انتقل إلى المحتوى

واحربا من كبدي واحربا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

واحربا من كَبِدِي واحَربَا

​واحربا من كَبِدِي واحَربَا​ المؤلف محيي الدين بن عربي


واحربا من كَبِدِي، واحَربَا،
واطربا منْ خلدي واطربا
في كَبدي نارُ جَوًى مُحرِقةٌ
في خلدي بدرُ دجىً قدْ غرباْ
يا مسكُ، يا بدرُ ويا غصنُ نقاً،
ما أوًرَقَا، ما أنوَرَا، ما أطْيَبَا
يَا مَبسِماً أحبَبتُ منهُ الحَبَبَا،
ويا رُضاباً ذُقتُ منهُ الضَّربا
يا قمراً في شفقٍ منْ خفرٍ
في خدِّهِ لاحَ لنا منتقبا
لَو أنّهُ يُسفِرُ عَن بُرْقُعِهِ
كان عَذاباً، فلِهذا احتجَبَا
شمسُ ضُحًى في فَلَكٍ طالِعَةٌ،
غُصنُ نَقاً في رَوْضَةٍ نُصِبَا
ظلتْ لها منْ حذرٍ مُرتقبا
والغُصْنُ أسقِيهِ سماءً صَيّبا
إنْ طلعتْ كانتْ لعيني عجباْ
أو غربتْ كانتْ لحيني سببا
مذْ عقدَ الحسُنُ على مفرقها
تاجاً منَ التِّبرِ عشقتُ الذَّهبا
لو أنّ إبلِيسَ رَأى مِن آدَمٍ
نورُ مُحيَّاها عليهِ ما أبى
لو أنّ إدرِيسَ رأى ما رقَم الـ
ـحُسنُ بخَدّيْها إذاً ما كَتَبَا
لو أنَّ بلقيسَ رأتْ رفرفها
ما خَطَرَ العرْشُ ولا الصرْحُ بِبَا
يا سرْحَةَ الوَادي ويَا بَانَ الغَضَا
أهدُوا لنا من نَشرِكُم معَ الصَّبَا
ممسَّكاً يفوحُ ريَّاهُ لنا
منْ زهرِ أهضامكَ أوْ زهرِ الرُّبى
يا بانَةَ الوادي أرِينا فَنَناً
في لبنِ أعطافٍ لها أوقُضُبا
ريحُ صبا تخبرُ عنْ عصرِ صِباً
بحاجرٍ أوْ بمنىً أوْ بقبا
أوْ بالنَّقا، فالمنحني عندَ الحمى
أوْ لَعْلَعٍ حيثُ مَرَاتعُ الظِّبا
لا عجبٌ لا عجبٌ لا عجبا
منْ عربي يتهاوى العربا
يفنى، إذا ما صَدَحَتْ قُمريّةٌ
بذِكْرِ مَنْ يهْوَاهُ فيهِ طَرَبا