الروضة الندية شرح الدرر البهية/كتاب الحدود/بيان أن المعاصي التي لا توجب حدا يجب فيها التعزيز

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الحدود المؤلف صديق حسن خان القنوجي
بيان أن المعاصي التي لا توجب حداً يجب فيها التعزيز



بيان أن المعاصي التي لا توجب حداً يجب فيها التعزيز


والتعزير في المعاصي التي لا توجب حداً ثابت بحبس أو ضرب أو نحوهما ولا يجاوز عشرة أسواط لحديث أبي بردة بن نيار في الصحيحين وغيرهما أنه سمع النبي () يقول : لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه . وقال الحاكم : صحيح الإسناد من حديث بهز بن حكيم أن النبي () حبس رجلاً في تهمة يوماً وليلة وقد ثبت أن عمر أمر أبا عبيدة بن الجراح أن يربط خالد بن الوليد بعمامته لما عزله عن إمارة الجيش كما في كتب السير ، وسبب ذلك أنه استنكر منه إعطاء شئ من أموال الله . وتقدم في باب السرقة أن النبي () قال : وضرب نكال .

أقول : هذا الفصل يراد به كل عقوبة ليست بحد من الحدود المتقدمة والآتية فمنها الضرب ، ولكن يكون عشرة أسواط فما دون لحديث أبي بردة المتقدم ، ولا تجوز الزيادة على ذلك ، ولكن ليس في هذا الحديث مايدل على وجوب التعزيز ، بل غاية ما فيه الجواز فقط ، وقد اطلع رسول الله () على جماعة ارتكبوا ذنوباً لا توجب حداً فلم يضربهم ولا حبسهم ولا نعى ذلك عليهم كالمجامع في نهار رمضان ، والذي لقي امرأة فأصاب منها ما يصب الرجل من زوجته غير أنه لم يجامعها وغير ذلك كثير ، ومن أنواع التعزير الحبس ، ويجوز الحبس مع التهمة ، وهكذا يجوز حبس من كان يخشى على المسلمين معرته وإضراره بهم . لو كان مطلقاً فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بقد الإمكان ولا يمكن القيام بهما في حق من عرف بذلك إلا بالحيلولة بينة وبين الناس بالحبس . ومنها النفي كما فعله () بجماعة من المخنثين . ومنها ترك المكلمة كما فعله () بالثلاثة الذين تخلفوا عنه حتى ضافت عليهم الأرض بما رحبت . ومنها الشتم الذي لا فحش فيه كقول الله تعالى حاكياً عن موسى عليه السلام : فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين ومن ذلك قول يوسف عليه السلام لأخوته : أنتم شر مكاناً لما نسبوه إلى السرقة . وقال () لأبي ذر : إنك امرؤ فيك جاهلية كما في البخاري لما سمعه () يسب امرأة . وفي مسلم أن رجلاً أكل بشماله عند رسول الله () فقال : كل بيمينك . فقال : لا أستطيع فقال : لا استطعت ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه وفي مسلم من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا وفي مسلم أيضاً أن النبي () قال له : لا وجدت وفي الترمذي إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك وقال () للخطيب : بئس خطيب القوم أنت أخرجه مسلم وغيره ، ووقع منه () من هذا الجنس شئ كثير ، وكذلك وقع من الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح من ذلك ما يرشد إلى جوازه إذا ظن فاعله تأثيره في المرتكب للذنب

الروضة الندية شرح الدرر البهية - كتاب الحدود
باب حد الزاني | باب السرقة | باب حد القذف | باب حد الشرب | بيان أن المعاصي التي لا توجب حداً يجب فيها التعزيز | باب حد المحارب | باب من يستحق القتل حداً