مرآة الحسناء (1872)/قافية الباء

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



قافية الباءِ


وقال الى احد اصحابهِ
اذا اقبلت يهديك صبحُ الترائبِ
وان ادبرت يغويك جنح الذوائبِ
رداحٌ لها طرفٌ كحيلٌ اذا رنا
رماك بنبل الغنج عن قوس حاجبِ
تريك نفار الظبيِ وهي انيسةٌ
وتبدي دنُوّاً وهي في خطوِ هاربِ
ادارت كؤُوسَ الحبِّ من حان حسنها
فملنا ولم يبقَ فتى غيرَ شاربِ
رعى اللهُ ذيَّاك الجمالَ فديتهُ
فكم قد ارانا فتنةً في الكواكبِ
تبدَّت وقد ارخت غدائرَ فرعها
فشاهدتُ فجراً شق سجفَ غياهبِ
يلاعبها ريعُ الصِّبا فتميسُ عن غصون
غصونٍ وترنو عن ظباءٍ رباربِ
تغازلُني وهي الغزال باعينٍ
لهنَّ بقلب الصبِّ وقعُ قواضبِ
غواز نعاسٍ فاتكاتٍ فواترٍ
صِحَاحٍ مراضٍ ذابلاتٍ سوالبِ
طلبتُ اللقا منها فولَّت وليتني
طلبتُ النوى احظى بضدّ مطالبي
ولو يدرك الصبُّ المتيَّم كل ما
تمنَّى لما جاءَ الهوى بمصاعبِ
فحالُ الهوى قربٌ ببعدٍ منغّصٌ
ووصلٌ محاطٌ بالعيون الرواقبِ
لقد جذبتني قوةُ الحسن الهوى
ولا يمكن المجذوبَ دفعُ الجواذب
يقولون دع ذا الحبَّ فهو مصيبةٌ
فقلتُ لهم اني قبولُ مصائبي
اذا ما خسرت العقلَ في الحبّ والقوى
ففي مدح شهم القومِ خيرُ المكاسبِ
هوالفاضلُ المفضالُ ذو الشرف الذي
علا ذروة المجد الرفيعِ الجوانبِ
همامٌ يرى ما آلَ يوماً لخيرهِ
سدىً ولخير الغير اوجب واجبِ
اخو همَّةٍ حرَّاءَ تحسدُها الظُّبَى
اذا ما اجاشَ الدهرُ جيشَ نوائبِ
وذو الهمَّةِ القعساءِ للدهر محنةٌ
وللناس احسانٌ ومنحةُ واهبِ
فهيمٌ فريدُ العقل على المناقبِ
كريمٌ حميد الفعل عالي المراتبِ
جميعُ امور المشكلات مصيرُها
لديهِ فمن آتٍ اليهِ وذاهبِ
فما جاءَهُ خصمان الا واصبحا
شكورينِ منهُ باتفاقِ مناسبِ
لقد شاع ما بين الانام بجودهِ
فقام لهُ الشكرانُ من كل خاطبِ
وجودُ الفتى يُبقي لهُ الذكرَ خالداً
دليلُ جمال العقل حسنِ المناقبِ
يروحُ بعقلٍ ينطحُ الشهبَ ثاقبٍ
ويغدو بفكرٍ بخطفُ البرقَ صائبِ
لهُ عن طلابِ الفخر نفسٌ رغيبةٌ
ولكنَّ عنهُ الفخرَ ليس براغبِ
تلوحُ بروقُ البشر من وجههِ ومن
يديهِ يفيضُ البزل فيضَ سحائبِ
ومن خيمهِ ان يرغبَ الخيرَ للورى
ومن دأبهِ الا يرى كبحَ طالبِ
تفرَّد في حسن التصرُّف شخصهُ
ففاق مقاماً فوق كل الاصاحبِ
فاين المباري فهو يُعقَبُ خجلةً
واحمقُ من لم يفتكر بالعواقبِ
لكلَّ امرءٍ فعلٌ على قدْر عزمهِ
ومن اين للاوعال وخدُ النجائبِ
وهل لجبانٍ ان يكرَّ مغازياً
كرور شجاعٍ في صفوف الكتائبِ
اذا لم يكن فعلُ الفتى سيمةً لهُ
فما هو الاَّ مثلُ ضحكة ناحبِ
أَلا يا اولي الافضال اني بمدحكم
اذا قلتُ شعراً اصبحَ الدهرُ صاحبي
مديحكمُ دينٌ عليَّ وانني
لاعجزُ عن ايفائهِ وهو واجبي
سقى اللهُ تسكابَ الحيا زمناً بهِ
عهدتكمُ كم كان لي من اطائبِ
زماناً على الشهباءِ والقطر كننمُ
اجلَّ شهابٍ باثق النور ثاقبِ
أَلا انني هُنئتُ حولاً بشملكم
فشتَّتني دهرٌ كثيرُ الملاعبِ
لئن غبتمُ عني رعى الله انسكم
فطيفكمُ عن اعيني غيرُ غائبِ
وقال الى احد اصحابهِ
نفيرُ الشوق
اخذت بن نفحاتُ هندَ مع الصَّبا
حين انجلت كالشمس لكن فِي خبا
غيداءُ ما لاحت بانوار البها
الا وقلبي بالغرام لها صبا
وربيبةٌ ابدى الجمالُ بوجهها
زهرَ الجمال ففاق ازهارَ الربى
ترنو فيرتعدُ الفؤَادُ وليس ذا
عجباً فانَّ الحسنَ مثلُ الكهربا
لا بدع ان دُعيت ضفيرةُ فرعها
صِلاًّ فبعضُ النجم يُدعى عقربا
بابي غدائرَ قد رقت قلبي كما
ترقي الاراقمُ طائراً متقرَّبا
ما اوقعتْ نظري عليها صبوتي
الا والعبَ بي الهوى ايدي سبا
واستغرقت قلبي تباريحُ الجوى
واستمطرت دمعي صبابات الصَّبا
ويلاهُ من جور الجمال فانهُ
يذرُ المحبَّ على اللظا متقلَّبا
غازلنها فبدا شعاع الشوق من
لحظاتها وابى الهوى ان يُحجبا
وغدت تطارحني عبارات الولا
وعلى محيَّاها تلهَّبا
لو لم يكن معنى العبائر بادياً
في وجهها الباهي لكنتُ مكذّبا
يا قلبُ حاصرك الجوى فاثبتْ لهُ
ما دمتَ برجاً لا فقدتَ الكوكبا
هجَّ الهوى في عالم الاشجان بي
واضاعني بين الاسنّةِ والظبا
واعادني حيران لا الوي على
احدٍ ولا ادري المقامَ الانسبا
متشرَّد الافكار مسلوب القوى
قلقَ السريرة لا اصادفُ مأْربا
غرقان في بحر الهوادس خائصاً
ليلَ الهواجس هائماً متعذّبا
متوحّداً الهو بفكريَ حيث لا
رشدٌ فلستُ أصيبُ فكراً صيَّبا
اتوسّمُ الاوجَ الوسيمَ وشهبهُ
فكأَنَّ لي فوق المجرَّة منصبا
وارى النجومَ تهمُّ ان تهوي على
رأْسي ولكن لا تشا أن تقربا
وإِخالُ بدرَ العشر وجهَ غزالتي
عني بميل فأَنثني متغضّبا
وكأَنما جَلَدُ السماءِ بزُهرهِ
روضٌ بزَهر النَور اصبح مخصبا
والبدرُ ذوالانوار امسى الدُّجى
مَلِكاً لهُ غدت الدراري موكبا
انا في الهوى اصبحتُ معتزلأ فلا
أبغي سوى هجسي أخا ليَ أو أبا
والعشقٌ أبعدُ منزلٍٍ يدع الفتى
عن أهلهِ وصحابهِ متغرِّبا
يامن أذابتْ مهجتي رفقاً بمن
عن حسنكِ الاسنى عناهُ تسبّبا
عظمت بيَ الأشواقُ حتى أنني
قد صرتُ أخشى الهجرَ اذ لن يحسبا
كم طرفُكِ الوسنانُ أوهمني الجفا
بفتورهِ وهو الوفا ليَ قد حبا
فأَعودُ في غضَبٍ كأَنَّيَ طالبٌ
سبباً بهِ أجدُ العتابض الطيّبا
باربَّةَ الدّلّ الذي ذلَّتْ لهُ
نفسي ويا من عشقُها لن يذهبا
ان كان أغضبني عليكِ تحيُّري
حبّاً فودُيَ لم يشأ أن أغضبا
ليس المحبةُ كالوداد فتلك في
صَلَفٍ تقومُ وذاك في دعةٍ ربا
كوني بمجد جمالكِ الزاهي على
نعمٍ وان اكُ في هواهُ مجرَّبا
ما زال وجهكِ يستعيد قطوبهُ
حتى عدا وجهي فعاد مقطّبا
لا تنجلي بظهور حسنكِ لي فذا
شرفٌ ولا تَدَعي السنى منحجّبا
فاذا الغنيُّ أضاق بخلاً عيشهُ
ما عاشَ الا كالفقير مخيّبا
يقضي اللياليَ وهو يجهدُ ان يرى
كاساتهِ تُملى وإن لا يشربا
لم يقنع الانسانُ قطُّ بمكسبٍ
يوماً ولو أُعطي الكواكبَ مكسبا
والضيمُ يعذب للفقير اذا رأى
رب الغني في بخلهِ متعذَّبا
كم يفعل ابنُ الجهل ما هو مكربٌ
ويقول أنّيَ قد فعلتُ المطربا
والمرءُ قد يغدو ذميماً في الورى
يوما يحاول أن يكون مطوّبا
عظم الشقافي ذي الحيوة فلانرى
شيئاً بها لذوي النهى مُسْتَعْذَبا
ولربَّ ساعة راحةٍ للمرءِ قد
تركت لديهِ كلَّ شيءٍ متعبا
ما دام جنح الموت فوقَ الكلِّ ذا
خفقٍ فكل العمر يذهب مكربا
فاذا بسطنا الجسَم في تشريحهِ
تلقاهُ للموت الزؤُوم مركَّبا
كل ُّالوجود محاربٌ أجزاءَهُ
حتى يتيحَ لها الفناءَ المرعبا
فحيوةُ كليّ الطبيعةِ طالما
حلَّت حيوةَ الجزءِ كي تتركَّبا
هذا هو المجرى الطبيعيُّ الذي
نهجتهُ حكمةُ قدرةٍ لن تُسلبا
لكنما للناس موتٌ غيرُ ذا
أعني بهِ البينَ المقيمَ تغرُّبا
يا أيها القوم الذين تغرَّبوا
عني وقد جعلوا الثبوتَ تقلبا
أنتم ركبتم ظهرَ قفرٍ سائلٍ
وأنا جريتُ على القفار مشبّبا
لو كان يدري البحرُ ندبيَ والبكا
لأَعادكم نحوي وسدَّ المندبا
أوَلو درى أنَّ الذين عليهِ هم
أنتم لصفَّقَ بهجةً واسترحبا
ولكانت الأمواج ترفع هامها
فوق الجبال لكي تنادي مرحبا
سيروا فربُّ البحر يمحو الموجَ اذ
بمثلَّث الاسنان يحمي المركبا
ودعوا أليفكمُ القديمَ مراقباً
زبدَ المسير وللقا مترقّبا
يرنو إلى الشهبا فينظرها غدت
سودا ولو لبست وشاحاً أشهبا
وكأَنَّ قصرّكمُ أخو عقلٍ رأى
مينَ الحيوة فرأمَ أن يترهَّبا
وكأَنَّ قلبي بعدكم عصفورةٌ
سقطتْ على شركٍ فرامت مهربا
ولربَّ ليلٍ بتُّ أقرأُ آيهُ
والقلبُ لم بفهم سوى حاءٍ و با
أصبو اليكم والحشى مضرومةٌ
بلهيب أشواقٍ أبتْ أن تُحسَبا
ليلٌ تلوحُ من الغمام نجومهُ
كالحرش من أدغالهِ تبدو ظبا
والشرقُ من شفتيهِ يطرح أنجماً
ولبلعهنَّ اعتاد يدعو المغربا
والشمسُ في لجج المغارب كلَّما
غاصت تعير الأفق ثوباً مُذهبا
تحكي رداحاً ذات شعرٍ أشقرٍ
سارت فلاح الشعرُ والوجه اختبا
لكنَّ أفاقَ الشمال لحرصها
لا تسمحنَّ لنجمةٍ أن تغربا
فیثورُ في أقصى الدماغ تعجبي
اذ أنظرُ الكونَ العجيبَ المرهبا
حيثُ الطبيعةُ قد حمت أسرارَها
بقوى السموِّ فلم تغادرْ مذهبا
فمن ابتغى ادراك ذلك لم يكن
الا كطفلٍ للقراع تطلَّبا
حتى هرعتُ إلى التفرُّد قاصداً
ترجيعَ أفكارٍ شردنَ تعجُّبا
فالكتبُ تدعوني بأَلسنة الهُدَى
لوصال أبكار القرائح في الخبا
وإذا توقَّد خاطري أصبو الى
سير الحدائق كي أنال ترطُّبا
والأرضُ لولا سيرُها الدورين ما
طاقت لهيب الشمس بل كانت هبا
يا ليلةَ البين التي قد أظلمتْ
وبها لقلبيَ ذكرُ صحبيَ عذَّبا
جُنَّ الدجى والأفقُ عبَّس وجههُ
والجوُّ أزبدَ بانسحاب وضبضبا
حيثُ الصواعقُ كالقنابر كلما
صاحت تزلزلت الشوامخ والربى
خضنَ الفضاءَ وغصنَ في لجج
الغمامِ وإذ نفذنَ بعثنَ ريحاً قلّبا
خوفَ الظلام عرى الطبيعةَ فانبرت
ترمي صواعقها لتفني الغيهبا
ظلمٌ بهنَّ الأرضُ في جوف السما
ضاعت وأضحى الكونُ هولاً مرعبا
حتى أذا ما البدرُ لاح مبدداً
سُحُبَ الدجى سلَّى القلوب وطيَّبا
كمليحةٍ برزت بثوبٍ أسودٍ
تُجلى وتقصد أن تزيحَ تنقُّبا
فأذا أفاضَ الفجرُ ماءَ نضارهِ
وغدا بهِ كفُّ السماءِ مخضبَّا
والصبحُ مدَّ على الجبال لُجينهُ
وبهِ جبينً الأفق لاح معصبَّا
تستبشرُ الدنيا بسُلمٍ جدَّ ما
بين السما والأرض فليتطيَّبا
وقال
أذا رأيتَ أديباً في مجادلةِ
يحاولُ الشتمَ قُل هذا بلا أدب
فما دعاهُ أديباً غيرُ ناصرهِ
وهل يقومُ بنصر الغمر غيرُ غبي
وقال الى صديقٍ لهُ
أثر النوى
لي في يدِالبين قلبٌ راح يضطربُ
ومهجةٌ في لهيب الشوق تلتهبُ
بينٌ بهِ مقلتي تُحيي الدُّجى أرقاً
والروح والقلب ذي تهفو وذا يجبُ
ومعشرٍ خلَّفوني في البعاد على
جمرالغضا مذبهم قد سارت النجبُ
بعدٌ أعاد نهارَ القرب ليلَ نوىً
واغتال شمسَ الهنا حتى بدا الكربُ
وكم يلوحُ على وجه الطبيعة من
كآءبةٍ حينَ شمسُ الكون تحتجبُ
يا أيها الدهرُ هل عيني تعودُ الى
رويا الأحبةِ قل لي أيها الغضبُ
صممتَ أذنكَ لكنْ عن بكاي وقد
أغمضتَ جفنك لكن تحتهُ اللهبُ
لوكنت تصغى لما قصَّ الحمامُ على
سمعي حديثَ بكا سلمی فأنتحبُ
رعبوبةٌ أن تكن عن ناظري اغتربت
فأنها عن فوادي ليسَ تغتربُ
وظبيةٌ مذ رأت عيسَ النوى ظعنتْ
بها بكت لفراقي والنوى نوَبُ
وجهٌ لها يحملُ الحسنَ البديعَ ولي
قلبٌ شجٍ تحت حملِ الشوق مضطربُ
ألقت محبَّتُها في القلب كلَّ هناً
كذاك أبدت لهُ ما فيهِ يكتئبُ
مثلَ الهواءِ الذي منهُ الحيوة لنا
تاتي ومنهُ لنا الأمراض والعطبُ
يا طلعةً اطلعتْ فيها الطبيعةُ لي
جواذباً نحوها الأرواحُ تنجذبُ
كلٌ من الجوهر الأصليّ قامَ وما
كلٌّ يُحَبُّ فما بين الدما نسبُ
أن كان أبعدها عني النوى فعسى
يبدو منَ البعدِ قربٌ كلهُ طربُ
والبعدُ يخلقُ عتباً في اللقاءِ فكم
يلذُّ من فمها عند اللقا العتبُ
هيهاتَ يحسنُ لي طيبُ الحيوة اذا
غابت عن العين في السول والأربُ
فما الحيوةُ وما هذي الجسومُ وما
هذا القيامُ وما الدنيا وما الحقبُ
طبيعةٌ تحتَ لمح الوهمِ تظهرُ في
شكل الوجود ظهوراً كلهُ عجبُ
أو المعادنُ تحتَ الالتئَام تُرى
مقسماتٍ الى ما ليس ينحسبُ
فمن جوامدَ لا تهوى الحيوة ومن
ذوي حيوة ومن نبتٍ لها يحبُ
وللوجود قوىً تدعو عناصرًهُ
الى اجتماعٍ بهِ الاجسامُ تُكتسبُ
وما العناصرُ من حيثُ الكيان سوى
روحِ الفراغ وهذا مذهبي الذهبُ
ليس الفضاءُ بخالٍ فهو منشغلٌ
بما اليهِ قيامُ الكون ينتسبُ
هناك أصلُ الهيولى قامَ منتشراً
أصلٌ تفرَّع منهُ العالم العذِبُ
أينَ العذوبةُ ياذا الحيُّ قل ليَ في
هذا الوجودِ ففيهِ البوس ينسكبُ
تُوحي الحيوةُ الى جسمي فيطلبُ من
يدِ التراب غذاهُ بئس ذا الطلبُ
فما رفعتُ يدي بالخبز نحو فمي
الاَّ وأزهقَ روحي ذلكَ التعبُ
قد أحدق الضيمُ بالدنيا فحيثُ بدت
مسرَّةٌ كان فيها يكمن الحربُ
بئسَ الحيوةُ التي أغرت بنا فمشى
كلُّ امرءٍ في ليالٍ ما لها شهبُ
يسعى الفتى في سبيل العمر مندفعاً
إِثرَ المنونِ وتجري خلفهُ النوبُ
مثلتُ صورة ذي الدنيا مجردةً
للذهن فارتسمت في وجهها النكبُ
لوِ الجنينُ درى ماذا يُعَدُّ لهُ
في الأرض لم يخلِ رحماً فيهِ يحتجبُ
وليس يدري الفتى ماذا يجيءُ بهِ
حكم القضاءِ فعلمُ الغيب مغتربُ
فلو علمت بأنَّ القرب غايتهُ
هذا النوى كنتُ كل القرب أجتنبُ
واشوقَ قلبي لأحبابٍ نأَوا فأتى
لدرّ دمعي لصُّ البين ينتهبُ
زموا الرحالَ غداة البين وارتفعوا
على قويقٍ فعاد الغمُّ ينتصبُ
وقد أساروا مطيَّ البعد مثقلةً
فراحَ قلبيَ نحوَ الركب ينجذبُ
يا أيها الصحبُ قدأودى التبرحُ بي
وقد أضاع احتمالي ذلك الوصبُ
ما حمَّل الله نفساً فوق طاقتها
فكيف أحمل ما يعفو بهِ العصبُ
أنتم خسفتم رشادي بالرحيلِ كذا
حادٍ لكم مسَّني من شدوهِ العطبُ
لا يخسفُ البدرُ في قوس الحضيض ولا
في الأوج بل للخسوفِ الراس والذنبُ
فها ترون رؤُوس السرو في حلبٍ
تدعو تقربكم ما الريح تنتشبُ
كذاك قلعتنا العجبآءُ باسطةٌ
لقربكم ساعديها وهي ترتقبُ
حصنٌ أقام بجوفِ الأرض أرجلهُ
اذ قد أحاطت بعالي رأسهِ السحبُ
فكم على صدمات الدهر قد صبرت
أسوارهُ حيث لم يصدَع لها جنبُ
ها أنتِ يا قلعةَ الشهباءِ لحتِ لنا
مثلَ الشهابِ وها فيكِ ازدهت حلبُ
فكم عليكِ ملوكُ الأرض قد نصبت
راياتِ حربٍ ولم ينجح لهم نصبُ
كأنَّ عنوانَ يوَّابٍ وقاكِ لذا
عاد التمورلنكُ فِي الخيباتِ ينتحبُ
كذا لوت بالصليبيين قهقرةٌ
لما أتاكِ صلاحُ الدين والعربُ
لم يبقَ من أثرٍ تزهو بهِ حلبٌ
يوماً سواكِ فلا أرداكِ منقلبُ
على جبينكِ أيدي الدهرِ قد كتبت
حوادثاً لم يخامرْ نصها الكذبُ
كأنها حين تبدو ضمنَ خندقها
بدرٌ على ها لةٍ جوفاءَ منتصبُ
أبقي على وجهها صدمُ الوغى أثراً
يدعو الرثاءَ وتشويها بهِ الكربُ
لولا اختلافُ نواميس الشريعة ما
بين الورى لم يقم ما بينهم شغبُ
يا طالما عضدت أيدي الجهالةِ من
يهوى الخرابَ وكم فوق الثرى خربُ
ذو الجهلِ يألفُ ذا جهل ويأنفُ ذا
عقلٍ كذا لم يطقْ لمع السنى كلبُ
وكل وحشر عن الانسان يهرب من
خوفٍ وذو الانس لايلوي بهِ الهربُ
فكيف عني صار الانسُ منهزماً
مذ غاب عني من أمثالهُ الشهبُ
نعم أنا لا أرى أنساً ولا طرباً
الا بهِ فهو عندي الأنس والطربُ
بالله قلْ لي أيا نجلَ الكرام متى
يدور قربك قل لي أيها القطبُ
وارحم أخاً كاد هذا البين يقتلهُ
حتى مَ عن مقلِ الأصحاب تغتربُ
وقال
أبدت لنا الطلعة الغرا من الحجبِ
فلم تدع قلبَ صبٍ غير ملتهبِ
هيفاءُ تزري غصون البانِ قامتها
وظبيةٌ أن رأتها الأسدُ تضطرب
ضربٌ من الزنبق العطريّ نفحتها
وريقها بفمي أحلى من الضَّرَبِ
رامت مماتي بسيفٍ من محاجرها
والموتُ لي بالهوى أن ترضهُ يطبِ
أزوت غصونَ اصطباري نار وجنتها
لكن بها قد نما غرس الهوى وربي
ياطالما عذبتني بالهوى ظلماً
وكم صبرتُ على تعذيبها العذبِ
بالله يالحظها الزنجيّ كم أُسِرَت
بك القلوبُ بلا بيضٍ ولا يلبِ
اأستودعُ الله روحاً بالهوى قتلت
بعد العذابِ بلا ذنبٍ ولا سببِ
لاتحسبوا أَنَّ لي بالحبِ مصطبراً
ياعاشقونَ فليس الصبرُ من أربِ
بوقُ الهوى مذ دعا قلبي أجاب ومذ
دعاهُ بوقُ جميل الصبر لم يجبِ
بلوى الغرام
أعد الصبرَ أن يعدك الحبيبُ
وتجلد فكلُّ آتٍ قريبُ
لا يلَذُّ الوصالَ للصب الاَّ
بعد هجرٍ تعجُّ فيهِ الكروبُ
أينَ صبري ولم يعد من وجودي
غير شوق منهُ فناني لهيبُ
اسفحُ الدمعَ كلما همتُ وجداً
اهِ لولا سفحُ الدموع أذوبُ
عبث الضيمُ والسقامُ بجسمي
فخيالٌ لولا اللظى محجوبُ
أيُّ عضوٍ لم يولهِ الحبُّ سقماً
فكأني الى الضنا موهوبُ
بلهيب الهوى فؤَاديَ يفنى
وبروض الجمال عيني تطيبُ
زلزلَ الوجدُ في الهوى طود صبري
يا لطودٍ قد زلزلتهُ الخطوبُ
منظري بالضنى نذيرٌ لمن ظن
الهوى ليس فيهِ شيءٌ عجيبُ
زفرة تتلفُ الحشى بلظاها
وسهادٌ ومدمعٌ مسكوبُ
يلحى اللهُ عاشقاً يألفُ النومَ
ورأساً من الهوى لا يشيبُ
أيها العاذلُ أجتنب عنك نصحي
فأنا لستُ للعذولِ أُجيبُ
أمرضتني الجفون في بلد الحبِ
فها أنني المريضُ الغريبُ
كيف أخفي الهوى عن الناس يوماً
والهوى فوق جبهتي مكتوبُ
حلّلت بالجمال قتلي خودٌ
ان تثنَّت لها يخرُّ القضيبُ
من يقُسها با لبدر وجهاً وبالغصن
قواماً فذاك ليس بصيبُ
بفمي الريقُ منها راحٌ وشهدٌ
وبقلبي العليل روحٌ وطيبُ
أتلفَ الجسمَ حبها فكأَني
ما خَلَا الصبرَ بالضنا أيوبُ
دهشة الهوى
ماست فأورثتِ الفؤَاد عذاباً
ورنت فغادرتِ الجنانَ مصابا
غيدآءُ قامَ بها الجمالُ فان بدت
تسبي البدور وتسلبُ الألبابا
ماقيمةُ الأنوار ان لاحت وما
ثمنُ الغصونِ اذا انثنت اعجابا
رقَّت لطافتها وراق بهاؤُها
فرقت على قمرِ السماءِ جنابا
طرفي ومبسمها أقاما نسبةً
هذا غدا برقاً وذاك سحاب
مذ أقبلت تختالُ تحتَ قراطقٍ
وتديرُ من خمر الهوى أكوابا
عانقتُ غصناً مائساً من قدّها
ونشقتُ من أنفاسها أطيابا
وهمتُ ألثمُ خدَّها وعيونها
فلثمتُ لكن جمرةً وحرابا
تحنو عليَّ فلم تدع حركاتها
في القلب الاَّ صبوةً ولهابا
لما أدارت لي الكؤُوس وثغرها
يسقي النديمَ عن المدامِ رضابا
لم أدرِ هل سكري بخمرة كأسها
أم من لماها قد شربتُ شرابا
تدنوا فيلويها الدلالُ فتنثني
عجباً فتبقي في العقول عجابا
ولقد سقتني من شمول وصالها
كأساً بسلسال العناق مشابا
عطفت عليَّ فصيرَّت مني الحشى
ناراً وكان من الصدود ترابا
وشدت فأغنتنا عن المغنى الذي
قد ضمَّ عوداً مطرباً وربابـا
مذبات عشاق السماع بشدوها
متحيرينَ نوت لهم اغرابـا
تمشي وميلاتُ القوام تزينها
وتهزُّ خصراً حاملاً أتعابا
فاذا اكتست حلَل الحياعنداللقا
فأنا اكتسيتُ من الغرام ثيابا
حكمت على تلفي فقمت بطوعها
ودعت فؤَادي للفنا فأجابا
ان أنكرت قتلي بسيفِ لحاظها
فدمي بخدّيها يقرُّ صوابا
وإذا أردتُ عتابها فيصدُّني
خفقانُ قلبٍ في هواها ذابا
بأعاذلي كرّر بلومي ذكرها
وأنعش بهِ الولهانَ تلقَ ثوابا
فهي التي سلبت بطلعة حسنها
عقلي وذقتُ بحبها الأوصابا
يامن بدت فجلت بداجي فرعها
قمراً لهُ اتخذَ الجمالَ نقابا
بالذلِّ جئتُ مؤْملاً وصلاً فلا
تَدَعي العواذلَ أن يقولوا خابا
أن ترتَضي موتي بحبكِ فأحكمي
فالموتُ في سننَ المحبة طابا
لاتحسبي أن شبتُ شاب معي الهوى
انَّ الهوى نسرٌ يُعيدُ شبابا
لا عادتِ الأبصارُ تبصر حالتي
فقد اتخذتُ من النحول حجابا
شذبَ الهوى جسمي وأوهنَ أعظمي
ومن العيونِ قد امترى تسكابا
ياليلةً بالوصلِ هل من عودةٍ
فيها أجرُّ من الهنا جلبابا
وصلٌ وهجرٌ للمحبِّ وإنما
هذا أتى عَذِباً وذاك عَذابا
ياقامةَ الغصن النضير ترفقي
بفؤَادِ صبٍ بالعيون أَنصابا
إن غبتِ عن عيني أيا قمري فعن
قلبي خيالُك لايشاءُ غيابا
أَوَ مَا عملتِ أيا مليكة مهجتي
أَن المحب عن الهوى ما آبا
ان كنت في ريبٍ بصحة قتلتني
فأنا بسيف اللحظ لن أرتابا
فترفقي يا من حوت حسنَ الورى
بمتيمٍ في ذا الهوى ما حابى
وقال
ومهاةٍ فتنتني
بسنى الحسن العجيب
وردُ خديهاسقتهُ
مقلتي فهو نصيبي
وقال
وشاذنٍ تدهشُ الألبابَ طلعتهُ
من ثغرهِ يشربُ الندمانُ مشروبا
بدا وصلُّ عذاريهِ النوى فغدا
قلبُ المتيم مسلوباً وملسوبا
وقال
بدت أسماءُ من خلل الحجابِ
كبدرٍ لاح من ذيل السحابِ
فهمتُ صبابةً وغدا فؤَادي
على جمر ودمعي في انصباب
علقتُ بها رداحاً قد رماني
فتورُ الجفن منها بالحرابِ
تجلت فاللواحظُ في جنانٍ
زهيٍّ والجوانح في التهابِ
وقد نظرت الي َّوكلُّ عينٍ
من الرقباءِ تقدحُ كالشهابِ
تهاديني التحيةَ في خفاءِ
بألحاظٍ يحَلْنَ على التصابي
فيا لكِ نظرةً وقعت بقلبي
وقوعَ المشرفيِّ على الرقاب
ومذ حانَ الفراقُ غدا حسودي
بأفراحٍ وقلبي في اكتئابِ
جمالٌ حارَ فيهِ العقل لما
بدا من تحت ذيَّاكَ النقاب
على وجهٍ تغارُ الشمس منهُ
إذا كانت على أفقِ الغيابِ
أذاتَ الدَلّ كم تبدين صداً
رويدَكِ قد كفى زمنُ العقابِ
بصدِّكِ بازوراكِ بالتجني
بصبري باحتمالي بانتحابي
خذي بيدي ولا تدعي فؤَادي
على ذاك التوجع والعذابِ
فطيبً النوم عني بابتعادٍ
وخبثُ السهد مني باقترابِ
بدمع لواحظي ولهيب قلبي
رأيتُ سيول آذارٍ بآبِ
هبي نضوَ الهوى لثم الثنايا
عسى يطفي اللظى بردُ الرضابِ
بحبك قدأضعتُ جميلَ صبري
لك البشرى وعدتُ بلا صواب
على جسدي السقامُ بدا فرفقاً
بهِ وارثي لشيبي في شبابي
ولما كهرباءُ الحبُّ بثت
بقلبي عاد يخفق باضطرابِ
علامك لا تفينَ حقوق ودي
ولم اكُ في المحبة بالمحابي
وعنك اذا نأيتُ وذا محالٌ
فانُّ اليكِ يا أملي مآءَبي
هواك لقد غدا بحراً كبيراَ
ولستُ أخوضُ الاَّ في العبابِ
مرور النسيم
نبهي يانسيمُ عينَ الحبيبِ
حيثُ في غفلةٍ عيونُ الرقيبِ
وإذا ما لثمت مسكَ عذاريهِ
احملي من شذائهِ في الجيوبِ
واتركي عطفهُ الرخيمَ لئلا
تزعجيهِ فهو بلطفٍ عجیبِ
واحذري حيثما تهبي افتضاحاً
ليس يخفى أريجُ مسكٍ وطيبِ
وإذا استنطقوكِ قولي لهم من
روضةِ الوردِ والخزام هبوبي
يانسيم الصباءِ بالله هل عا
ينتِ آساً يقومُ حولَ لهيبِ
ياحبيبَ الفواد بالله مهلاً
كم وكم أنت قاصدٌ تعذيبي
بهواكَ اعفُ ان يكن لي ذنبٌ
ليس عفوٌ لولا وجودُ الذنوبِ
يا لكَ الله كم فتكتَ بقلبٍ
عن هوى الحسن ليس بالمقلوبِ
أيها القلبُ كن صبوراً على البل
وى ولا تسأَمنَّ جورِ الحبيبِ
وإذا الصبرُ كان للذوق مرّاً
فهو يحلو بالضيق عند اللبيبِ
ياحياتي حُجبت عني وإني
أعهدُ البدرَ ليس بالمحجوبِ
أنتَ في منجتي سكنتَ لك اللُهُ
فيا مهجتي احذري أن تذوبي
لستُ أرضى سواكَ يوماً حبيباً
لي ولا أنثني إلى مطلوبي
قال لي العاذلونَ كن سالياً فه
و صوابٌ فلم أكن بالمجيبِ
وإذا ما الجهولُ قالَ كلاماً
ظنَّ أقوالهُ كلام مصببِ
كيف أسلو هواكَ أستغفر اللهَ
ومرآءَكَ راحةٌ للقلوبِ
أنت روحي وراحتي وعنائي
أنت أمرضتني وأنت طبيبي
خدُّك الروضُ لي ونحرك صبحي
وكذا خمرة اللمى مشروبي
كلُّ من لم يسكر بصرف الهوى فه
و من الدنيا ما لهُ من نصيبِ
بالنوى ياعشَّاق كم بتُّ شوقاً
راصدَ الأوج والصبا في هبوبِ
اح نومي وظلَّ سهدي وما قلَّ
من الصبرِ زائدٌ بنحيبي
إن جيشَ الهوى اذا حلَّ قلباً
رَحلَ الصبرُ رحلةَ المغلوبِ
ياغزالاً سلبتَ روحي دلالاً
فانعطف بالهوى على المسلوبِ
ودع الصدَّ والنفار أيا ريماً
رماني بسهمٍ لحظٍ مصيبِ
فتح الوردُ في خدودك لما
أوردتهُ عيني فكان نصيبي
مر أخا الوجدِ بالذي أنت ترضى
فتراهُ يعنو بطوعٍ عجيبِ
وإذا ما النفوس مازجها الحبُّ
أتت بالخضوع للمحبوبِ
تِهْ دلالاً ما شئتَ اني قبولٌ
يحسنُ التيهُ من غزالٍ ربيب
ليسَ يحوي العشرين عمري ولكن
قد كساني الهوى ثياب المشيبِ
فأنا في الشهباءِ صرتُ شهاباً
ما لهُ عن أفلاكها من غروبِ
حلبٌ جادها الحيا زينة الدنيا
وأم البلاد ملجأ الغريب
طابَ عيش الأنام فيها فلم يوجدْ
بها من كوارثٍ وخطوبي
قم بنا بكرةً لروضتها الغناءِ
نجلي صدى الأسى والكروبِ
روضةٌ رنحَّت نسيم الصبا أغ
صانها فانثنت كقدِّ الحبيبِ
خطب العندليب في منبرالدوحِ
فأضحى للسمعِ خيرَ خطيبِ
نهرُها والغصونُ والطير ما
بين غضوبٍ وراقصِ وطروب
وقال لحادثة جرت في أنطاكية
الكفَّارة
قفْ فوقُ سمعان حيث العجب والعجبُ
وانظر إلى مشهدٍ يجري به الرهبُ
ولا تدع نظرات الطرف شاردةً
بين الرسوم فقد يلهو بها الحرب
فالدهرُ أودع أسرارَ التقلب في
تلك القفارِ التي قامت بها الخربُ
ونقّلِ الخطو حتى يستقرُّ على
مدينةٍ توجتها بالسنى الحقبُ
هناك عاصمةُ الدنيا قداحتجبت
بين الرُبى كغزالٍ حطهُ التعبُ
فيا سقى اللهُ أنطاكيّةً ورعى
تلك الربوعَ التي ترعى بها السحبُ
جناتُ أرضٍ بها من كل فاكهةٍ
زوجانِ يجري عليها كوثرٌ عذبُ
مدينةٌ فاخرت كل البلاد وقد
تعظمت اذ غدت لله تنتسبُ
يا طالما اهتزتِ الدنيا لسطوتها
قدما وأضحت ملوك الأرض تضطربُ
ما هاجمتها الملا الا لقدرتها
فالفرس والروم والاتراك والعرب
كذاك لولا دويُّ الحافلين بها
ما دماها من الزلزال منقلبُ
وربما أنتج الاقلالَ فرطُ غنىً
وكم خرابٍ لهُ عظم البنا سببُ
فبابلٌ بلبلتها كلُّ حادثةٍ
وتدمرٌ دمَّرت أركانها النوَبُ
لكنَّ ذي لم يزل نورُ الجلال على
جبينها كضياءِ الشمس يلتهبُ
ان كان منها اسمُ دين الله قام فكم
لها الوقارُ على كل الورى يجبُ
فيها تشيد للانجيل ركنُ هدىً
قبل الجميع ومنها قد بدا اللقبُ
كذا المدارس قد قامت مراكزها
بها فدار عليها العلمُ والأدبُ
فلا رعى الله قلباً لايميل إلى
إِكرامها فهو قلب ما لهُ نسبُ
هل انت يا أمُّ سوريا أملت لنا
سمعاً لنهديكِ مدحاً كلهُ رطبُ
فنحنُ أَبناؤكُ القدمُ الذين لهم
منكِ الفخار وحسن الأصل والحسبُ
ومن ثداك رضعنا كلَّ مكرمةٍ
فتحتَ ظلكٍ طولَ الدهر نحتجبُ
وليس للطفلِ الَّا أمهُ سندٌ
عندالوقوع وعونٌ ان جرى الوصبُ
هيهات ننكر فضلا منك قد شهدت
به لدينا عصورُ الدهر والكتبُ
لولا وجودكِ لم يظهر لنا وطنٌ
منذ القديم وما كانت نمت حلبُ
فلا برحتِ مناخا للرحالِ ولا
زالت عليك هباتُ الله تنسكبُ
ياحبذا بلداً طاب المقيلُ بهِ
طولَ الزمانِ وقام الصفو والطربُ
هناك قد خضع العاصي خضوع اخي
هوىً برى وجهَ من يهوى فينجذبُ
يجري ومن حولهِ زهرُ الربيع زها
مثل المجرَّة تزهو حولها الشهبُ
كذا النسيم الذي يشفى العليلُ بهِ
اذا سرى لاحَ بشرٌ وانمحى الكربُ
وإن تغنت على ألحانها وشدت
ورقُ الحن رقصت من تحتها القضبُ
فكم هناكُ ذووالاسقام قدر حلوا
وهم يعودون لاسقمٌ ولا عطبُ
من زار أرضاً بها عزاً رای و شفاً
ثم انثني نابحاً عنها فذا كلبُ
أرضٌ لسكانها لاق المديحُ فهم
قومٌ لهم اوجهٌ بالبشر تنتقبُ
بيضُ الصفات حسانُ الطبع أهلُ تقىً
لا يعرفُ الحقدُ منهم لا ولا الغضبُ
يسارعون لاكرامِ الغريب فما
اردتْ بمن في حماهم يحتمي الغربُ
هم أهلُ جودٍ فلا ردٌّ لزائرهم
وأهل لطفٍ فهم بين الملا نخبُ
وإن يكن عرفهم قد ساءَ ناكرهُ
ولم يوافق هواهم من بهِ جربُ
فالشمسُ يوذي كليلَ الطرف مشرقها
والورد ينفرُ عنهُ الخنفسُ الكربُ
يامعشراً لأْلأَت آلآؤُهم وسمت
سيماؤُهم ولهم أضحى الثنا يجبُ
ان كان حُقَّ لكم ان تحقدوا فأرى
لا يحمل الحقدَ من تعلو بهِ الرتبُ
وقال
خاطرتَ بالنفس فأوقعتها
في شرَك الأعداءِ حيث الوصبْ
يخاطر الجاهل في نفسهِ
وما من الأخطار غير النصبْ
الحنوّ
تبدَّى سنى ذاك الجمال من الحجبِ
فغادرَ سرَّ الحبّ يجلى على قلبي
وأومض برقُ الحسنِ من ذلك الحمى
فهيج وجدي حيث لم يدرِ بي صحبي
سقى العارضُ الوسميُّ ذاك الحمى فكم
بهِ من بدورٍ قد تجلت على قضبِ
ربائبُ مازالت تديرُ من الهوى
كؤوساً على ربِّ الصبابة والحبِ
يغازلنَ بالالحاظِ وهي صوارمٌ
فيقتلنني عمداً وما لي من ذنبِ
فمن كلِّ حسناءٍ تميتُ اذا جفتْ
وتحيي اذا جادت بمرشفها العذبِ
دعوني دعوني يا عواذلُ انني
حليفُ الهوى مضني الجوى فاقد اللبِّ
محبٌّ اذا ما جاءَ ذكرُ حبيبهِ
يطيرُ شعاعاً قلبهُ الهايم المسبي
أنا هو قطب الحب دارت بساحتي
سرائرهُ والدورُ يُعزَى إلى القطبِ
وصبٌّ اذا هزَّت يدُ الشوق نفسهُ
شكت مقلتاهُ الضرَّ من ذلك الصبِّ
اذا احتاج تلميذٌ لضربٍ فانني
تعلمتُ أشكال الغرام بلا ضربِ
وخطُّ الهوى ان مسَّ دائرة النهى
يقاطعها خطُّ الدراية والإِربِ
بروحي عجباءَ هواها أطاعني
وصبري عصاني ان ذا لمن الخطبِ
لها أعينٌ ترمي سهاماً فان رنت
سمعتُ بأذني رنةَ السهم في قلبي
بأفق محيَّاها زهت زُهرَةُ البها
وليس لها عن أعين القلب من غربِ
يذوبُ فؤَادي حيثُ لاحَ جمالها
وتجمدُ عيني وهي سائلة الغربِ
ويخفق قلبي كلما تذكر الجفا
خفوقَ قلوبِ الجبنِ في حومة الحربِ
رجوتُ نوالَ القربِ منها فلم تجدْ
ولم أدرِ ما نمَّ الوشاة ذوو الكذبِ
وقالت أيا مغرورُ هل أنتَ ترتجي
لعمرُك من بدرالسما صِلةَ القربِ
فلما تمادى الصدُّ والقلبُ ما سلا
وقد شمَتَ الحسَّادُ بي مذ رأَوا شجبي
فجاءَت ترى ماحلَّ بي بعدَ بُعدها
فأبغضت الواشين لما رأَت نحبي
وقالت حبيبي هل جميعُ ضناك من
صدودي فطب بالوصل ياصادق الحبِ
بكت اذ رأَت عيني يسيلُ عقيقها
فرصعتِ الياقوتَ باللؤْلؤِ الرطبِ
وحنت وقالت قرَّ عيناً ولا تكن
كئيباً فما كان الجفاءُ سوى لعبِ
وقامت الى التوديع حين انجلى الدجى
وهارَ ووجهُ الفجر لاح من الحجبِ
فقلتُ لها يا نورَ عيني متى اللقا
أجابت غداً فاصبر ولا تكُ في كربِ
ومذ جَعَلت فوقَ الجبينِ يداً بها
تودعُ صادت طير قلبي بالقُلبِ
فكم جذبتني مقلتاها عن السوى
بقوة ذاك الاحورارِ الذي يسبي
إذا مرَّ سيَّارٌ بأخرَ في السما
يميلانِ عن خطيهما بقوى الجذبِ
وقال
حبيبي هل لحسنك من نظيرِ
وهل لي غير وصلِكَ مستطابُ
نظرتُ اليك فانسكبت دموعي
ولولا الشمسُ ما سحَّ السحابُ
وقال
خطراتُ ذكرك تستثيرُ مودتي
لكَ يا رشاً للقلبِ كان حبيبا
قافية الباء
ولظى خدودك تنجلي لنواظري
فاحس منها في الفؤاد دييبا
لاعضو لي الا وفيه صبابة
تهدي وتهدر ادمها ولهيبـا
ناجى الهوى قلبي فهامت اضلعي
فكأن اعضائي خُلقن قلوبـا
إلى صاحب له
إذاكان تعذيبُ الهوى لك يعذب
فمالي ارى هذي المدامع تسكب
ترى هل صروفُ الحب أصرفت النهى
فرحت ولا تدري الذي بكَ يلعبُ
وليس الهوى الأقوى تجذب الفتى
الى ما يريح القلب طور او يتعب
فان نعمت بالوصل نفسك ساعة
فكم بالجفا تشقى اسى وتعذب
وما الحسن كاف للمحبة وحده
اذا لم يكن بين القلوب تقرب
وشر الهوى ما لم يكن متبادلاً
وخير الهوى ما للفريقين يصعب
تطيب تباريح الغرام لاهله
وكل خبيث عند باغيه طيب
اذا ما بدا للصبّ وجهُ حبيبهِ
يصيبُ ارتياحاً قلبهُ المتعذبُ.
فعينُ بجناتِ المحاسنِ ترتعي
وقَلبُ على نار الهوى يتقلٌَبُ
امشرقةً بالحسن والبدرُ دونهُ هو
فديتك شمساً في فؤَادي تغربُ
نسيم الصباذا ام دلال الصبى بدا
وفرعك هذا أم تفرع غيهب
جلوت هلالا تحت ليل غدائر
سبلن على قد الى البان بنسب
ومن أفق ذاك الجيد شمس الجمال قد
بدت فاليها كوكب الطرف يجذب
جبينكِ ذوالنورِ الصباحيِ كلما
بدا قلت يا ليت العواذل تحجبُ
قافية الباء
اتحمين ورد الوجنتين ببرقع
وعندك صل الفرع يحمي وعقرب
ففي خدك الورد الذي يجتنى
وفي تغرك الدرالذي ليس ينقب
بروحي ليال كان وجهك بدرها
وكانسلذاك البدر عيناي ترقب
هجرت فاغضبت المحب فواصلي
لك الامر ما يرضى المحب ويغضب
وكم غياب قد بث ارعى نجومه
واصبو اليك كلما لاح كوك
فظلمك يجدي السيد والسيد مؤلم
وظلمك يهدي الشهد والشهد يعذب
يروم سلوي حسن وجهك عاذلي
وهيهات سلومابه العقل يسلب
فتقل الجوي لم يرتفع عن جوانحي
ولو أن هذا العذل خل مركب
يسيل دمي عن مقلتي صبابة
وقلبي على جمر المحبة يلهم
وكل دمائي ان تسل لم امت فعن
ضلوعي ارباح الهوى ليس تذهب
لقد حارب الحب اصطباري فانثنى
فرارا وصبر العب لاشك يغلب
وإن تفتقر نفسي لعون تنل فمن
يؤمل من يرعى الولا لايخيب
صديق به نبط الاخاء وحازم
تسنم منن الفضل ندب مہذب
كسته يد الايام جلباب رفعة
فراح لاذيال المكارم حب
زها في الورى خلقا وخلقاوقدعلا
سنى وسناء فهو كا لنجم برقب
صفي سليم القلب سيماؤه التقى
وفي كريم اللب للخير يرغب
به الود مغروس ولم يزوءاسى
ومن خيمه ينمو النهي والتأدب
تشب لظى افكاره بالذكاوعن
شمائله ريح الصباء تشيب
فمن فكره يبدو شعاع الهدى لنا
ومن لفظه خير الجواهر نكسب
قافية الباء
اخلاي ها غصن الوفاعاد مفرعا
بقلبي الذي عنودكم ليس يقلب
جلبت لكم در القريض فرائدا
وهل لسواكم ذلك الدر يجلب
البكم مني غادة عربية
تحييكم ما الطير في الدوح تخطب
وكم مشرق الشهباء يطاح انجما
من الغرب لكن مالهاقط مغرب
كسنكم ثياب المكرمات طبيعة
الاسرارها عن كل عمل شجب
ملذ باثار الطبيعة ذو الحجى
ويرهبها فالام للكل والأب
وقال
عذولي دع عذلي بحب مليحة
غدا وجهها في ظلمة الفرع كوكبا
فثقل الهوى لم يرتفع عن جوارحي
ولوكان منك العذل مخلأ مركبا
السلو
قل لمن قدحاولت قطع الخطاب
ان ذاك الصب قدعاف التصابي
ومن الحب خلت احشاؤه
وسلا عن ذلك الوجه المحابي
غدرت بالعهد اذ وافيتها
بالوفا والغدر من طبع الذئاب
انهج الدهرلها سبل الجفا
فمشت والدهر مخبار الصحاب
فغدا ترك الهوى مستعذبا
لي ولوجر عت كاسات العذاب
كيف لا اسلو التي قد جرحت
حرمة الود وفرت كالعقاب
كان في قلبي هواها كالربى
فغدا جنتني كالضباب
ربة الغدر انا رب الوفـا
وسارعاه الى يوم الحساب
قافية الباء

لااباديك با باديتني \\فانا سمح وحسبي ترك ما بي كل ما قد كنت استصوبi\\ منك بان اليوم لي ضد الصواب

وقال الى صديق له
اشارة الوداد
قلب على وصب الهوى يتقلب
وحشى على لهب الجوى تتلهب
ولظى الصبابة للفتي زمن الصبى
أشهى لديه من الصباء واعذب
لا يطرب الانسان شيء كالهوى
يوم الوصال فبئس من لا يطرب
فاشرب بكووس الحب في حان الصبى
يا ابن الحجي فالحب الدنيا أدب
وارع الغرام على الشبيبة قبلما
يرد المشيب ففيه حظك يهرب
لي من دمي الشهباءاحسن دمية
تحكي الشهات دمي فداها بسكب
خود اذا نظرت فرت كبدي فمن
لحظاتهاانصلت الصقيل الاشطب
صدغ لها لذع الفؤاد ومقلة
فتكت فذي اسد وذلك عقرب
وبخدها اتحد الحيا فاحا له
وردا ولكن مآؤه لا ينضب
يافتنة الالباب حسبك انني
اودعت قلبي في يديك يعذب
لسناك بعث العقل في سوق الهوى
بيعا به رغم العواذل اكسب
لكنني لم القى منك سوى الجفا
فجفاك اكثر من وفاك واغلب
بالامس وجهك كان يبسم بالرضى
فلم اراه اليوم غيظا يقطب
هل قد سمعت مقالة الواشين ام
عنت الفا فلاي شيء انسب
حاشا لمثلك ان تكون قبولة
دعوى الوشاة فكل واش يكذب
ومن المحال عليك ترك الوداد
ان المودة للمودة تجذب
لولا التجاذب في الطبيعة لم يقم
كون وإحكام الطبيعة تعجب
عطفا ايا ذات النغار على شبح
بفؤاده ايدي التصابي تلعب
صب اذا ما جاء ذكرك راح في
وادي الهيام كقيس لبني يضرب
كم بات يرصد بالنوى متحيرا
ركب النجوم وبالصبا يتصبب
ان كان حسنك حل في قلبي فلا
عجب فذا برج وذلك كوكب
اوكان عندك هان سفك دمي فذا
امر مهول عند غيرك يصعب
لهواك ارغب في الحيوة ولم أكن
من تلذ له الحيوة فيرغب
حزب الجمال باسره حتى غدا
عندي كفتح الله حبك يعذب
شهم صفت منه الصفات فاوشكت
من وردها كل الموارد تشرب
هو بحر ود منه يكتسب الفتى
درر الولاء فنعم هذا المكسب
حمدت مناقبة لذا مدحت وقد
كملت فضائله فليست تحسب
فطلاقة قصوى ورامي ثاقب
ومكانة عليا واصل طيب
ووداعة تدع القلوب لحبه
مجذوبة ابداً ومن لايجذب
هو في سماءالفخر بدر معزة
يزهو بنور بشاشة لاتغرب
لولم ينل شعري بمدح صفاته
شرقا لكان يخال أني أطنب
والشعر ليس يجلة شيء سوى
لفظ جميل فيه معنى مطرب
قافية الباء
يا أيها الندب الذي لك ينتمي
شرف الكمال كذالذكاالك ينسب
شيئان قد ندبا لمدحك همتي
خزي الحسود وحنك المستوجب
فمديح لطفك قد غدا دينا على
عنقي ومن كل مديحك يطلب
خذيااخا النعمى صداق الصدق من
راف اتى لرداح ودك يخطب
واركب ايا نجل الكرام على العلى
إن العلاء لمثل شخصك مركب
واحمل على الايام حملة كاسر
وإغز الخطوب فلامحالة تغلب
فمن الثناوالسعد عندك حجفل
ومن الذكا والعقل عندك موكب
وقال
اني رايت الناس في فصل الشتا
يتبادرون إلى القعود على الركب
والصيف فيه يشطحون فياشنا
الله درك كم تعلمنــا الأدب
حوادث الهوى
ياجمال الحبيب انت عذابي
وبمراءك قد أضعت صوابي
مشهد كلما تاملت فيه
عدت ارى الهوى بقلب مذاب
شبت مما قاسيت فيك غراما
بالشيب بلوح فوق الشباب
اخذتني خمر الصبابة حتى
صار عنلي مبددا كالضباب
وبقلبي الجوي احاط فاجري
عبرات العبون مثل السحاب
واستقر الحبيب في النفس حتى
صار بعدي عنه نظير اقتراب
فكأن الدنيا غدت لي غراما
حيث كان الاشياء تدعو انتخابي
قافية الباء
أرق دايم وشوق مديد و
ودموع نهي بكل انسكاب
وعيون ترعى بدور طهور
وفواد يرى بدور حجاب
واصطبار في الحالتين نفور
کنفارا اشر من ذي طلاب
باصحابي ما قولكم في فؤاد
ذاب وجدا ما قولكم ياصحابي
هل ظننتم أن العميم سهل
اوزعمتم كاس الهوي كالشراب
لاتظنوا أو تزعموا فهو صعب
كالمنايا وعلقم مثل صاب
فتكت بي يد الهيام واضنت
جسداضاع في خلال الثياب
يامهاة الحمى وبدر المغاني
وقضيب النقا وظبي الروابي
جذبتني منك اللواحظ جذبا
اخضعتني فواته للتصـابي
كلا أوقع الولوع لحاظي
ياحياتي عليك حل الفنابي
فاريحي المحب او فاقتليه
ان موتي خير من الأوصاب
لك لفظ لم يرو قلبي لولم
يك ريان من زلال الرضاب
ليت قلبي يسلوهواك ولكن
بينة والسلورشق حراب
قد سكنت الفؤادياربة السحر
م واوقدت فيه كل لهاب
كلما غنى في الخفالك ذكر
رقص القلب رقص طير مصاب
ان اكن قد بكيت المرة من عادته
م النوح في الامور الصعاب
لهفةٌ تسكب المدامع واللذةم
تفتر تحت ذا النسكاب
رب ليل عذب به جمعتنا
همم الحب والعدى في غياب
قافية الباء
فرأت وجهي البشوش عبوسا
فانارته بابتسام العتاب
لاتخالي هذا القطوب جري عن
سخط بل عن حبرة واكتئاب
وأبيني ما في فؤادك من شوق
م وابدي برق الثنايا العذاب
لاتصدي ذا القلب عن خنقه اذ
نلتقي فهو في الهوى ذو اضطراب
ودعيه بالخفق يدفع للخد
م دم العشق في تجاري الشباب
فتنتنى منك الحواجب اذ قد
حيرتني بالسلب والايجاب
لاعدمت الزوال يادولة العشق
فكم عثت في قلوب الشباب
ولكم قد نضبت دمعا من الماق
م وانضبت من دم في الوطاب
لك ذات كل النفوس كما ذل
م غزال الفلا لليث الغاب
وبك الشامخات دكت الى القاع
ودانت لديك كل الرقاب
كم وكم فيك بات قلبي ينادي
وإعذابي من الهوى وإعذابي
وامصابي ما اقاسي من الوجد
وما جرت به وامصابي
فلندسك الايام يادولة الظلم
ولا يلة عنك وقع الخراب
اه واحسرتي وواحر قلبي
من ضناني وحرقتي وانغلابي
ضيعتني الاشجان في كل ناد
وأطالت عن الصواب اغترابي
واصلت قوى الصبابة عقلي
واقام الهيام كل العنابي
طالما ساقني الغرام الى اشياء
م ماكن قط من ادابي
قمتى يلمع الخلاص لعيني
وانجو من لج ذاك العذاب
قافية الباء
وابكاني على صباي الذي قد
ضاع بين الأكدار والاتعاب
حينا لم انل سوى قلقي البال
وفقد اللذات والاطياب
قد حسبت الغرام سهلا ولكن
عندما ذقته اضعت حسابي
وكذا خلت انه مستطاب
ويح قلبي من ذلك المستطاب
فمحب يذيبة الشرق قهرا
وحبيب لم يرع ود المذاب
ليس عندي لداء حبي دواء
غير علي أن الحبيب عتاب
طالما قد سفيت غيث عيوني
في الدياجي عساء يطفي التهابي
وإذا اشتدت الحرارة تستبدي
م بخارا تغدو به في احتجاب
وقال يرثي احد اصدقائه الشبان
القى الزمان على الدنيا يد النكب
فلم يعد في حيوة المرء من طرب
والدهرامطر فوق الناس كل أسى
لذاك لم يبق دمع غير منسكب
والدهر خونرى فعل الجميل سدى
فلا يزال فعول الغدر والغضب
فما رأى قط وجها لاح مبتسها
الا والقي عليه برفع الكرب
ما زال يفعل ايات الردى نكدا
حتى هوى بهلال الاوج في الغرب
فاسترجع الناس بيكون الدمااسفا
وصاح كل فتى با لويل والحرب
اما ترى الكل في العلم وفي نحب
وظلمة الحزن قد مدت على حلب
نعم فاي حساب كان اعظم من
حلول بدر الصبى في اظلم الحجب
بدر هوى من اعاليه وكان على
أفق الشباب بديع الحسن والادب
فيا لبدر جمال عاد مخسنا
وبالغصن كمال قد زوى وسبي
قدغاب رونق وجه راهر حسن
وغاض ماء قوام ناضر رطب
فكم تفطر قلب يوم مصرعه
وكم ترقرق دمع فاض كا لسحب
وكادت الأرض اذقتمو بمجمله
تنشق من كمد والشمس من عجب
بالله ياقبر بل يابيت كل فتى
هل انت تعلم من في ذا التراب خبي
حويت من قد حوى خير الشباب فها
قدصرت يا ايها الشيخ القديم صبي
من كان يوذي رفيع الوشي جانية
قد بات فيك ضجيعا ناعم الجنب
ماللمجهود بميخائيل مشتغلاً
من كان أجرى من الغدران والصبب
مالي ارى ذلك الوجه الجميل غدا
بصفرة الموت محجوباوبا لعطب
مالي ارى من يجيب الكل في طلب
اذا دعوناه لم ينظر لذي طلب
فيا جميع العذارى في الحداد قفي
وعايني كيف من تدعين لم يجب
وياجميع الاطبا اين طبكم
قولوالبقراط ان الطلب لم يطاب
كذاك ياايها الصحب الذين بكوا
عليه ماذا افادنا دمع الصحب
ها قد فقدتم فتى عز النظير له
اليس تدرون بحل الدهر بالنخب
والموت يهجم مثل اللص مندفعا
وليس يسرق الأمن يد السبب
فا حيوة الفتى عند اللبيب سوى
شعوره بالضنا والضنك والتعب
وقال في العرب والافرنج
حتى مَ تزرون يا افرنجُ بالعربِ
مهلًا فلا خيرَ بٱبنٍ قد زرى بابِ
ما فضل قومٍ من الاوباش لا نسبٌ
لهم على قوم اسماعيلَ ذي النسبِ
ان كان بالعلم جئتم تفخرون فمن
معالم العربِ كلُّ العلمِ والادبِ
اخذتم الطبَّ عنهم والحساب وما
يتلوهُ والشعر حتى كلَّ منتخبِ
وعنهمُ صنعة البنيان قد اخذت
مَعَ الزراعةِ والتحصيل والجلبِ
تذكروا ما غنمتم يوم ندوتكم
في ارض اندلسٍ من تلكمُ الكتبِ
فهل فضلتم علينا باختطافكمُ
ارزاقنا آهِ وا حزني ووا عجبي
وايُّ فضلٍ للصٍّ دبَّ في غسق
على غِنًى فاكتسى طوقا من الذهبِ
فسوف يقبض جاسوس الزمان على
ذا اللصِ فالدهرُ حكم غير منغلبِ
لا تفخروا يا بني الافرنج في شططٍ
على بني العربِ اهل الاصل والحسبِ
صعدتم الاوج لكن فوق سلمهم
فكرموا سلمًا تمتدُّ للشهبِ
وطهروا عند ذكر العرب السنكم
فالعربُ سادتكم من سالفِ الحقبِ
مهما سما العبدُ واستعلى وزاد غنًى
ما جاءَ سيدهُ الَّا من الجنبِ
ذي فطرةُ العرب عزَّت اين فطرتكم
لم يلفَ بينهما واللهِ من نسبِ
انشاهمُ اللهُ من جودٍ ومن كرمٍ
ومن ذكاءٍ ومن صفوٍ ومن طربِ
ومن ذمامٍ ابى الَّا الثبات ومن
مرؤَةٍ دأبها تبدو لدى الطلبِ
هم الذين لتاريخ القديم حمَوا
فاغتلتموهُ وشنتم ذمة العربِ
حسن الوفا والولا يُعزَى لهم وكذا
قرى ضيوفٍ واحسان لمغتربِ
هذي خلائقهم والكل شاهدها
فما خلائقكم يا امة اللجبِ
دحاكمُ اللهُ من لؤْمٍ ومن عَنَتٍ
ومن عتوٍّ ومن حقدٍ ومن غضبِ
كانما معهدُ الطاغوت عندكُمُ
فما نطقتم بغير المينِ والكذبِ
فلا صديقٌ لكم غيرُ النضارِ ولا
خلٌ سوى الفضةِ البيضاء والنشبِ
ولا وفاءٌ ولا عهدٌ ولا ذممٌ
ولا حنوٌ ولا عونٌ لمنتكبِ
لم تحسنوا غير تعبيس الوجوه فلا
انسٌ لديكم ولا بشرٌ لمرتقبِ
ولم تمدُّوا يدًا للغوثِ ان قُصِدت
حتى تعودَ لكم بالنهبِ والسلَبِ
هيهاتِ ما العربُ تهوى ذي الطباع فلا
تزروا بهم كازدراء الشوك بالرطبِ
تادبوا كلما للعُربِ عنَّ لكم
تذكرٌ يا بني حمالة الحطبِ
العرب قد ملكوا الدنيا وقد فتحوا
كل المناطقِ من قطبٍ الى قطُبِ
وقد تعالوا وسادوا وارتقوا وسطوا
وارسلوا فخرهم يعدو على السحبِ
وهاك آثارهم بالفوز شاهدةً
ما بينكم واذا غابوا فلم تغبِ
فما فضائلكم بالارض نحسبها
غير الحروبِ ودفعِ الناسِ في الحرَبِ
تباركَ اللهُ انَّ الشرق همّ الى
راسِ المدارِ وهمَّ الغربُ للذنبِ
وقال
نفسٌ وقلبٌ ذي تحبُّ وذا يجبْ
من عاشقٍ لم يدعُ غيركِ او يجبْ
يا كوكب الحسن الذي طول المدى
ارعاهُ في افق الغرامِ وارتقبْ
حسنٌ عليكِ تغار من انوارِ
شمس الضحى والبدر منهُ يعتجبْ
ان كنت انت من الدُّمى صنم الهوى
فعلى هياكل مهجتي هو منتصبْ
عذبٌ على قلبي السجود لديكِ في
قدس الجوى قسمًا بذاك المحتجبْ
لكِ في الحديثِ تبسمٌ يسطو على
برقِ السماءِ ببرقِ ظرفٍ لم يغبْ
روحي الفداء لذلك الثغر الذي
يفتر اداروي الشجون واضطرب
ثغر اذا ما افار من كلمي فقد
راعى النظير فذي وذا در رطب
او جنبد في الروض تفتحه الصبا
عند الصباح فتسرق المطر العذب
افديك ساحرة العقول بأعينٍ
ما كنت لولاهن صدقت الكذب
مقلى على اغرن من جيش الهوى
عاراتهن وما انا من غاب
حتى افتتحن حصون قلبى غلبة
وملكن مملكة أبت ان تنقلب
قلب على عهد الصبابةِ ثابت
يرعي الذمام ولا يخون ولو سلب
لا والذي جعل الوفاء مزية
يعلو ويعظم من اليها ينتسب
ان الوفي على الكرامة قد ثوى
وكذا الخوون إلى الاهانة قد شجب
ما أكثر الوافين والواقين في
فرحِ التي واقلهم اذ يكتئب
الناس في بلواك إما شامت
لا يجتدي أو راحة لك يجتنب
ولرحمةِ المتوجعين حزازة
كالشامتين تزيد نكبة من نكب
وعلى المصاب يضجُ من هو باعد
عنه ويسكت فيهِ من هو مقترب
فالصارخون الابعدون عن الاسي
والصامتون الاقربون وذا يجب
أنحو النحيب اذا توعدني الردى
وإذا اتم وعيده لا انتحب

الكلام الجامع

اقول للخد عند اللثم للشنبِ
كفاك تصلي فؤادي يا ابالهبِ
وقلتُ للقدِ لما صادني ميلاً
افديك غصن كثيب صاد عن كتب
ومذنضاحك ذاك الثغرث قلت لهُ
الله درك ياضحاكُ بالحبب
من لي بحب رداح وجهها قمر
بزري الشموس بنور غير مكتسب
بدور في ذلك من جوهر وله
منازل ضمن قلب جل عن ريب
ياليت شعري هل تدري التي سلبت
عقلى بطلعتها ما قيمة السلب
وهل ترى علمت ان الذي غلبت
له على الخطب صبر غير منغلب
منصورة في حجاب الخدر مشهدها
يُحلى على القلب رغم الخدر والحجب
وغادة عينها ترمي الاسود اذا
رنت فما فوقت سهما ولم يصب
لواحظ نفثت سحر المحبة في
قلبي فضج بصدري طالب الهرب
والقنتني معاني الشعر رائقة
فجاء شعري سحر طيب عذب
فإن يكن قد سما قدري فلا طمعٌ
لي بالثراءِ ولا أهفو إلى الرُّتَبِ
هيهات يرفعُ قدري في الورى لقبٌ
إن لم أكن مستحقًّا رفعة اللقبِ
مالي وللشرفِ الممنوح من بشرٍ
موتي نظيري فحسبي فخرةُ الحسبِ
لا يفخرنَّ امرؤٌ بالمال والرتب
إن لم يكن فاخرًا بالعلم والأدبِ
فالمال يُفنى ويُمحَى ذكرُ صاحبهِ
وذكرُ ذي الفضل لا يُمحى مدى الحقبِ
ولا يجُلُّ الفتى إلا الكمال فَمَنْ
يُخلُّ زلَّ ولو قد غاص في النَّشَبِ
هذا لباسٌ أبى التردادُ يخلقهُ
وحليةٌ بالسنا تزهو على الشُّهُبِ
أما ترى أَنَّ خيرَ الناس من نفعت
أعمالُهُ الناسَ لا من تاهَ بالذهبِ
فكم فقير أتى الدنيا بخير غنى
وكم غنيٍّ عقيمٍ كالسباخِ غبي
والباسل القرم من بالعرف غار على
إخوانهِ الناس لا بالسمر والقُضُبِ
إني أرى الحجرَ الفحميَّ أفضلَ من
حجارة الماس والياقوت ذي اللهبِ
فذاك قام لنفع الناسِ كلهم
وتلك للكبرِ والإسرافِ واللعبِ
نعم صدقتُ وربُّ القنع يشهدُ لي
والصدقُ هيهات أن يحمر كالكذبِ
إنَّ القنوعَ نفيسُ النفس راشدُها
وَهْوَ الغنيُّ الذي يحيا بلا نَصَبِ
وذا المطامعِ مغرورٌ ومفتقرٌ
ولو حوى ملكَ سلطان وعلم نَبي
يغدو لِوِرْدِ الغنى دومًا على لغبٍ
ولابتلاع الدُّنا يمسي على سغبِ
ولا يذوق المدى ريًّا ولا شبعًا
كالنار تهضمُ ما تلقى من الحطبِ
والمرءُ لا تنقضي آرابُهُ أبدًا
إذا انقضى أربٌ يصبو إلى أربِ
والنفس في مضجع الجثمان راقدةٌ
كالشيخ تحلمُ بالأشياءِ حلمَ صبي
ألَا وحقِّ أبي هذا الملا عجبٌ
هذا الملا عجبٌ أَلَا وحقِّ أبي