انتقل إلى المحتوى

وأبيك لا حي يدوم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

وأبيك لا حيٌّ يدومُ

​وأبيك لا حيٌّ يدومُ​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي


وأبيك لا حيٌّ يدومُ
فعلام ترمضك الهمومُ؟
لا تجزعنَّ لضاعن
وانظر هديت مَن المقيم
إنّا بنو الدنيا تطيبُ
لنا ومربعُها وخيم
نرجو الشفا لسقيمنا
وصحيحنا فيها سقيم
ونروم أن نبقى بها
والموتُ غايةُ ما نروم
هذا «الحسينُ» وكان يسـ
ـتسقى بطلعته الغيوم
سائل به محرابَه
إن شئتَ فهو به عليم
يخبرك كم بسناه أمـ
ـسى يزهر الليلُ البهيم
متهجداً لله ودَّت
لثمَ مسجده النجوم
هو واحد التقوى الذي
هي بعد مولده عقيم
رحل الحمام به فتلك
معالم التقوى رسوم
رُفعت برفع سريره الـ
ـبركات وافتُقدَ النعيم
حملوه والتقوى تنا
شده ومدمعُها سجوم
يا ذاهباً لا يُرتجى
أبد الزمان له قدوم
فاللحدُ هل يدرى أأنـ
ـتَ أم الصلاحُ به مقيم؟
قمرُ السماء به توارى
أم محيّاك الكريم؟
إن يوصِ غيرك مَن بأر
ثِ يتيمه ورعاً يقوم؟
فالنسك إرثٌ والوصيُّ
تقاك والزهدُ اليتيم
ومقيم مأتمك التقى
إن التقى نعمَ المقيم
وبك المعزَّى من أتى
في مدحه الذكر الحكيم
القائمُ "المهديُّ" مَن
تُجلى بطلعته الهموم
ورث النبوَّة علمها
فهو الخبيرُ بها العليم
مولىً بنادي عزِّه
تتضاءل الصيدُ القروم
نادٍ ملائكةُ السماء
على سرادقه تحوم
وبشمِّ آناف الملوك
ترابُ عتبته شميم
في صدره "المهديُّ" تصـ
ـدر للورى منه العلوم
ملأتْ نتائجه الزمان
وغيره الشكل العقيم
فله الزعامة في الهدى
وسواه في الدعوى أثيم
يا مَن له النسبُ الصريح الـ
ـمحض والحسبُ الكريم
عجباً يروم عُلاك من
لك فوقه الشرفُ القديم
فوق الرغام وتحت نعلك
أنفُ همته رغيم
هبه يرومُ فأين مِن
يد من على الأرض النجوم؟
مثلان خلقُك والنسيمُ
ونداك والغيثُ العميم
ولأنت واسطة العلاء
وولدُك العقدُ النظيم
قومٌ بهم أمِنَ المروعُ
وفيهم أثرى العديم
كلاً تراه "جعفراً"
في الجود وهو لهم زعيم
أرجُ السيادة فيهم
كالمسك ينشره النسيم
رضعوا الإمامة فالجميعُ
بنور عصمتها فطيم
فولاؤهم فرضٌ وهد
يُهم الصراطُ المستقيم
لبس الزمان بهاءهم
فبهم محيّاه وسيم
وبهم لنا الأيام يقطر
من غضارتها النعيم
تهوى السماء بأنها
لصعيد أرضهم أديم
وإذا مشوا فوق الثرى
حسدت نعالهم النجوم
يا سادة العلما ومَن
تزن الجبال لهم حلوم
بكم العزاءُ وحسبنا
من كل ماضٍ أن تدوموا
"أمحمدٌ" في ظلهم
ستنال أقصى ما تروم
فأبوك إن يفقدْ فكلّـ
ـهمُ أبٌ برٌّ رحيم
سيقرَّ عيناً في الثرى
إذ فيك جودُهم يقوم
حيّا الملائكُ قبره
من حيث فيه هو المقيم
وسقته من أنواء عفو
الله واكفةٌ سجوم