انتقل إلى المحتوى

مجلة المقتبس/العدد 96/آداب المعاشرة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 96/آداب المعاشرة

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 1 - 1915



كن عن حسودك معرضاً ولئن بدا ... لك ودّه فالحق ليس ببارح

داء الحسود بطبعه فزواله ... أعيا على جهد الطبيب الكادح

وأحذر معاشرة اللئيم فإنه ... مترصد لك كل شر سانح

وإذا جلست بمجلس فاظهر لمن ... فيه ظهور معاشر متسامح

وتجنّب الدعوى فخجلة مدعٍ ... ما ليس فيه شرّ عار فاضح

نزّه كلامك عن قبيح تصنع ... وإذا مزحت فكن أخف ممازح

ولما رأيت السامعين إليك قد ... أصغوا فلا تذهب لفرط تفاصحٍ

خير الكلام بلغيه فارغب به ... ليس المطيل من الكلام بفالح

وأعلم بأن سواك ممن ضمنه ... ذاك المقام يروم فرصة طامحٍ

فأفسح له وقتاً لبسط حديثه ... لا تحتكر لك كل سمع جانح

وأحذر أشارات اليدين ولاتكن ... متلفتا مثل الخطيب الباجح

وأحذر مقال أنا فعلت وأنني ... أهوى كذا وكذا سوس مصالحي

لا تجعلنّ أمور نفسك محوراً ... يبدو حديثك حواسه بفواتح

كلٌله أمره شغل فلا ... تحسب أمورك ذات قدرٍ راجح

وأختر مواضيع الحديث جميعها ... إلا حديثك عنك غير مسامح

أن الجراح أشدها في كلمة ... فأحفظ لسانك من كلام جارح

لا تثنينّ على مريء بحضوره ... فبغية الممدوح صدق المادح

والمال مثل الغيث يسقط تارةً ... فوق الصخور وتارة في راشح

والفضل ليس ينال يوماً بالمنى ... وتصادف أو حكم بخت رابح

فإذا عصتك من الفنون جماعة ... فانظر إلى ميلٍ بطبعك راجح

من رام جمع محاسن الدنيا فقد ... يبلى بفقدان القليل الصالح

إن التشبه بالكرام فضيلة ... لا باختلاس ظواهر وملامح

فالقرد يحكي كل ما نبديه من ... حركاتنا ويكون هزأة مازح

ليس الفتى بثيابه أو لفظه ... لكن بعرفانٍ أو قلب ناصح

كم ذي ثيابٍ رثة من تحتها ... نفسٌ عزوف عن أذى وفضائح ولكم فتى ذي بزة محمودة ... من خلفها نفس ألوف قبائح

لا تعجبنّ برأي نفسك أو بما ... صنعت يمينك من صنيع ناجح

أو الذي أوحاه فكرك وأنتظر ... كيما يكون سواك شخص المادح

لا تنكرنّ على سواك مزية ... أو تجحدنّ فضيلة لمناصح

وإذا غلطت فقل غلطت صراحةً ... لتنال حظ ذوي الكمال الراجح

وأحذر مجادلة العنيد فما له ... عن غيه وغروره من كابح

وأشكر لمن أولادك خالص نصحه ... حقٌ علينا شكر فضل المانح

حلب

قسطاكي المحصي