المنبهات على الاستعداد ليوم المعاد للنصح والوداد/الثلاثي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



باب الثلاثي


روى عن النبي أنه قال من أصبح وهو يشكو ضيق المعاش فكأنما يشكو ربه ومن أصبح لأمور الدنيا حزينًا فقد أصبح ساخطًا على الله ومن تواضع لغنيٍ لغناه ذهب ثلثا دينه* وعن أبي بكر رضي الله عنه ثلث لا يدرك بثلث الغني بالمنى والشباب بالخضاب والصحة بالأدوية* وعن عمر رضي الله عنه حسن التودد إلى الناس نصف العقل وحسن السؤال نصف العلم وحسن التدبير نصف المعيشة* وعن عثمان رضي الله عنه من ترك الدنيا أحبَّه الله تعالى ومن ترك الذنوب أحبه الملائكة ومن حسم الطمع عن المسلمين أحبـه المسلمون* وعن علي رضي الله عنه أن من نعيم الدنيا يكفيك الإسلام نعمة وأن من الشغل يكفيك الطاعة شغلًا وأن من العبرة يكفيك الموت عبرة* وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كم من مستدرج بالنعمة عليه وكم من مفتون بالثناء عليه وكم من مغرور بالستر عليه* وعن داود النبي عليه السلام قال أوحى في الزبور حق على العاقل أن لا يشتغل الا بثلاث تزود لمعاد ومؤنة لمعاش وطلب لذة بحلال* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال النبي ثلاث منجيات وثلاث مهلكات وثلاث درجات وثلاث كفارات أما المنجيات فخشية الله تعالى في السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى والعدل في الرضاء والغضب وأما المهلكات فشح شديد وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وأما الدرجات فإفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام وأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة * وقال جبريل عليه السلام يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به* قال النبي ثلاث نفر يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله المتوضئ في المكاره والماشي إلى المساجد في الظلام ومطعم الجائع* وقيل لإبراهيم عليه السلام لأي شيء اتخذك الله خليلًا قال بثلاثة أشياء أخترت أمر الله على أمر غيره وما اهتممت بما تكفل الله لي به وما تعشيت وما تغديت إلا مع الضيف* وعن بعض الحكماء ثلاثة أشياء تفرج الغصص ذكر الله تعالى ولقاء أولياءه وكلام الحكماء* وعن الحسن البصري رحمه الله تعالى من لا أدب له لا علم له ومن لا صبر له لا دين له ومن لا ورع له لا زلفى له* وروي أن رجلًا خرج من بني إسرائيل إلى طلب العلم فبلغ ذلك نبيهم فبعث إليه فأتاه فقال له يا فتى إني أعظك بثلاث خصال فيها علم الأولين والآخرين خف الله في السر والعلانية وأمسك لسانك عن الخلق لا تذكرهم إلا بالخير وأنظر خبزك الذي تأكله حتى يكون من الحلال فامتنع الفتى عن الخروج* وروي أن رجلًا من بني إسرائيل جمع ثمانين تابوتًا من العلم ولم ينتفع بعلمه فأوحى الله تعالى إلى نبيهم أن قل لهذا الجامع لو جمعت كثيرًا من العلم لم ينفعك إلا أن تعمل بثلاثة أشياء لا تحب الدنيا فليست بدار المؤمنين ولا تصاحب الشيطان فليس برفيق المؤمنين ولا تؤذ أحدًا فليس بحرفة المؤمنين* وعن أبي سليمان الداراني أنه قال في المناجاة إلهي لئن طالبتني بذنبي لأطلبنك بعفوك ولئن طالبتني ببخلي لأطلبنك بسخائك ولئن أدخلتني النار لأخبرت أهل النار بأني أحبك* وقيل أسعد الناس من له قلب عالم وبدن صابر وقناعة بما في اليد* وعن إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى إنما هلك من هلك قبلكم بثلاث خصال فضول الكلام وفضول الطعام وفضول المنام* وعن يحيى بن معاذ الرازي طوبى لمن ترك الدنيا قبل أن تتركه وبنى قبره قبل أن يدخله وأرضى ربه قبل أن يلقاه* وعن علي من لم يكن عند سنة الله وسنة رسوله وسنة أوليائه فليس في يده شيء قيل له ما سنة الله قال كتمان السر وقيل ما سنة رسوله قال المداراة بين الناس وقيل ما سنة أوليائه قال احتمال الأذى عن الناس* وكانوا من قبلنا يتواصون بثلاث خصال ويتكاتبون بها من عمل لآخرته كفاه الله أمر دينه ودنياه ومن أحسن سريرته أحسن الله علانيته ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس* وعن علي رضي الله عنه كن عند الله خير الناس وكن عند النفس شر الناس وكن الناس رجلًا من الناس* وقيل أوحى الله تعالى إلى عزير النبي عليه السلام فقال يا عزير إذا أذنبت ذنبًا صغيرًا فلا تنظر إلى صغره وأنظر إلى من الذي أذنبت له وإذا أصابك خير يسير فلا تنظر إلى صغره وأنظر إلى من الذي رزقك وإذا أصابك بلية فلا تشكني إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي إذا صعدت إلى مساويك* وعن حاتم الأصم ما من صباح إلا ويقول الشيطان لي ما تأكل وما تلبس وأين تسكن فأقول له آكل الموت وألبس الكفن وأسكن القبر* وعن النبي من خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة أغناه الله تعالى من غير مال وأيده من غير جند وأعزه من غير عشيرة* وروي أنه عليه السلام خرج ذات يوم على أصحابه فقال كيف أصبحتم فقالوا أصبحنا مؤمنين بالله فقال وما علامة إيمانكم قالوا نصبر على البلاء ونشكر على الرخاء ونرضى بالقضاء فقال عليه السلام أنتم مؤمنون حقًا ورب الكعبة* أوحى الله تعالى إلى بعض الأنبياء من لقيني وهو يحبني أدخلته جنتي ومن لقيني وهو يخافني جنبته ناري ومن لقيني وهو يستحيى مني أنسيت الحفظة ذنوبه* وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أد ما افترض الله عليك تكن أعبد الناس وأجتنب محارم الله تكن أزهد الناس وأرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس* وعن صالح المرقدي أنه مر ببعض الديار فقال يا ديار أين أهلك الأولون وأين عمارك الماضون وأين سكانك الأقدمون فهتف به هاتف انقطعت آثارهم وبليت تحت التراب أجسامهم وبقيت أعمالهم قلائد في أعناقهم* وعن علي رضي الله تعالى عنه تفضل على من شئت فأنت أميره وأسأل عن ما شئت فأنت أسيره واستغن عن ما شئت فإنك نظيره* وعن يحيى بن معاذ رحمه الله عليه ترك الدنيا كلها أخذها كلها فمن تركها كلها أخذها كلها ومن أخذها كلها تركها كلها فأخذها في تركها وتركها في أخذها* وعن إبراهيم بن الأدهم رحمه الله أنه قيل له بما وجت الزهد قال بثلاثة أشياء رأيت القبر موحشًا وليس معي مؤنس ورأيت الطريق طويلًا وليس معي زاد ورأيت الجبار قاضيًا وليس معي حجة* وعن الشبلي رحمه الله وهو من عظماء العارفين قال إلهي أني أحب أن أهب لك جميع حسناتي مع فقري وضعفي فكيف لا تحب يا سيدي أن تهب لي جميع سيئاتي مع غناك يا مولاي عني وقال إذا أردت أن تستأنس الله فأستوحش من نفسك وقال لو ذقتم حلاوة الوصلة لعرفتم مرارة القطيعة* وعن سفيان الثوري رحمه الله أنه سئل عن الأُنس بالله تعالى ما هو فقال أن لا تستأنس بكل وجه صبيح ولا بصوت طيب ولا بلسان فصيح* وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال الزهد ثلاثة أحرف زاي وهاء ودال فالزاي زاد للمعاد والهاء هدى للدين والدام دوام على الطاعة* وقال في موضع لآخر ثلاثة أحرف الزاي ترك الزينة والهاء ترك الهوى والدال ترك الدنيا* وعن حامد اللفاف رحمه الله تعالى أنه أتاه رجل فقال أوصني فقال أجعل لدينك غلافًا كغلاف المصحف وقيل ما غلاف الدين قال ترك الكلام إلا ما لابد منه وترك الدنيا إلا ما لابد منه وترك مخالطة الناس إلا ما لابد منه* ثم أعلم أن أصل الزهد الاجتناب عن المحارم كبيرها وصغيرها وأداء جميع الفرائض يسيرها وعسيرها وترك الدنيا على أهلها قليلها وكثيرها* وعن لقمان الحكيم أنه قال لابنه يا بني إن الناس ثلاثة أثلاث ثلث لله وثلث لنفسه وثلث للدود فإما ما هو لله فروحه وإما ما هو لنفسه فعمله وإما ما هو للدود فجسمه* وعن علي كرم الله وجهه أنه قال ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم السواك والصوم وقراءة القرآن* وعن كعب الأحبار رحمه الله تعالى الحصون للمؤمنين من الشيطان ثلاث المسجد حصن وذكر الله حصن وقراءة القرآن حصن* وعن بعض الحكماء أنه قال ثلاث من كنز الله تعالى لا يعطيها الله إلا من أحبه الفقر والمرض والصبر* وعن ابن عباس رضي الله عنهما حين سئل ما خير الأيام وما خير الشهور وما خير الأعمال فقال خير الأيام يوم الجمعة وخير الشهور شهر رمضان وخير الأعمال الصلوات الخمس لوقتها فمضى على ذلك ثلاث أيام فبلغ عليًا رضي الله عنه أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن ذلك فأجاب بكذا فقال رضي الله عنه لو سئل العلماء والحكماء والفقهاء من المشرق إلى المغرب لما أجابوا بمثل ما أجاب به ابن عباس إلا أني أقول أن خير الأعمال ما يقبل الله تعالى منك وخير الشهور ما تتوب فيه إلى الله تعالى توبة نصوحًا وخير الأيام ما تخرج فيه من الدنيا إلى الله مؤمنًا بالله*

قال الشاعر
أما ترى كيف يبلينا الجديدان
ونحن نلعب في سر وإعلان
لا تركنن إلى الدنيا ونعمتها
فإن أوطانها ليست بأوطان
وأعمل لنفسك من قبل الممات فلا
تغررك كثرة أصحاب وإخوان
وقيل اذا اراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده

في الدنيا و بصره بعيوب نفسه * وعن رسول الله أنه قال حُبب الى من دنياكم ثلث الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلوة وكان معه اصحابه جلوسا فقال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه صدقت يا رسول الله وحبب الى من الدنيا ثلث النظر إلى وجه رسول الله وانفاق مالى على رسول الله وان يكون ابنتي تحت رسول الله فقال عمر رضي الله عنه صدقت يا ابا بکر وحبب إلى من الدنيا ثلث الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والثوب الخلق فقال عثمان رضی الله عنه صدقت ياعمر وحبب إلي من الدنيا ثلث اشباع الجيعان وكسوة العريان وتلاوة القرآن فقال على رضى الله عنه صدقت يا عثمان وحبب الى من الدنيا ثلث الخدمة للضيف والصوم في الصيف والضرب بالسيف فبيناهم كذلك اذجاء جبرائيل عليه السلام وقال أرسلني الله تبارك وتعالى لما سمع مقالتكم وأمرك ان تسئلني عما أحب ان كنت من أهل الدنيا فقال ما تحب أن كنت من أهل الدنيا فقال ارشاد الضالين وموانسة الغرباء القانتين ومعاونة اهل العيال المعسرين وقال جبرائيل عليه السلام يحب رب العزة جل جلاله من عباده ثلث خصال بذل الاستطاعة والبكاء عند الندامة والصبر عند الفاقة * وعن بعض الحكماء من اعتصم بعقله ضل ومن استغنى بماله، قل ومن عز بمخلوق ذل * وعن بعض الحكماء ثمرة المعرفة ثلث خصال الحياء الله تعالى والحب في الله والانس بالله * وعن النبي عليه السلام أنه قال المحبة اساس المعرفة والعفة علامة اليقين ورأس اليقين التقوى والرضى بتقدير الله تعالى * وعن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى قال من أحب الله أحب من أحبه الله تعالى أحب من احبه الله تعالى أحب ما أحب في الله تعالى ومن أحب ما أحب في الله تعالى أحب أن لا يعرفه الناس * وعن النبي عليه الصلوة والسلام انه قال صدق المحبة في ثلث خصال ان يختار كلام حبيبه على كلام غيره ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره ويختار رضاء حبيبه على رضاء غيره * وعن وهب بن منبه اليماني رحمه الله تعالى قال مكتوب في التورية الحريص فقير وان كان ملك الدنيا والمطيع مطاع وان كان مملوكا والقانع غنى وإن كان جائعا * وعن بعض الحكماء من عرف الله لم يكن له مع الخلق لذة ومن عرف الدنيا لم يكن له فيها رغبة ومن عرف عدل الله تعالى لم يتقدم اليه الخصماء * وعن ذي النون المصرى كل خائف هارب وكل راغب طالب وكل آنس بالله مستوحش عن نفسه وقال العارف بالله تعالى اسير وقلبه بصير وعمل لله كثير وقال العارف بالله تعالى وفي وقلبه ذكى وعمله لله زكي * وعن أبي سليمان الداراني انه قال اصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله ومفتاح الدنيا الشبع ومفتاح الآخرة الجوع * وقيل العبادة حرفة وحانوتها الخلوة ورأس مالها التقوى وربحها الجنة * قال مالك بن دينار احبس ثلثا بثلث حتى تكون من المؤمنين الكبر بالتواضع والحرص بالقناعة والحسد بالنصيحة *