أدب الطلب/أصالة المعنى الحقيقي وعدم جواز الانتقال عنه إلا لعلاقة أو قرابة
أصالة المعنى الحقيقي وعدم جواز الانتقال عنه إلا لعلاقة أو قرابة
ومن جملة ما ينبغي تصوره ويعينه استحضاره أن يعلم أن هذه الشريعة المباركة هي ما اشتمل عليه الكتاب والسنة من الأوامر والنواهي والترغيبات والتنفيرات وسائر ماله مدخل في التكليف من غير قصد إلى التعمية والألغاز ولا إرادة لغير ما يفيده الظاهر ويدل عليه التركيب ويفهمه أهل اللسان العربي فمن زعم أن حرفا من حروف الكتاب والسنة لا يراد به المعنى الحقيقي والمدلول الواضح فقد زعم على الله ورسوله زعما يخالف اللفظ الذي جاءنا عنهما
فإن كان ذلك لمسوغ شرعي تتوقف عليه الصحة الشرعية أو العقلية التي يتفق العقلاء عليها لا مجرد ما يدعيه أهل المذاهب والنحل على العقل مطابقا لما قد حببه إليهم التعصب فأدناه من عقولهم البعد عن الإنصاف فلا بأس بذلك وإلا فدعوى التجوز مردوده مضروب بها في وجه صاحبها فاحرص على هذا فإنه وإن وقع الاتفاق على أصالة المعنى الحقيقي وعدم جواز الانتقال عنه إلا لعلاقة وقرينة كما صرح به في الأصول وغيرها فالعلم في كتب التفسير والحديث والفقه يخالف هذا لمن تدبره وأعمل فكره ولم يغتر بالظواهر ولا جمد على قبول ما يقال من دون بحث عن موارده ومصادره وكثيرا ما يجد المتعصبين يحأمون عن مذاهبم ويؤثرونها على نصوص الكتاب والسنة فإذا جاءهم نص لا يجدون عنه متحولا وأعياهم رده وأعجزهم دفعه أدعو أنه مجاز واذكروا للتجوز علاقة هي من البعد بمكان وقرينة ليس لها في ذلك المقام وجود ولا تدعو إليها حاجة وأعانهم على هذه الترهات استكثارهم من تعداد أنواع القرائن والعلاقات حتى جعلوا من جملة ما هو من العلاقات المسوغة للتجوز التضاد فانظر هذا التلاعب وتدبر هذه الأبواب التي فتحوها على أدلة الكتاب والسنة وقبلها عنهم من لم يمعن النظر ويطيل التدبر فجعلها علما وقبلها على كتاب الله وسنة رسوله وأصلها دعوة افتراها على أهل اللغة متعصب قد آثر مذهبه على الكتاب والسنة لم يستطع التصريح بترجيح المذهب على الدليل فدقق الفكر وأعمق النظر عنادا الله تعالى وبغيا على شريعته وخداعا لعباده فقال هذا الدليل وإن كان معناها الحقيقي يخالف ما نذهب إليه فهو هنا مجاز والعلاقة كذا والقرينة كذا ولا علاقة ولا قرينة فيأتي بعد عصر هذا المتعصب من لا يبحث عن المقاصد ولا يتدبر المسالك كما ينبغي فيجعل تلك العلاقة التي افتراها ذلك المتعصب من جملة العلائق المسوغة للتجوز ولهذا صارت العلاقات قريبا من ثلاثين علاقة ثم لما كان منه جملة أنواع القرائن العرفية والعقلية افترى كل متعصب على العقل والعرف ما شاء وصنع في مواطن الخلاف ما أرد والله المستعان