مجلة المقتبس/العدد 96/أدواة الجماعات والإلحاد والدين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 96/أدواة الجماعات والإلحاد والدين

مجلة المقتبس - العدد 96
أدواة الجماعات والإلحاد والدين
ملاحظات: بتاريخ: 1 - 1 - 1915



غراء أرضك أصبحت حمراء ... ما بال أرضك لا تمج دماء

أأصابها داء الخمار فخيلت ... لشفائه ماء الطلى صهباء

أم مسها كلب فأعضل دواءه ... ورأت له فيض النجيع شفاء

ورأت سماءك تسطال فصيرت ... سبباً لنيل سمائك الأشلاء

أم غراها مدنية قد نافست ... أبناءها بغرورها الجوزاء

فاستبدلت بالأسودين الأرجوا ... ن وباخضرار حلة حمراء

نزلت سويداء القلوب فلم تدع ... للقوم الأ القطة السوداء

ولكم لها يد سوداء لم ... تترك لها صنائعها يداً بيضاء

وما انبتت أن أرض تقل ال ... قوم إلا الظلم والهيجاء

وإذا سماهم أمطرتهم سحبها ... مطرتهم الأسواء والبأساء

ملأت فنونهم البلاد وإنما ... كانت فنونهم ردى وفناء

أغرى العداوة بينهم حدٌ به ... كم أصبحوا يستقبلون شقاء

وأضلهم طرق الهدى طمع به ... خاضوا لداعية الردى داماء

عدوا فخاراً ميتة تحت الظبي ... والحتف في ظل الرماح علاء

  • * * *

قد خالفوا الأديان والديان لم ... احلفوا الأوهام والأهواء

زعموا التدين للعقول ضلالة ... وبزعمهم ملؤوا الوجود هراء

أتراهم جهلاً عزو ما قد عزو ... للدين ما قد كان منه براء

فاستبدلوا بالجهل علمهم بما ... فيه وما كانوا به جهلاء

ما الدين إلا وازع يزع العقو ... ل عن الضلال ويصدع الظلماء

ما كان قط يريد ظلماً للورى ... كلا ولن يرضى لهم إغواء

ركبوا الضلالة متن عمياء وما ... بلغوا بها الأعمى وعماء

ولو أنهم سلكوا طريق الدين ما ... تخذوا النزاع طريقة عرجاء

  • * * * * * *

قل للأولى زعموا بأنهم غدوا ... في كشف كل حقيقة علماء أظننتم ألحادكم في الدين يد ... فع عنكم الآلام والبرحاء

أم خلتم استكمال أنفسكم به ... وبغيره لن تدركوا الأشياء

فتخذتم عن من تجلى لطفه ... في الكائنات الصدفة العمياء

وعزوتم سنناً لها ونبستم ... حكماً يحير دركها الحكماء

  • * * * * * *

هل جامد يهب الحياة وأعجم ... يهب البيان وينطق العجماء

أم هل رأيتم محدثاً مستغنياً ... عن محدث قد شاء ما لا شاء

أرأيتم يوماً بناء قائماً ... في نفسه قد أعجز البناء

خسأت أناس كم رأت من مبدع ... ملاء العيون مهابة ورواء

كم سافرت منها لدرك حماله ... ألبابها فتراجعت إعياء

كم شاهد منه على قد أقا ... م على بوارع صنعه شهداء

وترى الها وهمها وضلالها ... رباً وتعبد صدفة صماء

عرفته في ألبابها ولئن تكن ... جحدت بألسنها له الآلاء

وتراه في الضراء أن عنه اغتدت ... عمياء يوم تصافح السراء

ومن العجائب أن تحول حبه ... أوهاماً وضلالها بغضاة

حثت عزائمها على الإلحاد في ... أسمائه فتبددت أنضاة

ما زادها إنكارها وجحودها ... لالاهها إلا به أغراء

إن أنكرت أسماءه ما أنكرت ... آثاره وصفاته الغراة

ناءت بثقل جحودها ولوان هـ ... ذا الكون حمل بعض ذاك لتاء

  • * * * * * *

ونتيجة الإلحاد أهوال بها ... رزح الزمان وأهد إعياء

بلغ الزبى سيلٌ له ما أنفك في ... وكاف كل رزية أتاء

هو رائد الفوضى التي كم قد شكى ... منها الزمان وأهله وأدراء

ألدين أم ألحاد قوم بالذي ... ذرأ الورى ترك الورى أعداء

هل قوّم الأخلاق غير الدين بل ... من غيره قد هذب الآراء لو عانق الدين الصحيح الناس عا ... شوا كلهم في دهرهم سعداء

  • * * * * * * * *

كم مهرق ما كان فيه مرقمي ... والنفس إلا الدجن والوجناء

لولا الذي قد خط حرفي في صحي ... فته اغتدى عمر المدى ملساء

أرعى النجوم مملقة وأحيل في ... هذا السواد خواطري البيضاء

لا أشتكي من اللعوب ولا أذ ... م العيس والظلماء والبيداء

لا أشتهي عذب القيان بمسمعي ... دو يردد جوه الأصداء

أهوى القفار مع السكون ولا أر ... ى العمران يملأ مسمعي ضوضاء

  • * * * * * * *

ضل الأولى حسبوا السعادة (سلطة) ... سام القوي أذى بها الضعفاء

أو أنها (حرية) فيها أغتدوا ... من قيد كل شريعة طلقاء

أو أنها (مالٌ) يجمعه أمره ... يستام به التيه والخيلاء

وطوراً يفرقه بلذته وآ ... ونة به يستعطف الأمراء

أو أنها (شعر) به الشعراء تن ... تجع الغنى وتصانع العظماء

أو أنها قلم توشي طرسها ا ... لكتاب فيه فتبدع الأيشاء

أو أنها (علم) به يتلمس ا ... لعلماء جاهاًً زائلاً وثراء

أو أنها (حرب) يروح مغامراً ... فيها الشجاع يناجز الأكفاء

وطلابها من غير طرق الدين لا ... يغني عقول الطالبين غناء

وإذا الفتى لم يغتدي في راحة ... من لبه قطع الحياة شقاء

لا العلم يطفي منه غلة ناهل ... إن لم يطأ للدين فيه سواء

وإذا اغتدى في صحة من دينه ... وجد السعادة والشقاء سواء

وإذا أصيب معضل من دائه ... لم يلف إلا الدين فيه دواء

  • * * * * * *

قل للأولى جهلوا الحقائق إذا أبوا ... أن يغتدوا لآلههم حنفاء

أخفى الجحود عليهم أنباءهم ... في حيث منه تحسوا الأنباء إن قربوا النائي فبين ضلوعهم ... سرٌ غدوا عن دركه بعداء

من كان يجهل نفسه والآهه ... هيهات يدرك لبه الأشياء

فليرجعوا لعقولهم ولينصتوا ... لندائها أن يملكوا أصغاء

ولهم قوالب غير أن قلوبهم ... رقت فكادت أن تكون هواء

نبذوا تعاليم الشرائع جانباً ... جهلاً وما كانوا بها عرفاء

وعنوا بوضع قواعد حسبوا بها ... ترقى جماعات الورى الطياء

أرأيت يشبه وضع محدود نهىً ... أوضاع من لا يشبه الأحياء

وضعٌ تقلبه السياسية كيفما ... تهوى ويمليه الهوى إملاء

لا يستبين السائرين منارة ... منه ولا يستوضحون ضياء

وضع به أضحى الأنام جميعهم ... متهافتين على الفنا خصماء

كم قوموا سمراً وبيضاً أرهفوا ... لردى وشنوا غارة شعواء

وتسربلوا بسوابغ مسرودة ... خاضوا بها لحتوفهم جأواه

وكأنما قد حاولوا أن يبتنوا ... فوق البسيط من الهباء سماء

تخدراً لها بدلاً عن الشهب القنا ... وعن النيازك أسهماً وسراء

ومن المدافع رعدها ومن الصوا ... رم برقها والديمة الوطفاء

النبطية

سليمان ظاهر