نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/عمرو بن عبد ود العامري

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


ومن فرسان قريش المشهورين: عمرو بن عبدودّ العامري أدرك الإسلام وحضر بدرًا مع قريش وجرح فيها وحضر الخندق واقتحم هو وفرسان من قريش الخندق بخيولهم وطلب المبارزة فخرج له علي رضي الله عنه وقال: يا رسول الله، أنا له، فقال له: «إِنه عمرو اجلس» فنادى عمرو ثانيًا: ألا رجل يخرج إليَّ أين جنتكم التي تزعمون أن من قتل منكم داخلها؟ فقام علي، فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: «اجلس»، فنادى عمرو الثالثة، وقال:

ولقد بَححْتُ من الندا
ءِ بجمعكم: هب مِنْ مُبارز؟
ووقفتُ إذ جَبُنَ المشَ
جَّعُ مَوْقِفَ القِرْنِ المنَاجز
وكذاك إني لم أزل
مُتَسَرعًا قِبَلَ الهَزَاهز1
إن الشجاعة في الفتى
والجودَ من خَيْر الغرائز

فقام علي، فقال: أنا له يا نبي الله، فقال: «إنه عمرو»، فقال: وإن كان عمرًا فأذن له فأتاه، وهو يقول:

لا تعجلنَّ فقد أتا
ك مُجيبُ صَوْتك غَيْرَ عاجز
ذوُ نيةٍ وبصيرةٍ
والصِّدْقُ مُنْجٍ كل فائز
إني لأرجو أن أقـ
ـيم عليك نائحة العجائز
من ضربةٍ نجلاء يبـ
قى ذكرها عند الهَزاهز

فقال له: من أنت؟ قال: علي، قال: ابن عبد مناف؟ قال: ابن أبي طالب، فقال: غيرك يا ابن أخي من أعمامك من أهو أسن منك؛ فإني أكره أن أُهْرِيقَ دمك، فقال علي: ولكني لا أكره والله أن أهُريق دمك، فغضب ونزل عن فرس وسلَّ سيفه كأنه شعلة نار وأقبل نحو علي فاستقبله علي بدرقته فضربه عمرو فيها فقدّها وأثبتَ السيف فيها ولحق ذبابه رأسَ علَي فشجّه وضربه عليٌّ على حبل العاتق فسقط كالجذع وثار العّجَاج وسمع النبي التكبير فعرف أن عليًّا قتله وفرَّ أصحابه راجعين.


  1. الهزاهز: تحريك البلايا والحروب الناس.