محاضرات في تاريخ الدولة العباسية/الباب الأول، الفصل الثاني: الدعوة الشيعية العباسية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الفصل الثاني

الدعوة الشيعية العباسيـة

أحوال خراسان في أواخر العصر الأموي:


بدأت الولايات الإيرانية، في الخروج على سلطان الخلافة، في بلاد الشـام، منذ عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، وذلك عندما ظهرت مشكلة الدخول في الإسلام ودفع الجزية. فكما يفهم من الروايات كان من سياسة عمر بن عبد العزيز رفع الجزيـة عمن أسلم، ونجح عماله في نشر الإسلام. ولكن نقص الموارد المالية دفع الدولة إلــى اتخاذ إجراءات شديدة كانت ترمي إلى إثبات الدخول في الإسلام ثبوتاً قاطعاً، كما أنها لم تعف الكثيرين من الداخلين في الإسلام من دفع الجزية وبصفة خاصة علــى عهد والي خراسان هشام بن عبد الملك أشرس بن عبد الله السلمي (۱٠٩ – ۱۱۱هـ / ٧٢٧ - ۷۲۸م)1. في ظل هذه الظروف كانت الفرصة مواتية لفيام حركة مناهضة للأمويين رغم أن رواية الطبري تذكر أن الدعوة الشيعية العباسية بدأت في خراسان منذ أيام خلافة عمر بن عبد العزيز في سنة مائة للهجرة2.

ولكن هناك رواية أخرى للطبري نعرف منها أن أول من "لبس السواد - في خراسان - ودعا إلى كتاب الله وسنة نبيه والبيعة للرضا" في سنة ١١٦هـ/ ٧٣٤م هو الحارث بن سريج. وقبل الحارث عرض والي خراسان عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي أن يكتبا إلى هشام يسألانه العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم" فـإن أبى اجتمعا عليه. وكان رد الخلية هو خلع عاصم الهلالي وتقليد ولاية خراسان إلى أسد بن عبد الله القسري وضمها إلى العراق لـ"تكون موادها ومعونتها من قريـب لتباعد أمير المؤمنين وتباطىء غياثه.

وظل أسد في الولاية من سنة ١١٧هـ حتى سنة ١٢١هـ (٧٣٥ – ۷۳۸م)3. من جديد عادت سياسة الشدة والقمع، فقبض أسد على جماعة من دعـاة بني العباس فقتل بعضهم، ومثل ببعضهم، وحبس بعضهم. وواصل القتال ضــد الحارث بن سريج. وبعد موت أسد ولی خراسان نصر بن سيار الكناني الذي كان يعرف "بشيخ مضر في خراسان" وعلى أيامه "عمرت خراسان عمارة لم تعمر قبلها وأحسن الولاية والجباية4. فقد عمل نصر على رفع الجزية التي كان يدفعها المسلمون الى غيـر المسلمين5.

ولكن نصر لم ينجح في إيقاف العداء التقليدي بين العصبية المضرية والعصبيـة اليمنية. ولما كـان نصـر مـن العصبية المضريـة علـى عكـس أسد - الوالي السابق - فإنه حابى المضرية في بدايـة إمرته وقلدهم الأعمال، فالنص يقول: "فلم يستعمل أربع سنين إلا مضرياً"6.

ولكنه عاد وحاول نهج سياسة متزنة حتى يتألف اليمنية. ولكن اليمانية ثـاروا بزعامة الترماني (جديع بن علي الأزدي) الذي أظهر الخلاف لنصر بن سيــار في سنة (١٢٦هـ / ٧٤٤م). وكان الكرماني كما تقول الرواية قد أحسن إلى نصر في ولاية أسد بن عبد الله، ولكن بعد أن تقلد نصر إمرة خراسان، عزل الكرماني عـن الرياسة وولاها غيره7. ولذلك فقد حدثت جفوة بينهما. وقد اغتنم الكرماني الموقف الذي حدث بين نصر ابن سيار وبين خلافة دمشق بعد مقتل الوليد الثاني. ونستشف من الرواية أن الكرماني كان لا يتورع عن سلوك أي السبل من أجل تحقيق أطماعه فالنص يقول: "لو لم يقدر على السلطان والملك إلا بالنصرانية واليهوديـــــــة لتنصر وتهود"8. وقد قام نصر باعتقال الكرماني وحبسه ولكن الكرماني تمكن مـن الهرب من الحبس بمساعدة أنصاره والتف حوله الأزد.

أما عن العراق فقد عزل الخليفة يزيد بن الوليد بن عبد الملك واليها منصــــــور بن جمهور - وكان نصر بن سيار قد امتنع من تسليم عمله إليه من قبل - واستعمل عليهـم عبد الله بن عمر بن عبد العزيز. وقد أقر ابن عمر نصراً على خراسان. فعضب الكرماني لابن جمهور - وكان نصر قد عرّض به في خطبته - وأعلن خلافه لنصر9.

وفي حاضرة الخلافة مات يزيد بن الوليد بن عبد الملك (يزيد الثالث) وحدثت فتن وقلاقل في البلاد إلى أن خلص الأمر لمروان بن محمد (سنة ١٢٧هـ/٧٤٤م) فاستعمل يزيد بن عمر بن هبيرة والياً على العراق في سنة (١٢٨هـ/٧٤٥م)10، فأقر نصر بن سيار على خراسان، وذلك أضفى عليه صفة الشرعية وأعلن نصر بيعتـه للخليفة مروان11. ولكن الحارث بن سريج الذي كان قد سبق أن حصل له نصر على الأمان من الخليفة يزيد بن الوليد، عاد من بلاد ماوراء النهر - وكان متحالفاً مع الترك - إلى خراسان حيث استقر مع أتباعه في منطقة مرو - رفض مبايعة مروان وخـرج على نصر الذي أرسل إليه "يدعوه إلى الجماعة وينهاه عن الفرقة وأطماع العدو"12. وطلب الحارث من نصر أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وأن يعزل عماله ويقلد عمــــــــــالاً نزهاء13، وتمكن داعيته جهم بن صفوان (رأس الجهمية) من لم الجموع حوله.

وفي نفس الوقت كان الكرماني يدعو إلى عزل نصر وتعيين والي آخر عوضــــــــــــه، فالتقت مصالحهما واتفقا أي الحارث والكرماني - على حرب نصر. وقد حاقت الهزيمـة بالحارث إلا أن نصراً اضطر بعد تقدم أنصار الكرماني إلى الانسحاب إلى نيسابـــــــور، ودخل الكرماني والحارث مدينة مرو. ولكن وقع الخلاف بينهما وقتل الكرماني الحارث في سنة ١٢٨هـ / ٧٤٦م "وصفت مرو لليمن"14. إلا أن الكرماني لم يهنأ طويلاً بانتصاره، فقد بدأ نصر يجمع قواته لاعادة استخلاص مرو من منافسه الكرماني والقضاء عليـه.

ولقد كانت كل هذه الظروف في صالح الدعوة الشيعية العباسيـة.

الدعوة العباسيـة:


المعروف أن الدعوة العباسية شيعية الأصل، وأن الدعوة الشيعية التي قامت باسم آل البيت والتي نادت بأن العلويين هم الورثة الطبيعيون لخلافة النبي وجـدت في خراسان أرضاً سالمة لهذر بذورها15.

والحقيقة أن عرب الفتوح الأولى الذين توغلوا في خراسان، التي تمثل كل الهضبة الإيرانية حتى بلاد ما وراء النمرء كانوا منعزلين في هذا المشرق البعيد، مما جعلهم يتميزون عن عرب الأمصار الأخرى بصفات خاصة. ولم يكن المتزوجون منهم قد عبروا الجبال التي تحد إیران، بل كان غير المتزوجين منهم، هم الذين وصلوا الى هنـاك في جماعات، وتزوجوا من نساء أهل البلاد. ويقدر فلبوزن أن الحد الأقصى لعدد هؤلاء كان لا يتجاوز المائتي ألف رجل أبان الثورة العباسية.

وكان الإندماج تاماً بين سكان خراسان حتى يصعب التمييز في كتب التاريخ، إلا بصعوبة، بين العرب الذين انصبغوا بالصبغة الإيرانية وبين أهل البلاد الذيـن دخلوا في الإسلام والذين عرفوا بالموالي وكانوا يحتفظون بذكريات حضارتهم القديمة، وتراث الأسرة السابقة. وكان هؤلاء الموالي يشعرون بالمساواة مع العرب، وسنـرى أنهم عملوا في القرن التالي على أيام العباسيين على إثبات تفوقهم الفكري في كل العلوم التي عرفها العرب.

وكان الخراسانية، منذ العصر الأموي، يحاربون في صفوف الجيش الإسلامي للدفاع عن البلاد عند الترك، وكان جميع أهل الإقليم يعيشون في وئام مع العرب الفاتحين إلى الموالي الذين دخلوا في الإسلام بل وأهل البلاد الذين بقوا علـى ديانتهم المزدكية. وعلى أيام زياد بن أبيه بدأ تهجير أعداد كبيرة من شيعة العلويين من مدينتي العراق الكبيرتين: الكوفة والبصرة، إلى منطقة بلخ في أقصـى خراسان، على حدود ما وراء النهر. واستمرت سياسة نفي العناصر العلوية إلـى المشرق على أيام الحجاج بن يوسف. وفي نفس هذا الوقت أوقفت هجرة أهل الشـام إلى المشرق حيث لم يكونوا يشعرون بالأمن هناك؛ ولاشك أن العلويين وشيعتهم وجدوا في الأقاليم الإيرانية أرضاً صالحة لنشر أفكارهم عن الإمام المنتظر، وهو المهدي، وذلك أن الموالي من الفرس كانوا لا يزالون يشعرون بالحاجة إلى حاكم مطلق يمتلك من الصفات ما هو فوق مستوى البشر بحيث يكون له التحكم في توزيع الأرزاق، فهو الذي ينشر السعادة بين الناس أو التعاسة، وعن طريقه يكون انتشار الخصب فـي الأرض أو القحط.

وكانت العلاقات الوثيقة بين خراسان من جهة وبين البصرة والكوفة، وهما مركز الاضطراب العلوي من جهة أخرى سبباً في أن اعتنق كل أهل إيران الآراء المعاديـــــة للدولة العربية التي كان الأمويون يحاولون تنظيمها وإقرار تراتيبها، والتي رغم تحولها إلى ملكية وراثية فإنها ظلت محافظة على طابعها العربي أو البدوي.

وهكذا شعر أهل إيران بأنهم أكثر تعلقاً بالمذهب العلوي الذي يطالب بـأن يكون الأمر في الدولة الإسلامية لآل البيت من العلويين، والذي خلع على أفـــــــراد الأسرة العلوية، شيئاً فشيئاً بغات فوق مستوى البشر.

كل هذا يفسر النجاح الذي صادفته الدعاية العلوية منذ بدء تنظيمها في العراق، وإرسال دعاتها إلى خراسان. ومنذ مطلع القرن الثاني الهجري كــــان دعاة الشيعة يظهرون في خراسان، ملبين الحين والحين، وبشكل منتظم حسب أوامر الكوفة، دون أن يعرف لحساب من يعملون16.

عهد أبي هاشم إلى محمد بن علي:


تكاد تجمع المصادر التاريخية على أن مطالبة العباسيين بالخلافة وادعائهم لها قد انتقل إليهم من أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية (أحد أبناء علـي رضي الله عنه)17. فرواية صاحب "أخبار الدولة العباسية" تقول: "وكـــان تشيع العباسية أصله من قبل محمد بن الحنفية وإلى ذلك دعا أبو مسلم…"18. وتذكر أيضاً أن محمداً بن علي أخذ العلم على يدي أبي هاشم وكان محمد يبجله ويجله فكـان "إذا قام أبو هاشم يركب أخذ له الركاب" فلما مرض أبي هاشم مرضه الذي مات فيه وكان بأرض الشراة من بلاد الشام وذلك عند قفوله من لقاء سليمان بدمشق - عـدل إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وكان بالحميمة، وعهد له بحقوقه في الإمامـة في سنة ٩٨هـ / ۷۱۷م19. وألقى إليه بأسراره وقال له: "أوصيك بتقوى الله فإنها خير ما تواصى بها العباد، ومن بعد ذلك فإن هذا الأمر الذي نطلبه ونسعى فيـه وطلبه آخرون وسعوا فيه فيك وفي ولدك"20.

هذا ما تقوله الرواية العباسية، أما الشيعة فإنهم قالوا: أن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب21، وهو الذي نـادى به الشيعة في الكوفة إماماً على عهد مروان بن محمد، وبعد انهزامه أمام المروانيـة اتجه إلى فارس وأصفهان واصطخر، وانتهى الأمر بمقتله على يدى الداعية العباسي أبي مسلم الخراساني، كما سبق القول.

تنظيم الدعـوة:


يعتبر محمد بن علي العباسي أول منظم للدعوة العباسية السرية. أما إبراهيم الإمام فكان المفجر لهذه الدعوة حيث نقلها من دعوة سرية إلى علنية ولكنه لم يجن ثمار عمله حيث قتل قبل أن يحقق العباسيون الانتصار فكان أبو العباس عبد الله بن محمد العباس أول خليفة لبني العباس.

ويمكن تقسيم الأدوار التي مرت بها الدعوة إلى:

١ - الدور السري التحضيري ويبدأ من سنة ٩٧هـ/ أو سنة ٩٨هـ أو سنة ١٠٠هـ على اختلاف الروايات التاريخية وكان مقر الدعوة الحميمة ونشاطها في الكوفة ثم مرو. ولم تكن تنظيماتها قد تبلورت في بادىء الأمر وجابهت انتكاسات قوية هزمتها مثل حركة خداش والقبض على بعض الدعاة العباسيين.
٢ - الدور الثاني الثوري ويبدأ بإرسال الإمام إبراهيم أبا مسلم الخراساني سنة ١٢٨هـ / ٧٤٥ – ٢٤٦م حيث أعلن الثورة ضد الأمويين سنة ١٢٩هـ بعد أن اختمرت الحركة السرية العباسية. وينتهي هذا الدور بإعلان أبا العباس عبد الله نفسه خليفة في مسجد الكوفة سنة ١٣٢هـ / ٧٤٤م، وعندئذ أعلنت الحركة السرية عن صبغتها العباسية22.

ويفهم من النصوص أنه عندما آلت مقاليد قيادة الحركة الهاشمية (نسبة إلـى أبي هاشم) إلى محمد بن علي العباسي - الإمام الجديد - بدأت مرحلة أكثر تنظيمـاً من سابقتها فتعرف على حامـة أبي هاشم23. عرّفه عليهم سلمة بن بجير، وطلب منه أن يثبت أسماءهم، ليعرفهم ويستظهر بهم على أمره24، فكتب محمد بن علي العباس فيهم سجلاً. ومن هولاء كما تنص الرواية: سالم بن بجير - حفص بن سليمـان - أبو سلمة الخلال - حفص الأسير - ميسرة الرحال - موسى بن سرح السراع، زیاد بن درعم الهمداني، معن بن يزيد الهمداني، المنذر بن سعيد الهمداني25. وكما تذكر الرواية فإن الأتباع الأوائل كانوا ينتمون الى قبيلة بني مسلية ومواليها، وكذلك من قبيلة همدان (أي من اليمنية). وقال لهم الإمام: "أمسكوا عن الجد فـي أمركم حتى يهلك أشج بني أمية (عمر بن عبد العزيز) .. ولا تكثروا من أهل الكوفة، ولا تقبلوا منهم إلا أهل النيات الصحيحة26.

وكان لا يعرف محمد بن علي بنسبه واسمه إلا شيعة الكوفة وهم حوالي ثلاثين رجلاً، "فإذا سئلوا عن اسمه قالوا: أمرنا بكتمان اسمه حتى يظهر"27 وكانت دعوتهم الى الرضا من آل محمد28.

ثم قرر الإمام عملاً بنصيحة كبار ثقاته نقل مركز النشاط للدعوة إلى خراسان مع الاحتفاظ بالكوفة كنقطة ارتباط بین مرو (خراسان) والحميمة مقر الإمام29.

وأرسل الإمام أبا عكرمة زياد بن درهم السراج إلى خراسان وطلب منه السيـر على نهج بكير بن ماعان في الاتباع، وأوصاه بقوله: "وإن دعوت أحداً من العامة فلتكن دعوتك الى الرضا من آل محمد، فإذا وثقت بالرجل في عقله وبصيرتـه فاشرح له أمركم، وقل بحجتك التي لا يعقلها إلا أولو الألباب، وليكن اسمي مستوراً عن كل أحد إلا عن رجل عدلك في نفسك في ثقتك به، وقد وكدت عليه وتوثقت منـه وأخذت بيعته، وتقدم بمثل ذلك إلى من توجه من رسلك، فإن سئلتم عن اسمي فقولوا: نحن في تقية، وقد أمرنا بكتمان اسم إمامنا. وإذا قدمت مرو فأحلـل في أهل اليمن وتألف ربيعة، وتونّ مضر، وخذ بنصيبك من ثقاتهم، واستكثر مـن الأعاجم، فإنهم أهل دعوتنا ومنهم يؤيدها الله30.

هذا ولقد كان اختيار محمد بن علي العباس لخراسان كمقر للدعوة موفقاً، لأنها تنفرد بموقف خاص، دون غيرها من أمصار الدولة العربية الإسلامية. يتضح ذلك من وصيته لأتباعه من رجال الدعوة حين تباينت الآراء حول المكان المناسب للدعوة.

أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة علي وولده، وأما البصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكف وتقول كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل، وأما الجزيــــــــرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون في أخلاق النصارى، وأما أهل الشام فليــــس يعرفون إلا آل أبي سفيان وطاعة بني مروان، وعداوة لنا راسخة.. وأما أهل مكـة والمدينة فقد غلب عليهم أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بخراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر، وهناك صدور سالمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الأهواء ولم تتوزعهـا النحل ولم تشغلها ديانة، ولم يقدح فيها فساد، وليست لهم اليوم عمم العرب، ولا فيهم كتحارب الأتباع للسادات وكتحالف القبائل وعصبية العشائر.. وبعد فكأني أتفاءل إلى المشرق وإلى مطلع سراج الدنيا ومصباح هذا الخلق31.

ونظم بكير بن ماهان - الذي قال عنه الإمام: اسمعوا منه وأطيعوا وافهموا… هو لساني إليكم وأميني فيكم فلا تخالفوه ولا تقضوا الأمور إلا برأيه، وقد آثرتكم بــــه على نفسي لثقتي به في النسيجة لكم واجتهاده في إظهار نور الله فيكم32 - اتباعه السبعين، فقسمهم إلى اثنا عشر نقيباً يرأسهم سليمان بن كثير الخزاعي وذلك سنـة ۱۱۸هـ. وأكد على وجوب مناصحته إمامهم في السر والعلانية، وألا يطلعوا علـى أمرهم أحداً خافوا ناحيته ولم يثقوا به33.

والنقباء الاثنا عشر هم:
من خزاعـة : ١ - أبو محمد سليمان بن كثير الخزاعي ثم الأسلمي.
                 ٢ - أبو نصر مالك بن الهيثم.
                 ٣ - أبو منصور طلحة بن زريق مولى طلحة الطلحات
                 ٤ - زياد بن صالح (مولى خزاعة)
                 ٥ - موسى بن كعب (أبو عيينة)
من تميم:   ٦ - عيسى بن كعب
                 ٧ - لاهز بن قريظة
                 ٨ - أبو سهل بن مجاشع
من طيء:   ٩ - أبو عبد الحميد قحطبة بن شبيب الطائي
ومن شيبان: ۱۰ - أبو داود خالد بن إبراهيم الذهلي
ومن بجيلة:   ١١ - أسلم بن سلام
ومولى بني أسد: ۱۲ - أبو علي شبل بن طهمان.

وفكرة النقباء الاثني عشر - ونلاحظ أن أكثريتهم كانوا عرباً - والدعاة السبعيـن فيها اقتداءً بنقباء بني إسرائيل وبنقباء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد بيعة العقبـة، فالنص يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم، إن السنَّة في الأولين والمثل في الآخرين، وإن الله يقول ﴿وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُۥ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَٰتِنَا ۖ، ثم قال في آية أخــــــــــرى: ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ ٱثْنَىْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وافاه ليلة العقبة سبعون رجلاً من الأوس والخزرج فبايعوه فجعل منهم اثني عشر نقيباً34.

وهناك (نظراء النقباء)35، وقد روي أن عددهم أحد وعشرون36. وهناك الدعاة ودعاة الدعاة37.

ويفهم من الرواية أن أهل الدعوة وشيعة الإمام كانوا يرسلون اليه الأموال والحلى حتى يتقوى بها في "إحياء الحق وإماتة الباطل"38.
موت محمد بن علي وولاية ابنه إبراهيم الإمامة:


إعلان الثورة:


مات محمد بن علي العباسي في سنة ١٢٥هـ بالشراة من أرض الشام39، وكان قد أوصى لابنه إبراهيم بالإمامة من بعده إذ قال لخاصته: "فلكم فيه خلف صدق مني" كما أوصى بكير بن ماهان بأن يعمد برئاسة الدعوة في الكوفة إلى أبي سلمة حفص بـن سليمان الخلال.

وتنسب الرواية إلى إبراهيم أنه قام باتخاذ السواد شعاراً للعباسيين وذلـــك لأن راية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت سوداء، وكانت راية علي بن أبي طالب سوداء. وهو اختيار يتفق مع ما تورده الملاحم والنبوءات على أن لون الرايات المقبلة من المشرق للقضاء على ظلم الأمويين وإنهاء دولتهم40.

ومن هنا سميت الدولة العباسية بدولة المسودة.

وأمر ابراهيم بكير بن ماهان بالمضي إلى خراسان وأن يأمر الشيعة بتسويد الثياب والرايات، وكتب معه كتاباً إلى الشيعة - نعى إليهم فيه أباه، ووعظهم41، فبايع الجميع الإمام الجديد42. ثم قفل بكير وبرفقته بعض الشيعة العباسية الذيـن التقوا بالإمام إبراهيم وتعرفوا عليه وطلبوا منه التعجيل بالثورة وقالوا له: "حتى متـى تأكل الطير لحم أهـــــــل بيتك وتسفك دماءهم تركنا زيداً مصلوباً بالكناسة وابنـــه مطرداً في البلاد، وقد شملكم الخوف وطالت عليكم مدة أهل بيت السوء43.

ظهور أبو مسلم في خراسان:


قرر الإمام إبراهيم في سنة ١٢٨هـ44 اختيار مولاه أبا مسلم الخراساني وذلك بعد أن عرض الأمر على سليمان بن كثير وعلى قحطبة فرفضـا45 ليمثله فـــــــي خراسان. وكتب معه إلى شيعته كتاباً قال فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم صدق وعد الله لأوليائه، وحقت كلمة الله على أعدائه، ولا تبديل لكلمات الله، ولن يخلف الله الميعاد، أن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين… أما بعد فقد وجهت إليكم مجد الدهر عبد الرحمن بن مسلم مولاي، فالقوا اليه أزمة أموركم، وحملوه أعباء الوزر لها والصدر في محاربة عدوكــم، وعاهدوا الله على الطاعة وكونوا بحبله معتصمين. ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ"46.

وكان تعرّف أبي مسلم للمرة الأولى على الدعوة العباسية حينما التقى ببعض النقباء العباسيين الذين زاروا بعض العجليين في سجن الكوفة وهم في طريقهم إلى أداء فريضة الحج، وكان أبو مسلم يخدم هؤلاء العجليين (من بني معقل) فـي السجن، فتوسموا فيه نجابة وعقل وأدب فضموه إلى دعوتهم واصطحبوه معهم إلى إبراهيم الإمام بعد أن استأذن مولاه عيسى بن إبراهيم السراج47 وأعجب الإمام أخلاقه ومنطقه ورأيه وعقله48 وغيّر اسمه إلى عبد الرحمن وكناه بأبي مسلم وظـل فــي خدمته يستعمله في حمل رسائله إلى الكوفة وخراسان حتى سنة ۱۲٨هـ حین أشخصـه إلی خراسان.

وكان أبو مسلم على معرفة بأحوال خراسان ـ التي كانت الفتنة قد طالت فيهـا بین نصر بن سيار وعلي بن الكرماني ومن كان بها من العرب حتى أضجر ذلك كثيـــــراً من أصحابهما وجعلت نفوسهم تطلع إلى غير ما هم فيه وإلى أمر يجمعهم فتحركت الدعوة يدعو اليماني من الشيعة اليماني والربعي الربعي، والمضري المضري حتى كثر من استجار. وكفوا بذلك من القتال في العصبية49 - حيث اختلف إليهما قبل ذلك بأمر من الإمام إبراهيم، وكانت إحداها مع أبي سلمة الخلال الذي التقى بالشيعة وقال لهم: "قد حضر أمركم فأعدوا واستعدوا…"50. كما تقول رواية صاحب أخبار الدولة العباسية على لسان أبي مسلم: "أمرني الإمام أن أنزل في أهل اليمن وأتألف ربيعة، ولا أدع نصيبي من صالحي مضر وأحذر أكثرهم من انتباع بني أمية وأجمع إلى العجم واختصهم51.

ووصية إبراهيم الإمام لأبي مسلم تتلخص في الاعتماد على قبائل العرب من اليمنية في خراسان، وكان هؤلاء يمثلون على أواخر أيام الأمويين حزب المعارضة لعرب الدولة، وأن يتألف ربيعة، ويحذر ويشك، في العرب من المضرية، وهم عصبية والي خراسان، نصر بن سيار - إلا ما صلح منهم.

والحقيقة إن انقسام العرب على أنفسهم في خراسان كان السبب في نجــاح أبي مسلم، فأثناء الصراع بين نصر بن سيار المضري والكرماني اليمني، انضم أبـو مسلم إلى الكرماني، وعندما حذر نصر زعيم اليمنية الكرماني من خطورة الداعية العباسي وطلب إليه الاتفاق ووافق الكرماني كان جزاؤه أن قتله نصر52.

إعـلان الثـورة:


لما فشا خبر أبي مسلم أقبلت الشيعة من كل فج، وقدم الدعاة بمن وافقهم مـن إخوانهم، وتكاثر عددهم يوماً بعد يوم53. وكان أبو مسلم قد نزل في منطقة مرو (لأنها أصلح مكان لإعلان الثورة) ومن هناك، أخذ يرسل النقباء إلى مختلف الأقاليم في طخارستان ومرو الروذ والطالقان وخوارزم، وحدد أبو مسلم شهر رمضان لإظهار الدعوة، ولكنه ترك للنقباء حرية التصرف. "فمن أعجله العدو منهم دون الوقــــت، بالأذى والمكروه، فقد حل لهم أن يدفعوا عن أنفسهم ويجردوا السيوف"، وكذلـك من شغله منهم عدوهم عن الوقت فلا حرج عليهم أن يظهروا بعد الوقت54.

وترك أبو مسلم مكانه في فنين ونزل في قرية سفيـذ" وبث دعاية في الناس وأظهر أمره"55، فسارعت الأعاجم، وكثير من أهل اليمن وربيعة إلى الدعوة مـن بين متدين بذلك أو طالب بدخل (ثأر) أو موتور يرجو أن يدرك بها ثأره، وأتـاه عدة من ذوى البصائر من مضر56.

وتقول الرواية أن أبا مسلم بعث إلى نصر وفداً… وكتب منهم إلى نصر كتابـاً يدعوه فيه إلى الطاعة والدخول فيما دخل فيه أهل الدعوة، ويعلمه أن هذه الرايـات السود التي أظهرها هي التي لم يزل يسمع بها، ويحذره من أن يكــون من صرعاهـا57.

واستعمل نصر ضد شيعة العباسيين دعاية دينية قوية حيث قال: هذه المسودة وهي تدعو إلى غير ملتنا، وقد أظهروا غير سنتنا، وليسوا من أهل نبلتنا، يعبدون السنانير، ويعبدون الرؤوس، علوج وأغنام وعبيد وسقاط العرب والموالي58.

وأجابه الناس وظاهروه على حرب أبي مسلم. وكتب نصر إلى ابن هبيـرة والي العراق يستمده، فلما استبدت به الأمور، كتب إلى مروان الحمار يشكو له ابـن هبيرة ويخبره بعظم الأمر من قبل أبي مسلم، وكتـب اليـه:
أرى خلل الرماد وميض نار
ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب يبدؤها الكلام
فقلت من التعجب ليت شعري
أأيقاظ أمية أم نيام59
فإن يك قومنا أضحوا نياما
فقل قوموا فقد حان القيام
ففري عن رحالك ثم قولي
على الإسلام والعرب السلام60

وكتب يصف له أمر أبي مسلم، وكثرة الدعوة، وميل اليمانية وربيعة إليه، ثم بعث للخليفة رسولاً. وظل نصر ينتظر المدد أن يأتيه، "وقد فسد عليه أهل خراسان إلا من كان معه من مضر خاصة" وكتب نصر إلى ابن هبيرة يستمده فلم يمـده61، فكتب إلى الخليفة مروان ثانية يستنجد به بقوله: "كتبت إلى أمير المؤمنين ولم يبـق مني شيء أستعين به على عدو أمير المؤمنين لا في رجالي ولا في مالي ولا في مكيدتـي، ولو كنت أمددتني بألف فارس من أهل الشام لاكتفيت بهم، ولقطعت دابر القـــــــوم الظالمين. إني حين كتبت إلى أمير المؤمنين قد أخرجت من جميع سلطاني، فأنـا واقف على باب داري، وإن لم تأتني مواد أمير المؤمنين ووكلنا إلى ابن هبيرة طردت عن باب داري، ثم لا رجوع إليها إلى ملتقى الحشر…62.

ثم أن نصراً كما يقول صاحب "أخبار الدولة العباسية" جمع وجوه أصحابـه وأهل الرأي والمشورة منهم ولم يجتمعوا على شيء. وهنا اضطر نصر إلى الاستنجـاد بالخليفة مروان ثانية يستحثه على امداده ويستنفره بقوله: أما بعد فإني ومن معـي من عشيرة أمير المؤمنين في موضع من مرو على مجمع الطريق، ومحجة الناس العظمـى من مختلف القوافل والرسل والجنود من العراق، في حائط قد خندقت فيه على نفسي ومن معي، وعن يميني وشمالي قرى بني تميم وسائر أحياء مضر ليس يشوبهم غيرمم إلا قرى على حدهم خاملة الذكر فيها خزاعة وفيها حـل طاغيتهم أبو مسلم، فنحـن حين كتبت إلى أمير المؤمنين في أمر هائل يتكفأ بنا تكفؤ السفينة عند هبوب العواصف، ونحن من إخواننا اليمنية وأغنامهم ورعاعهم، فيما نتوقع من سفههم، ولما قد شملهم من ورائهم الخبيث… وأنا معتصم بطاعة أمير المؤمنين. وقد أملنا غياث أمير المؤمنين ومواده وورود خليله وفرسانه ليقمع الله بهم كل مصر على غشت وساع في خلافه، فلا يكونن مثلنا يا أمير المؤمنين قول الأول:

لا أعرفنك بعد اليوم تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي63

ثم قال نصر شعراً يحرض فيه العرب على الهاشمية:

أبلغ ربيعة في مرو وأخوتهم
ليغضبوا قبل ألا ينفع الغضب
ما بالكم تنصبون الحرب بينكم
كأن أهل الحجى عن رأيكم غيب
وتتركون عدواً قد أطاف بكم
فأين غاب الحجى والرأي والأدب
ذروا التفرق والأحقاد واجتمعوا
ليوصل الحبل والأصهار والنسب
أن تبعدوا الأزد منا لا نقرّبها
أو تدن نحمدهم يومًا إذا اقتربوا
أتخذلون إذا احتجنا وننصرهم
لبئس والله ما ظنوا وما حسبوا64

وظهر أبو مسلم وأعلن اسم الإمام من أعلى المنبر في صلاة الجمعة. وأسفل المنبر علق علمان أسودان كان قد بعث بهما الإمام من الكوفة أحدهما الظل والآخر السحاب. وكان أبو مسلم وهو يعقد اللواءين يتلو: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ". وتأول الظل والسحاب فقال: إن السحاب يطبق الأرض وإن الأرض كما لا تخلو من الظل كذلك لا تخلو من خليفة عباس إلى آخر الدهـر65.

وكذلك لبس أبو مسلم السواد هو وأتباعه، كما أنه غير في بعض الشعائر لما حضر عيد الفطر أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلي بالشيعة وأمره أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير آذان وألا أقامه، وكان بنو أمية يبدأون بالخطبة قبـل الصلاة وبالآذان والاقامة.

وهكذا بدأ أبو مسلم نشاطه في منطقة قبائل خزاعة - كما تقول النصوص - ولكنه عندما اصطدم باتحاد قبائل العرب ضده خرج إلى قرية الماخوان وخندق بها. ثم عاد إلى نشاطه. ورغم أنه أصبح من المشكوك، في أمرهم من جانب العرب، إلا أن هولاء كانوا مشغولين بنزاعاتهم، فلم يستمر اتحادهم طويلاً بل إن عرب اليمنية تحالفوا معه عندما أرسل الى ابن الكرماني واستماله إلى جانبه. أما عن أنصار أبي مسلم فكانـوا خاضعين له تماماً، كما كان جنده مطيعين لقوادهم أحسن الطاعة.

سقوط مـــــرو:


ويفضل انقسام العرب على أنفسهم وتماسك حزب أبي مسلم، نجح هذا الأخير في الاستيلاء على مدينة مرو عاصمة الإقليم الواقعة على نهر المرغـاب، وكان دخولهـا بفضل ممالأة اليمنية وعلى رأسهم ابن الكرماني66.

ودخل أبو مسلم مرو من باب قنوشير فتلا هذه الآية: ﴿وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍۢ مِّنْ أَهْلِهَا إلى آخر الآية، ثم سار الى دار الإمارة فنزلها، وعلـي بن الكرماني معه، ثم دعوا الناس للبيعة فلم يتخلف عنها أحد من أهل مرو. ثم خرج علي بن الكرماني وأبو مسلم إلى المسجد فصعد على المنبر وجعل أبو مسلم يبايع الناس، وأقام أبو مسلم ثلاثة أيام يأخذ البيعة على أهل مرو.. وهرب نصر من المدينة يـــــــوم الجمعة ١٠ جمادی الأولى سنة ١٣٠هـ67، وبصحبته امرأته المرزبانة، التي اضطـر إلى تركها في الطريق، واتجه إلى مدينة سرخس، ومنها إلى طوس ثم إلى نيسابور.

فتح طـوس:


مقتل تميم بن نصــر:


ومن مرو أخذ أبو مسلم يدير الحرب ضد نصر. وكان يدير العمليات العسكريـة في جانب المسودة عدد من كبار القادة العرب فأول من قام بمهاجمة القوات الأمويـة في خراسان كان قحطبة بن صالح، وهو من قبيلة طيء العربية. فلقد بدأ قحطبـة بهزيمة تميم بن نصر بن سيار في طوس، وكان أتباع الضحاك الشيباني من الخوارج، قد لحقوا بابن نصر هناك. وانتهت المعركة بمقتل تميم بن نصر واستباحة عسكره68.

ويذكر صاحب "أخبار الدولة العباسية" أن نصر بن سيار قال يرثي ابنه تميماً لما بلغه نبأ مصرعـه:

نفى عني العزاء وكنت جلداً
نكوب فجائع الحدث العظيم
وهم أورث الأحشـاء وجـداً
لإجلاء الفـوارس عن تميم
ومصرعه علـى قضب الأعـادي
يذب عن الجماعـة والحريــــم
وفـاء للخليفـة وابتـــذالاً
لنفس من أخي ثقـة كريـم
فإن يك دهرنا أودى مـداه
بفارسنا المقاتل في الصميم
وإن يشمت بنكبتنـا عـدو
فما أنا بالضعيف ولا السئـوم69
فتح نيسابور:

أما عن نصر فإنه هرب من نيسابور إلى جرجان، وتمكن بذلك أبو مسلم من دخول مدينة نيسابور في شوال سنة ١٣٠هـ / يونيه ٧٤٨م. وبعد أن تحقق لأبي مسلم هذا النجاح الكبير تخلص من زعيمي اليمنية من العرب وهما: علي بن الكرماني وأخوه عثمان إذ قتلهما غدراً70.

فتح جرجان (وأخذ الري):


وعندما استغاث نصر بن سيار بوالي العراق، ابن هبيرة، أرسل إليه هذا جيشاً بجرجان، ولكن قحطبة خرج إليه وهزمه في ذي الحجة من نفس السنة، بعد أن فتح جرجان وأوقع الهزيمة بأهلها الذين حاولوا الثورة حتى قيل أنه قتل منهم ما يزيد على ثلاثين ألفاً. وبسبب تردد والي العراق ابن هبيرة ساء موقف نصر الذي مـات وهو يفر أمام قحطبة بالقرب من الري، "وكان مريضاً يحمل حملاً". وبعد وفـــــاة نصر أخذت مدينة الري، وصادر أبو مسلم أملاكهم لأنهم كانوا سفيانية كما تقــــــــــــول النصوص. وأحاط الحسن بن قحطبة ببقية جيوش أهل الشام في نهاوند. وعندما خرج جيش شامي كبير لفك حصارهم بقيادة عامر المري والي كرمان وداود بن يزيـد بن هبيرة، في أواخر سنة ١٣١هـ / ٧٤٩م، عزمه قحطبة وهو يتقدم قرب أصفهان. وتقول النصوص: "أمر قحطبة بمصحف فنصب على رمح ونادى، يا أهل الشام إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف، فشتموه وأفحشوه في القول" وأنه هزم داود بن هبيرة وأصابوا عسكره، وأخذوا منه مالا يعلم قدره من السلاح والمتاع والرقيـــق والخيل، وما رؤي عسكر قط كان فيه من أصناف الأشياء ما في هذا العسكر كأنه مدينة، وكان فيه من البرابط، والطنابير، والمزامير والخمر ما لا يحصى71.

حصار نهاوند:


واستراح قحطبة بعض الوقت بأصفهان ثم قدم على ابنه الحسن بنهاوند. وبعد عدة أشهر من القتال استسلم الشاميون بنهاوند، دون أن يفكروا في مصير إخوانهم بخراسان، وهؤلاء قضي عليهم دون شفقة أو رحمة وبذلك انفتح طريق العراق أمـام الخراسانية.

مسير قحطبة إلى ابن هبيرة بالعراق:


وخرج قحطبة من نهاوند وتوجه إلى العراق، واضطر في أول الأمر إلـى الانسحاب أمام يزيد بن هبيرة، والي الإقليم، الذي خرج للقائه وراء دجلة ولكنه عـاد واتجه نحو الكوفة. وتبعه ابن هبيرة وتمكن من مفاجأته في ذي الحجة سنة ١٣٦هـ / أغسطس ٧٤٦م، في معسكره قرب الأنبار، مما اضطر قحطبة الى الانسحاب إلـى واسط. وأثناء القتال الذي كان يدور ليلاً سقط قحطبة في النهر (الفرات) ومـات غرقـاً72، في ليلة الأربعاء ٨ من محرم سنة ۱۳۲هـ73. ولكن القوم اجتمعوا وأجمعوا على الرضا بحميد (الحسن) بن قحطبة، في رواية ابن الأثير "فبايعوه وسلموا له الأمر"74.

فتح الكوفة:


تقدم الحسن بن قحطبة الى الكوفة في الجنود، واستولی جیشه علیها بعد أن هزم ابن هبيرة. ويفهم من النصوص أن الكوفة أخذت بسهولة، إذ كان محمد بن خالد القسري قد خرج فيها على الأمويين الذين انسحبوا منها و"سود" أي أعلـن دخوله في دعوة العباسيين وكتب بذلك إلى قحطبة75.

ظـهــور أبي سلمة بالكوفـة:


وأرسل أبو سلمة إلى حميد بن قحطبة أن يدخل الكوفة بأحسن هيأة، وأن يظهروا زينتهم، ويشهروا سلاحهم وأعلامهم وقوتهم، ففعل… وظهر أبو سلمة وأعلن أمـــــــــره، وكان ظهور أبي سلمة وتوليه للأمور يوم الجمعة ١٠ من المحرم سنة ١٣٢هـ وتولـى إدارة مقاليد الأمور76.

مـوت إبراهيم الإمام:


وتقول النصوص أن الخليفة مروان بن محمد كان قبل ذلك بقليل قد أمر بالقبـض على الإمام إبراهيم الذي أخذ وأنفذ إلى حران وحبس. والظاهر أنه قتل هناك. وتختلف الروايات فيما يتعلق بنهايته، إذ يقال أن مروان وجه قوماً فدخلوا السجن لـيــلاً فغموا إبراهيم، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز، فلما أصبحوا وجدوهما ميتين77.

وفي رواية أخرى، هدم مروان على إبراهيم بيتاً فقتله78، وخرج أبو العبـاس الذي كان إبراهيم قد أوصى له وعهد إليه بالإمامة إلى الكوفة، هو وأخوه أبو جعفر فوصلوها في ربيع الأول من سنة ١٣٢هـ / أكتوبر ٧٤٩م، حيث أعلنت إمامـة أبـي العبـاس79.
وقعة الزاب ونهاية مروان بن محمد:


كان مروان بن محمد حتى ذلك الوقت يدافع عن خلافته، كما أن يزيد بن هبيرة لم يكن قد استسلم بعد وكان لا بد للمسودة من القضاء عليهما.

وكانت الجيوش العباسية التي تعمل في أعالي دجلة تحت قيادة أبي عـون عبد الملك بن يزيد الأزدي الذي عينه قحطبة، ولكنه بعد سقوط الكوفة أعفي من القيادة، التي أعطيت الى عم الخليفة، أبي العباس عبد الله بن علي بن عباس. وتقدم مـروان بن محمد على رأس جيش قوي للقاء الخراسانية الذين وصلتهم الإمدادات من أبـي سلمة الخلال، ومن أبي العباس، التقى بهم على الضفة اليسرى لنهر الزاب، ودام القتال بين الطرفين تسعة أيام أحرز مروان خلالها بعد الانتصارات، ولكن الأمر انتهى بوقوع الاضطراب في جيشه إذ كانت كل عصبية تريد أن تتقدم العصبية الأخرى، وأعقب ذلك هزيمة مروان نتيجة لخطأ استراتيجي، اذ عقد جسراً على النهر وعبره رغم معارضة وزرائه في ذلك وترتب على هذا الخطأ أن انقطع الجسر عند الانهزام وكان من غرق يومئذ أكثر ممن قتل وذلك في ١١ جمادى الثاني من سنة ١٣٢هـ ٢٦ يناير ٧٥٠م.

وفر مروان إلى الموصل بعد هزيمة الزاب، ولكنه استقبل استقبالاً سيئاً، فسار إلى حران، وأقام بها أكثر من عشرين يوماً. وعندما تبعه عبد الله بن علي إلى هناك، مضى إلى حمص. ولكن مدن الشام كانت قد بدأت تخلع طاعتها بالنسبة للأموييـــن وتسقط بين أيدي العباسيين، مدينة بعد أخرى، مثل: قنسرين وحمص وبعلبـك، ولم تدافع إلا دمشق بعض الوقت، فدخلت عنوة في ٥ رمضان سنة ١٣٢هـ / ١٧ نوفمبر سنة ٧٥٠م، بعد أن حوصرت وضيق عليها الخناق.

وتابع العباسيون مطاردة مروان، إذ سار في اثر صالح بن علي من أبي فطرس إلى العريش إلى النيل ثم واصل سيره إلى صعيد مصر. وفي بلدة بوصير من قـــــــــری الفيوم، حاول مروان الاختفاء في إحدى الكنائس80 ولكنهم "بايتوه وهجموا علـى عسكره وضربوا بالطبول وكبروا ونادوا "يا لثارات إبراهيم"، فظن من بعسكر مروان أن قد أحاط بهم سائر المسودة81، فقتل مروان في ١٧ من ذي الحجة سنة ١٣٢هـ / ١٧ أغسطس سنة ٧٥٠م. واحتز رأس آخر خلفاء الأمويين، وأرسل إلى صالح بن علي الذي مثل به فقطع لسانه، وسيّره إلى أبي العباس الذي كان بالكوفة82.

استسلام ابن هبيرة في واسط ومقتله:


بالقضاء على مروان بن محمد لم يبق للأمويين من قوة ولا حول إلا قوات ابن هبيرة التي لجأت بعد انهزامها أمام ابن قحطبة إلى واسط، المدينة الاستراتيجيـة التي بناها الحجاج في مستنقعات دجلة، ودافعت عن نفسها ما يقرب من العـام. بدأ بمناوشات خارج المدينة بين أهل الشام وجيوش الحسن بن قحطبة، وانتهت بانهزام أهل الشام والتجائهم إلى المدينة وتحصنهم بها وأصبح القتال رمياً وتراشقـاً من بعيد.

ورغم الانقسامات بين اليمنية والقيسية، في صفوف ابن هبيره، بعد أن كاتـب أبو العباس السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة، فإن هذا الأخير لم يدخل فــــي مفاوضات مع العباسيين إلا عندما علم بموت مروان. وفي هذه الأثناء كانت قيـادة القوات العباسية المحاصرة بواسط قد انتقلت من يدي الحسن بن قحطبة إلى أبـي جعفر أخي الخليفة. وهذا يبين أن الخليفة بدأ ينهج سياسة جديدة تهدف إلـى وضع مقاليد الأمور وخاصة القيادات العسكرية بين يدي أفراد أسرته. وكتب السفـاح إلى الحسن بن قحطبة "أن العسكر عسكرك، والقواد قوادك ولكن أحببت أن يكون أخـي حاضراً فاسمع له وأطع وأحسن مؤازرته"83.

وبعد أن علم المحاصرون بمقتل مروان طلبوا الصلح، وجرت السفراء بين أبـي جعفر وابن هبيرة وطالت المفاوضات بين الطرفين، وكتب أبو جعفر كتاب أمان لابـن هبيرة. لبث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوماً حتى ارتضاه وأرسله إلى أبـي جعفر الذي أنفذه إلى أخيه السفاح فأمره بإمضائه، وأمضى السفاح المعاهدة ولكنه لم يحترمها، بعد أن اعترض أبو مسلم على نصموصها وكتب إلى السفاح "إن الطريـق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد لا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة"84.

وانتهى الأمر بقتل أفراد الحامية المستسلمة، واغتيال ابن هبيرة وباستسلام واســط ثم القضاء على القوات الأموية النظامية، ونهج العباسيون سياسة ترمي إلى استئصال شأفة الأمويين، واستخدام العنت والقسوة ضد أفراد الأسرة التعسة، ولم يتورعـــــوا في ذلك عن استعمال الغدر والخيانة85.

مذبحـة أبي فـطـرس:


من أهم المذابح التي غدر فيها عبد الله بن علي عم الخليفة وقائد القـــــــــــوات العباسية في الشام، بعدد كبير من أفراد الأسرة الأموية، والتي تسمى بمذبحة أبـي فطرس، وذلك بعد أن أمنهم ودعاهم إلى الطعام. ويقال أنه بعد قتلهم غيلة أمر بالبسط ففرشت على جثثهم فأكل عليها، وهو يسمع أنين بعضهم86.

وطارد العباسيون الأمويين في الشام وفي فلسطين والعراق. وبعد مطـاردة الأحياء انتهكوا حرمة الأموات، فنبشت قبور الخلفاء في دمشق بأمر عبد الله بن علي، ونشر تراب جثثهم في الهواء، ولم يستثن إلا قبر عمر بن عبد العزيز. ولم ينج من الأمويين إلا حفيد الخليفة هشام، وهو عبد الرحمن بن معاوية الذي هرب إلى الأندلس، حيث أنشأ دولة أموية جديدة87، كما سنرى فيما بعد - واستصفيت أموال الأمويين وهدمـت قصورهم، وخربت مصانع المياه التي كانوا قد أقاموها حتى لا يبقى لذكرهم أثر.


  1. انظر عن ولاية أشرس، ابن الاثير، الكامل، ج ٤ ص ۲۰۰، ص ۲۰۲ - ۲۰۳، ص ٢٠٦، ص ۲۱۸ – ۲۱۹، حيث يقول النص (أحداث سنة ١١٠هـ): "في هذه السنة أرسل أشرس الى أهل سمرقند وما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام علـى أن توضع عنهم الجزية وأرسل في ذلك أبا الصيداء صالح بن طريف مولى بني ضبة، والربيع بن عمران التميمي، فقال أبو الصيداء: إنما أخرج شريطة أن من أسلم لا توخذ منـه الجزية وإنما خراج خراسان على رؤوس الرجال، فقال أشرس: نعم .. فشخص إلـى سمرقند وعليها الحسن بن العمر طه الكندي على حربها وخراجها، فدعا أبو الصيـداء أهل سمرقند ومن حولها إلى الاسلام على أن توضع عنهم الجزية فسارع الناس فكتب.. إلى أشرس أن الخراج قد انكسر، فكتب أشرس الى ابن العمر طه أن في الخراج قـوة للمسلمين وقد بلغني أن أهل الصغد وأشباههم لم يسلموا رغبة إنما أسلمـوا تـعـوذاً من الجزية فانظر من اختتن وأقام الفرائض وحسن إسلامه وقرأ سورة من القرآن فارفع خراجه، ثم عزل أشرس ابن العمر طه عن الخراج وسيره الى هانيء بن هانيء، فمنعهم أبـو الصيداء من أخذ الجزية ممن أسلم، فكتب هانيء إلى أشرس: إن الناس قد أسلمـــوا وبنوا المساجد فكتب أشرس إليه وإلى العمال خذوا الخراج ممن كنتم تأخذونه منـــــه فأعادوا الجزية على من أسلم".
  2. انظر، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، طبعة دارالمعارف، مصر (مجموعة ذخائر العرب) ج ٧، أحداث سنة ١٠٠هـ، ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ١٥٩ (ذكر ابتداء الدعوة العباسية).
  3. ابن الاثير، ج ٤، ص ۲۳۸.
  4. ابن الأثير، ج ٤، ص ٢٣٩.
  5. ابن الاثير، ج ٤، ص ٢٤٣.
  6. ابن الأثير، ج ٤، ص ۲۳۹.
  7. ابن الأثير، ج ٤، ص ۲۷٥.
  8. ابن الأثير، ج ٤، ص ٢٧٥.
  9. ابن الأثير، ج ٤، ص ٢٧٦.
  10. انظر، خليفة بن خياط تاريخ خليفة بن خياط، تحقیق سهیل زکار، منشورات وزارة الثقافة والسياحة والإرشاد القومي، دمشق ١٩٦٨، ج ۲، ص ٥٧٨.
  11. انظر، تاريخ خليفة بن خياط ۲، ص ٦٩٧، ابن الأثير، ج ٤، ص ۰۲۱۲
  12. انظر، ابن الأثير، ج ٤، ص ٢٩٢.
  13. انظر، ابن الأثير، ج ٤، ص ٢٩٢.
  14. انظر، ابن الأثير، ج ٤، ج ٢٩٢ - ٢٩٤.
  15. انظر، سعد زغلول، تاريخ الدولة العربية، طبع بيروت سنة ۱۹۷۷، ص ١٦.
  16. انظره أمل سعد زغلول، تاريخ الدولة العربية، ص ١٦٤ - ١٦٥.
  17. لقد قالت فرقة الكيسانية من الشيعة بإمامة محمد بن الحنفية، وزعمت أنه لم يبق بعد الحسن والحسين أحد أقرب الى أمير المؤمنين علي عليه السلام مـن الحنفية لأنه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة، فهو أولى الناس بالإمامة، كما كان الحسين أولى بها بعد المحسن من ولد الحسن، فمحمد هو الإمام بعد الحسين، وقالوا أن محمد بن الحنفية هو الإمام المهدي، ولما مات بالمدينة في المحرم سنة ٨١هـ قالوا أنه لم يمت وأنه مقيم بجبال رضوی - بين مكة والمدينة -، وأنه الإمام المنتظر الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم وآله الذي سيملأ الأرض عدلاً وقسطاُ. هذا ولـو أن هناك فرقة أخرى قالت أن محمد بن الحنفية مات وإن الإمام بعده ابنه عبد الله وكان یکنی أبا هاشم. انظر، النوبختي، فرق الشيعة، طبع المطبعة الحيدريـة بالنجف، سنة ١٣٥٥هـ / ١٩٣٦م، ص ۲۳، ص ٢٦ – ۳۰.
  18. انظر، مولف مجهول،أخبار الدولة العباسيـة، وفيه أخبار العبـاس وولده، تحقيق الدكتور عبد العزيز الدوري، الدكتور عبد الجبار المطلبـي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت ١٩٧١، ص ١٦٥ (أخبـار الإمامة) حيث يقول النص: "قالت الكيسانيـة بإمامة محمد بن علي، وذكروا أن أباه أوعى إليه. والكيسانيـة منسوبون الى المختار بن أبي عبيد، وكان يلقب كيسان، وهو أول من قال بإمامـة محمـد بن علـي، وبها كان يقـول علي بن عبد الله وولده الى أيام المهدي.
  19. مؤلف مجهول، أخبار الدولة العباسية، ص ١٨٥.
  20. نفس المصدر السابق، ص ١٨٦.
  21. انظر، النوبختي، فرق الشيعة، ص ۳۲.
  22. انظر، د. فاروق عمر، طبيعة الدعوة العباسية ٩٨هـ / ٧١٦م – ۱۳۲هـ / ٧٤٩م، دراسة تحليلية لواجهات الثورة العباسية وتفسيراتها، طبـع دار الإرشاد، بيروت، طبعة أولى، سنة ١٩٧٠، ص ۱٥۳.
  23. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ۱۸۸ – ۱۹۰.
  24. نفس المصدر، ص ۱۹۰ – ۱۹۱.
  25. أخبار الدولة العباسية، ص ۱۹۱ – ۱٩۲.
  26. نفس المصدر السابق، ص ۱۱۳ - ١٩٤.
  27. أخبار الدولة العباسية، ص ١٩٤.
  28. نفس المصدر، ص ١٩٤.
  29. انظر، د. فاروق عمر، بيعة الدعوة العباسية، ص ١٠٧.
  30. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٠٤.
  31. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ٢٠٦ - ٢٠٧
  32. أخبار الدولة العباسية، ص ۲۱۳.
  33. نفس المصدر، ص ۲۲۳.
  34. أخبار الدولة العباسية، ص ٢١٤ - ٢١٥.
  35. نفس المصدر، ص ۲۱٩ – ۲۲۰.
  36. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٢٠.
  37. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٢١ - ٢٢٣.
  38. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ۲۲۳ - ٢٢٤، ص ۲۳۷.
  39. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٣٩.
  40. أخبار الدولة العباسية، ص ١٩٩.
  41. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٤٠، ص ٢٤٥.
  42. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٤٠.
  43. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٤١.
  44. أخبار الدولة العباسية، ص ۲۷۰.
  45. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٥٦.
  46. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٦٩ – ۲۷۰.
  47. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٥٤ – ٢٥٥.
  48. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٥٦.
  49. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ٢٤٨.
  50. نفس المصدر، ص ٢٦٧.
  51. نفس المصدر، ص ٢٨٥.
  52. انظر، تاريخ خليفة بن خياط، ج ۲، ص ۹۰، (أحداث سنة ۱۳۰هـ).
    ابن الاثير، الكامل، ج ٤، ص ۳۰۲ – ۳۰۳.
  53. أخبار الدولة العباسية، ص ۲۷۷.
  54. انظر، ابن الاثير، الكامل، ج ٤، ص ٣٠٠.
  55. نفس المصدر، ص ٣٠٠.
  56. أخبار الدولة العباسية، ص ٢٨٥.
  57. انظر، أخبار الدولة العباسية، من ٢٨٦.
  58. أخبار الدولة العباسية، ص ۲۹۰.
  59. نفس المصدر السابق، ص ٢٠٤ - ٢٠٥.
  60. المسعودي، مروج الذهب ،ج ٤، ص ۷۹.
  61. أخبار الدولة العباسية، ص ٣١٠.
  62. نفس المصدر السابق، ص ۳۱٠ - ۳۱۱.
  63. أخبار الدولة العباسية، ص ۳۱۱ – ۳۱۲.
  64. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ٣١١ - ٣١٢.
  65. ابن الاثير، الكامل، ج ٤، ص ۳۰۰، وقارن مؤلف مجهول، العيون والحدائـق في أخبار الحقائق، النسخة المصورة بالأوفست، المثنى بغداد، عن طبعة بريل ١٨٦٩، ص ١٨٦ حيث يقول النص: "وكانت الراية التي نفذها إبراهيم تدعى السحاب ونفذ لواء يدعى الظل وتأويل هذين الاسمين الظل والسحـاب أن السحاب يطبق الأرض وكذلك دعـوة بني العباس وتأويـل الظــــــــل أن الأرض لا تخلـو مـن الظل أبداً فكذلك لا تخلـو الأرض من خليفـة هاشمي أبد الدهر.
  66. ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ٣٠٩.
  67. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ٣١٦ - ٣١٨.
  68. نفس المصدر السابق، ص ۳۲۳ - ٣٢٦.
  69. نفس المصدر، ص ٣٢٦.
  70. ابن الاثير، الكامل، ج ٤، ص ٣١٢.
  71. انظر، ابن الاثير، الكامل، ج ٤، ص ٣١٦ – ۳۱۷، ۳۱۸، ۳۱۹.
  72. ابن الأثير، ج ٤، ص ۳۲۰ – ۳۲۱.
  73. أخبار الدولة العباسية، ص ٣٧١.
  74. نفس المصدر، ص ۳۷۱. تاریخ خليفة، ج ٢، ص ٥٨٢، أحداث سنة ١٢٩.
  75. ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ۳۲۱.
  76. أخبار الدولة العباسية، ص ٣٧٤ - ٣٧٥.
  77. أخبار الدولة العباسية، ص ۳۹۲ – ۳۹۳، ص ٣٩٦ حيث يقول النص: "وذكروا أن إبراهيم قدم به على مروان، فدفعه إلى ابنه عبد الله بن مروان وهو عامله على الجزيرة فحبسه، فلما أراد مروان المسير إلى الزاب أمر بإبراهيم فجعل رأسه في جراب نورة، وغمه عبد الله بن عمر بمرنة جعلت على وجهه فماتا، تاریخ خليفة، ج ٢، ص ٥٨٢، أحداث سنة ١٢٤، وقارن المسعودي، مروج الذهب، ج ٤، ص ٨٤ – ٨٥.
  78. انظر، نفس المصدر، ص ٣٩٧.
  79. انظر، أخبار الدولة العباسية، ص ٤٠٢ ونص الوصية يقول: "حفظـك الله يا أخي بحفظ الإيمان… كتابي إليـك من حـران، وأنا على شرف الأمر الذي لا بد منه، فإذا كان ذلك فأنـت الإمام الذي تقيم أمرنا وترع حرمة أوليائنا ودعاتنـا.
  80. انظر، ابن الأثير، الكامل مع ٤، ۳۳۰ - ۳۳۱.
  81. المسعودي، مروج الذهب، ج ٤، ص ۸۷.
  82. ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٣١.
  83. انظر، ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ٣٣٦ – ۳۳۷.
  84. نفس المصدر السابق، ص ۳۳۸.
  85. نفس المصدر، ص ۳۳۳.
  86. ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ۳۳۳.
  87. انظر، أخبار مجموعة في فتح الأندلس.