آله و حججه الصادقون و كلما كان كذلك فهو حق و صدق اشهد لهم بانهم بلغوا ما انزل الله اليهم و ادوا الي عباده ما امرهم ( امرهم الله خل ) بادائه فهل علي الرسل الا البلاغ المبين.