نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/عمرو بن معد يكرب الزبيدي
فرسان اليمن
عمرو بن معد يكرب وزيد الخيل الطائي
فأما عمر بن معدِ يكَرِب الزِّبيدِي فهو صاحب الصِّمصامة السيف المشهور وقد أدرك الإسلام وهو شيخ وأسلَم ثم ارتدَّ ثم رجع وحضر حروب القادسية وفارس مع سعد في خلافة عمر وكانت له فيها مآثر عظيمة هو وطليحة المتنبي واستشهد بنهاوند.
وذكر أهل المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل علي بن أبي طالب وخالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن فبلغا بني زَبيد فقال لهم عمرو بن معد يكرب: دعوني آتي هؤلاء القوم فإني لم أسَمَّ قط لأحد إلا هابني، فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور، أنا عمرو بن معد يكرب فابتدره علي وخالد كل واحد يقول لصاحبه خلني وإياه، فقال عمرو: العرب تفزع مني وأراني لهؤلاء جزورًا وانصرف وقد أهدى صمصامته لخالد بن سعيد ومدحه بقصيدة، وكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص في حرب القادسية أن استعن بعمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد وكان يوم القادسية يمر على الصفوف ويقول: يا معشر المهاجرين، كونوا أَسودًا أشداء؛ فإن الفارسي إذا ألقى ريحه تيس فرماه أسْوَارٌ من الأساورة1 بنشابة فأصابت قَرَبُوس سَرْجه فحمل عليه عمرو فأخذه كما تؤخذ الجارية فوضعه بين الصفين واحتزَّ رأسه، وقال: اصنعوا هكذا يا معشر المسلمين، ومن شعره في القادسية:
ولما فتحت القادسية أرسله سعد إلى أمير المؤمنين عمر وأخبره بشجاعته وحسن بلائه، وأرسله عمر أيضًا مع النعمان بن مُقَرِّن إلى نهاوند حين ولي النعمان حرب الفرس بعد سعد فاستشهد بها، وأرسل إليه عمر بن الخطاب مرة أن يبعث إليه بصمصامته فبعث بها إليه، فلما ضرب به وجده دون ما كان يبلغه عنه فكتب إليه في ذلك، فقال: إنما بعثتُ إلى أمير المؤمنين بالسيف ولم أبعث إليه بالساعد الذي يَضرِب به، وقال له عمر يومًا: صف لنا الحرب، قال: هي مُرَّة المذاق إذا كشَفَت عن ساق من صبَر فيها عُرِف ومن نكَل فيها تَلِف ثم أنشأ يقول:
وسأله عمر عن السلاح، قال: يسأل أمير المؤمنين عمَّا بدَا له، قال: ما تقول في التُّرس؟ قال: هو المِجَنُّ وعليه تدور الدوائر، قال: فما تقول في الرمح؟ قال أخوك وربما خانك فانقصف، قال: فالنَّبل؟ قال: منايا تُخطئ وتُصيب، قال: فما تقول في الدِّرع، قال: مثقَلَة المراجل، مشغلَة للفارس وإنها لحصن حصين، قال: فما تقول في السيف، قال: هناك لا أم لك يا أمير المؤمنين، فضربه عمر بالدِّرة وقال: بل لا أم لك.
ومن كلامه الفزّعات ثلاث فمن كانت فزعته في رجليه فذلك لا تقِلُّه رجلاه، ومن كانت فزعته في رأسه فذلك الذي يفِرُّ عن أبويه، ومن كانت فزعته في قلبه فذلك الذي يقاتِل. ومن شعره:
فلذلك أثنى عليهم عمرو بما ذكر.
- ↑ الأسوار: بضم الهمزة وكسرها الجيد الرمي بالسهام وجمعه أساروة.
- ↑ ويروى (للثم) بدل (للشم).
- ↑ يقال فرس مقلص: أي مستمر في سيره.
- ↑ القتير: رءوس مسامير الدرع.
- ↑ الظبا والشبا: الحد من كل شيء.
- ↑ في رواية الكامل (حباءه) بكسر أوله بدل (حياته).
- ↑ المكشوح هو: هبيرة، سمي بذلك؛ لأنه ضرب على كشحه؛ أي: جنبه.
- ↑ اللزبات: الشدائد.
- ↑ القلانس جمع قلنسوة: لباس الرأس وهي هنا الخوذة المعروفة.
- ↑ المذاكي: الخيول، المداعس: جمع مدعاس: الرمح الذي لا ينثني.