مجلة المقتبس/العدد 76/كتاب ألف با

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 76/كتاب ألف با

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 6 - 1912



وقعنا خريف السنة الفائتة عَلَى مخطوط عند الشيخ ناصر المخزومي العرابي من فضلاً، جبل نابلس المعروفين عنوانه الجزء الأول من كتاب الألف باء نسخه ناسخة في ثالث رجب الفرد لسنة ألف وهو مما وقفه أحمد باشا الجزار عَلَى مدرسة جامعه نور أحمدية في مدينة عكة عكا التي كان لها في ماضي الأيام شأن مذكور ولا يوجد فيها الآن من أمهات الكتب سوى بعض المطبوعات لن الثورات الأهلية التي طار شرارها في القرن الثالث عشر تناولت تلك الكتب القيمة وفرقتها أيدي سبا وتجد اليوم بقية صالحة منها مبعثرة في أنحاء فلسطين.

وقد سألنا صديقنا صاحب المقتبس عن هذا الكتاب فأجابنا بأنه من أنفس المؤلفات التي طبعت في مصر وبعثت إلينا بالجزأين الأول والثاني من مكتبة سليم أفندي البخاري من علماء دمشق نتطالعها ونكتب عنها مبحثاً ولولا أن أعاد علينا هذا الطلب وشجعنا بقوله: ما كل مخطوط مهم ولا كل مطبوع يعرفه الناس لما رأيتنا ننقل إلى قراء المقتبس بعض فصوله وهنا مجال لأن نشكر الأستاذ البخاري عَلَى حواشيه التي علقها عَلَى الكتاب فجاءت كعقود نضيدة في جيد غادة حسناء أما المطبوع فقد طبع سنة 1287 هجرية عَلَى نفقة جمعية المعارف التي طبعت 1100 كتاب من طرزه.

قال الشيخ الفقيه المحدث الزاهد أو الحجاج بن يوسف بن محمد البلوي عرف بابن الشيخ بعد البسملة والحمدلة والصلولة أما بعد دام لنا ولكم السعد فإني عزمت بعد استخارة ذي الطول ومن بيده القوة والحول ورغبني إليه في السداد في العمل والقول عَلَى أن أجمع في هذه الأوراق كل معنى رق أو راقٍ مما هو عندي مستحسن لا مستخشن ومستملح لا مستقج واثبت فيه من الفوائد ما يزري بالفوائد ومن بدائع العلوم والفهوم ما يرتقي به من التخوم وجعلن ما أولف فيه وابني لبعد الرحيم ابني ليقرأه بعد موتي وينظر إليَّ منه بعد فوتي إذ لم يلحق بعد لصغره درجة البلاء ولم يبلغ مرتبة العقلاء وارجوا أن يجعله الله منهم ولا يقطع به عنهم فيكون إن شاء الله بقراءة هذا الكتاب في الو يادة عَلَى أن يلحق بالسادة. .

وبعد أن استطرد الكلام في أسباب تأليفه الكتاب عقب عليه بقوله:

إني أكرر الألف مع الباء وما شاكلها مراراً شتى ثم أشفعها بالوزن حتى تكون بيتاً بعد أن أضم إليها كلمتين متشاكلتين باسم القافية دامت لنا ولكم العافية ويكون الشكل في الكل واحداً والمعنى عَلَى خلاف فأفهم ثم افعل ذلك بالألف مع سائر حروف المعجم ليكبر الكتاب ويكثر الكلام وتعظم الفائدة وتعم المنفعة إلا أنه لم يصح لي إلا بضم الأشكال المؤتلفة في حروف المعجم عَلَى تأليف بلادنا بعضها إلى بعض مثل الباء والتاء والثاء في بيت والجيم والحاء والخاء في آخر والدال والذال وغير ذلك وبالحري باجتماعها فيكمل منها كلها بيت وبيت وربما يضيق بعض الأبيات عن جملتها فأذكرها خارجاً عن البيت وربما لا يكتمل إلا بمعكوس اللفظة فأكمله بها ثم أفسر اللفظة بما أدريه وما وجدته في كتب اللغة وما ذكره العلماء واستشهد عَلَى ذلك بما أحفظه من الشعر وبما قالته العرب وربما ذكرت ما قاله غيرهم من المولدين المشهورين وربما ذكرت شعر من لقيته من أشياخي وإن لم يكن في ذلك حجة ففه أنس مع الثقة بمعرفتهم وفضل التقدم علينا في كل أمرهم مع أني رأيت الفقيه القاضي أبا الفضل عياض بن موسى رحمه الله قد ساق في أحد تواليفه شعراً للوزير أبي عبيد الله محمد بن شرف رحمه الله وكان متأخراً قرأت في أحد تواليفه خبراً أرخه بثمان عشرة وأربعمائة فاستشهد الفضل بذلك الشعر في ضرب من البلاغة ذكره وسيأتي ذلك الشعر في هذا الكتاب إن شاء الله لأنه أعجبني فحفظته وبعد حفظه فيه أثبته ولي أيضاً في مثل ذلك الإنشاد عَلَى غرضي استشهاد وبيني وبين أبي الفضل هذا في الإسناد شيخي الجل الرفيع العماد أبو إسحق إبراهيم بن محمد الخبري عرف بابن قرقول رحمه الله لقيه وسمعت عليه وأجاز لي جميع ما لديه. رجع الكلام بعد فائدة عَلَى ما تقدم زائدة وربما ذكرت من شعري ما يليق الباب وإن لم يعد في اللباب لكن المرء بشعره شغف وإن لم يكن ذا شرف كما يعجب بابنه وهو الجون ومن غير اللون ألم تسمع قول بعضهم والمرء يعجب بابنه وبشعره نعم ويطيب له غناؤه وإن طال فيه عناؤه ويولع بتصنيفه ويأبى من تعنيفه إياك أعني يا مؤلف الكتاب تاب الله علينا جميعاً أحسن متاب ولي في هذا المعنى ما كتبت به إلى الفقيه الخطيب أبي محمد عبد الوهاب بن علي رضي الله عنه أعرض عليه شعراً قلته بعد كلام ولا غرو كل امرئٍ مادح لهره ومعجب بشعره وأنا الذي أقول:

كل امرئٍ يعجب بشعره ... حق يراه ناقد غيره

في أبيات ذكرتها بكمالها في كتاب سميته تكميل الأبيات وتتميم الحكايات مما اختصر للألبا في كتاب ألف با وقد ذكرت سببه في أوله فأنظرها هناك إن أردتها وبالله التوفيق وما أحسن ما به أعتذر صاحب كتاب الزهر إذ قال:

ويسيء بالإحسان ظناً لا كمن ... هو بابنه وبشعره مفتون

ويروي بأتيك وهو بشهره مفتون.

لكن يا بني إن العاقل رحل عن هذه المعاقل وترك فيها الجاهل فعادت كالمجاهل.

أحسن لله لي عزائي بنفسي ... إن يكن يحسن العزاء مذنب

تدري من العاقل في هذا المعنى ابن المقفع الذي ارتدى بعقله وتقفع ومع هذا فإن الشعر ترفع وكان من البلاغة في قلمه ولسانه بحيث لا يبلغه أحد من أهل زمانه.

قيل له مالك لا تقول الشعر قال الذي أرضاه لا يجيءُ والذي يجيءُ أرضاه وقيل للمفضل لم لا تقول الشعر وأنت أعلم الناس به قال علمي به يمنعني من قوله وأنشد:

أبى الشعر إلا أن يفئَ رديه ... عليَّ ويأبى منه ما كان محكماً

فيالتني غذ لم أجد حوك وشيه ... ولم أك من فرسانه كنت محكماً

ثم عاد فقال في صدر الكتاب: رجع القول إلى صفة الأبيات التي ذكرها بعد لم يأت مثال ما ذكرته لك أب في بابه وأخ واد وكذلك فكذلك إلى آخر حروف المعجم فلما لم يتزن لي ذلك احتلت عليه وتركت هذا المعنى وقلت أب الذي هو المرعى وأخ واد وجئت بواو العطف في اللفظة حتى تدخل في الوزن ويصح دخولها في العروض التي بنيت عليها وهي المتقارب الذي يحتاج من فعولن ثمانياً وسقت مع أب وأت وأث مما يكون عَلَى وزن فعل أو فعل أو فعل أو فاع لأن هذا كله في الوزن مع فعولن سواء وكذلك أفعل في سائر الحروف وأذكر خارج البيت ما هو عَلَى هذا الشكل مما لم يتزن أو ما يتزن واستغنى عنه البيت عَلَى ما تراه إن شاء الله تعالى بعد هذا فإذا فرغت من البيت سقت معكوسه مثل وبا وتا وثا ثم أفسره كذلك ثم أقول مقلوبه بين ألف ثم حرفين مثل وباب وتاب وثاب ثم أفسر كل لفظة منها ثم أفسر مقلوبه أيضاً حرف بين ألفين مثل وابا واتا واثا ثم أرجع إلى القافية فأفعل فيها مثل ذلك وربما كانت الواو من نفس الكلمة إذا لم أجد غيرها فأسوقها وأنبه عليها مثل وكل الذي هو الرجل الضعيف العاجز سقته مع وكل اللفظة التي هي ضد بعض وكذلك وشل الماء الجاري من الجبل مع وشل بعض أنامله وغير ذلك مما أقيم به شكل البيت ووزنه وربما جلبت فائدة ثانية وعكساً آخر يفيد علماً زائداً ثم أذكر مخارج الحروف وعملها إن كانت عاملة مع ما تشترك في قافية واحدة ليقرب المخرج وما يجعل عوض صاحبه في النطق ثم أذكر آخر البيت فصلاً من الكلام المطول يكون أوله المعول وسيأتي تفسير هذا الفصل إن شاء الله فيما يستقبل فأقبل وقد اجتمع لي من ذلك تسعة وعشرون بيتاً عدد حروف المعجم لكن منها ما تكرر معكوساً ومقلوباً ومنها ما لم يتكمل البيت إلا بمعكوسه لقلة دوره في الكلام وزدت في أول الشعر ثمانية أبيات وفي آخره أربعاً من الكلمات المزدوجات المتشابهات الحروف المتماثلات الصنوف مثل الذي صنع ابن شرف في قوله غرّك غزك فصار قصار ذلك ذّلك فاحشَ فاحش فعلك فعلّك بهذا تهدا وله أيضاً مثل هذا نعمه يعمه تغمه نعمه بعمه تعمه نعمة اسم رجل ويعمه يتحير من قوله تعالى وفي طغيانهم يعمهون وباقي الكلمات مفهوم إلى غير ذلك مما يشكل حتى وبنقط ويشكل ومثل ما للحريري في مقاماته:

زينت زينب بقد يقد ... وتلاه ويلاه نهد يهد

في أبيات له وهذه الأبيات المذكورة قبل الشعر وبعده أخذتها من شعر لي مطول من هذا النوع عدده ثمانية وعشرون بيتاً جمعته في جزءٍ مع ما لابن شرف من ذلك من منثور مع أبيات لي أُخر عددها أحد وأربعون بيتاً قصدت بها نوعاً من المعمى واللغز منها أبيات ثانية لا تقرأ البتة إلا أن تشكل وتفسر مثل:

تصيخ تصيح نضيخ بصبح ... تصبح بضيح نضيج تصح

وسأفسر لك هذا البيت مع الأبيات الاثنى عشر قبل الشعر وبعده في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى وقد أودعت الكراسة المذكورة في كتاب التكميل المذكور وهذا الكلام الذي سقته منثوراً وفي صفة الأبيات مذكوراً قد نظمته في أرجوزة لزومية ذات قافية لامية واعتنيت به هذا الاعتناء عَلَى ما فيه من العناء لأنه الأصل في الباب وعليه مدار الكتاب منه نبعت عيونه وتفرعت فنونه وهاهي هذه فيه حليتها فئة تزيد عَلَى المائة:

قال ابن شيخ يملي ... عَلَى الذي يستملي

هذا كتاب أصلي ... أعددته لأصلي

به عظيم الجهل ... حتى يرى يا أهلي

بالقرب لا بالمهل ... يذوب ذوب المهل صنعته من أجل ... عهد الرحيم نجلي

وذاكم لعلي ... اسقيه من ذا العل

إذ قدوري من نهل ... فهو أعز الأهل

باسم الحكيم العدل ... سبحانه من عدل

ما أن له من عدل ... رب بعلم عدلي

قربه لا تبعد لي ... أملأ منه عدلي

أُفرغه فأملي ... منه عَلَى المستملي

فصلاً وأي فصل ... في وصف شعر الأصل

هو قصيد يسلي ... قارئه في رسل

يدر در الرسل ... ليس بقول فسل

ولا حرام بسل ... بل من بلي نسلي

لكل هم مسلي ... ضمن وزن فِعل

أو فَعَل أو فَعُل ... واحتيل في المعتل

منه في المختل ... حتى إذا ما حلي

وزن فعول خلي ... وبعد هذا الفعل

زوجته كالنعل ... لأختها في الشكل

لكنه بالشكل ... يدري سم من فعل

وثَعَل من بَعل ... ونَغل من بَغل

وجُعَل من جَعل ... وحَمل من حِمل

وجمل من جمل ... وجبل من جبل

وحبل من حبل ... ورمل من رمل

وذا كثير المثل ... يعجز عنه مثلي

فمثل هذي السبل ... تخفى عَلَى ذي النبل

إلا بضبط الرجل ... بالقيد أو بالحجل

فارضع لبان الثفل ... واعلم بأن فعلي لم أره يا شبلي ... لأحد من قبلي

جئت به في حفلي ... مسبباً للنفل

فانهد به للختل ... ولا تخف من قتل

فهو كمثل النصل ... أبرزته للفصل

والفصل ضد الوصل ... تعلو به وتعلي

لأنه مستعل ... مستغلق لجعل

عليه أي قفل ... فصار شبه الغفل

واللغز حين يغلي ... قلوبنا بالشغل

حتى إذا ما جلي ... عنه بكشف الجل

صقل أي صقل ... وخف بعد الثقل

واعلم يا ذا العقل ... إن ليس ذا من نقلي

للغز بل للكهل ... من لم يكن ذا جهل

جمعته في مهل ... من جبل وسهل

فاختلطت بالهزل ... ألفاظه والجزل

وهاكه يا خلي ... كعسل أو خل

فخذه أو فخل ... فرغت من سجل

نفسي دعا الأجل ... بصوتي المهل

ودمعي المنهل ... يا رب ألف شملي

يا رب خفف حملي ... واغفر لعبد قل

بالذنب مستقل ... يا سيدي وقل لي

رضيت بالأقل ... منك فسر في حل

لا شرف المحل ... جنة عدن نزلي

لا تخشين عذلي ... مؤملاًَ لوصلي

مؤمناً من فصلي ... لك متاح فضلي

لك مباح بذلي ... وبعد ذا أصلي عَلَى الكريم الأصل ... أحمد خير الرسل

وآله والنسل ... والحمد وهو الكلي

لله مولى الكل

ويلي ذلك قصيدة مهملة ثم شرحها وهي كموسوعة عليمة جمعت من كل شيءٍ أحسنه وهاك مثالاً من الشرح في أول بيت:

وآبَ أبٍ وأب وأَب ... وأتَّ أثَّ وبلٍ وَبل

فأما آب فمعنى رجع قال الشاعر:

فآب معصوله بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل

وهذا البيت سيأتي تفسيره إن شاء الله في باب الضاد يقال منه آب يؤوب أوباً وإياباً قال الله تعالى إن إلينا إيابهم وآبت الشمس وغابت والمآب المرجع وائتاب مثل آب فعل وافتعل بمعنى قال الشاعر:

ومن يتق فإن الله معه ... ورزق الله مؤ تاب وغادي

ومآبة البئر حيث يجتمع الماء واسم الفاعل منه آيب ومنه الحديث آيبون تائبون وتوباً توبا لربنا أو با لا يغادر علينا حوبا الحوب والحوب الإثم وقد جاء في الحديث رويته حوباً بضم الحاء وقع في المعاني للنحاس إن أبا أيوب طلق امرأته أو عزم عَلَى أن يطلقها فقال النبي عن طلاق أم أيوب لحوب وقال المهدوي في قوله تعالى غنه كان حوباً كبيراً الحوب الإثم واصله الزجر للجمل فسمي الإثم حوباً لأنه يزجر عنه والتحوب التأثم وهو أيضاً التحزن وهو أيضاً الصياح الشديد كالزجر وقرأ الكل حوباً بالضم وقرأَه الحسن حوباً بالفتح كما وقع في الحديث والحاب مثل الحوب تقول حبت بكذا أي أثمت يحوب حوباً وحوبة وحيابة وفلان أحوب وأعق والحوبة أيضاً القرابة من ذوي الأرحام يخاف عليها الضيعة تقول أنا لي حوبة أصلها ويقال الحق الله به الحوبة أي المسكنة والحاجة فلان يتحوب من كذا أي يتأثم والتحوب أيضاً التوجع والحزن قال الشاعر:

من الغيظ في أكبادنا والتحوب

وأما الأوب فيقال جاء القوم من كل أوب أي من كل وجه والتأويب في السير تباري الركاب وفي القرآن العزيز يا جبال أَوبي معه قيل المعنى سيري معه حيث شاء من التأويب الذي هو سير النهار وقيل من التأويب الذي هو الرجوح ومبيت الرجل في منزله فعلى هذا يكون التأويب سير الليل والنهار واصله من سرعة رجع أيدي الأبل وأرجعها في السير الحثيث وقيل معناه سجي ويكون معناه ترجيع التسبيح ومن الأوب الذي هو سرعة تقليب اليدين والرجلين في السير قال الشاعر:

كل أوب مانح ذي إلب ... مدارك النهر سريع التعب

أوب يديها بدقاق سهل

ويقال فلان سريع الأوبة أي الرجوع قال أبو عبيد وقوم يحولون الواو ياء يقولون سريع الأيبة ويقال ناقة أأوب عَلَى وزن فعول وأما آب فاسم فاعل من أبى يأبى إباية وإِباءً فهو آب وإبيان بالتحريك قال الشاعر:

وقبلك ما هاب الرجال ظلامتي ... وفقأت عين الأشرس الأبيان

قالوا أبى يأبي بالفتح فيهما مع خلوه من حروف الحلق وهو شاذ ومعنى آب كاره وأبى فلان كذا إذا كرهه وفي أسماء رجال الحديث مولى آبي اللحم وأنشد الفراء:

لقد غدوت خلق الأثواب ... أحمل عدلين من التراب

بعوزم وصبية سغاب ... فآكل ولاحس وآبي

قال والعوزم العجوز وهي الناقة المسنة أيضاً وفيها بقية من شباب ومنه قولهم رجل أبي من قوم أباة قال الزبير بن عبد المطلب عم رسول الله :

ويعلم من حولى أنا ... أُباة الضيم نمنع كل عارِ

وأما أب من قوله تعالى وفاكهة وأباً فقال ابن عباس رضي الله عنه الفاكهة الثمار التي يأكلها الناس والأب ما ترعاه من البهائم وعنه أيضاً الأب الثمار الرطبة ذكره المهدوي وقال صاحب كتاب العين الأب الكلأ وهو ما رعته الأغنام مثل الأول قال الشاعر:

جذمنا قيس منجد دارنا ... ولنا الأب بها والمكرع

يقال كرعت الماشية إذا شربت الماء وهي فيه واقفة ثم كثر ذلك حتى سمي كل شارب كارعاً.

وأما أب فعلى وجوه شتى يقال أب الرجل يؤب إبابة إذا تهيأ للمسير وهو في إبابه أي جهازه وأبت إبابة الشيء طريقته وأب للشيء إذا تهيأ له قال الأعشى:

صرمت ولم أصرمكم كصارم ... أخ قد طوى كشحاً وأب ليذهبا

أي تهيأ وشمر للذهاب وأبَّ الرجل أباً إذا حن لوطنه قال هشام بن عقبة أخوذي الرمة:

وأب ذو المحضر البادي أبابته ... وقوضت نية أطناب تخييم

ويقال أبَّ يؤوب وأَوَّب يؤوب وأبَّ الرجل يده إلى سيفه إذا ردها إليه ليستله.

وأما أتَّ فيقال أتَّه يؤته أتا إذ غلبه بالكلام أو كبته بالحجة قال ابن دريد في الجمهرة وأما أث فمن قولهم أث النبت يأث ويئث أكثر من يأث اثا إذا كثر ونبت أثيث وكذلك الشعر أثيث أيضاً وكل شيءٍ وطأته ووثرته من بساط أو فراش فقد أثثته تأثيثاً وأثاث البيت من هذا قال الراجز:

يخبطن منه نبته إلاثيثاً ... حتى ترى قائمه جثيثا

أي مجثوثاً مقلوعاً وفي القرآن العزيز من هذا اجتثت من فوق الأرض والأثاث متاع البيت قال الله عز وجل أثاثاً ورئياً يقال أث الرجل يأث إذا صار ذا أثاث قال الأعمش الأثاث المال يتمتع به إلى حين الموت وقال المهدوي واحد الأثاث أثاثة كحمام حملعة قاله الحمر وقال الفراءُ لا واحد له من لفظه ويجمع عَلَى أثثة وأثث وما قبل ذلك فمن الجمهرة وأنشد ابن دريد قول النمري وهو محمد بن نمير ابن أبي نمير:

أهاجنك الظعائن يوم بانوا ... بذي الزي الجميل من الأثاث

قال وأحسب أن الاشتقاق من اسم الرجل أثاثة من هذا ويقال أثاثة بالضم والفتح وأنشد لرؤية:

ومن هواي الرجح الأَثائث ... تميلها أعجازعها الأواعث

الوعثة العظيمة العجز والوعث من الرمل ما غابت فيه الأرجل وفي الحديث أن رسول الله كان يستعيذ من وعثاءِ السفر أي مشقته والأثائث الوثيرات الكثيرات اللحم وقد جمعوا أثيثة أثاثاً ووثيرة وثاراً قال صاحب العين أث الشعر يؤث أثاثة وهو أثيث وكذلك النبات وتأثث فلان أصاب خيراً وقال امرؤ القيس يصف الشعر:

وفرع يغشى المتن اسود فاحم ... أثيث كقنو النخلة المتعثكل

فرغ البيت وبقية قافيته وقد أخرتها إلى آخر بيت من هذا الباب ومما ضاق عنه ولو احتجته لأخذته مثل آت اسم الفاعل من أتى يأتي وسيأتي الكلام عليه في باب أتا وآب اسم شهر من شهور العجم وهو أغثت.

ثم يأخذ بعد ذلك بسرد حكايات وأمثال لها صلة بالبحث ومن مروياته في فضل البلاغة وفضل العلم.

وصف يحيى بن زياد رجلاً بالبلاغة فقال أخذ بزمام الكلام فقاده أحسن مقاد وساق أحسن مساق فاسترجع به القلوب النافرة واستصرف به الأبصار الطامحة.

ومدح شاعر كاتباً فقال:

إن هز أقلامه يوماً ليعملها ... أنساك كل كمي هز عام له

وإن أقر عَلَى رق أنامله ... أقر بالرق كتاب الأنام له

وهذا البيت من أبدع كلام سمع والتزام جمع. .

وقيل لرجل قرشي ما بال العرب تطيل كلامها وتقصرونه معاشر قريش فقال بالجندل يرمي الجندل إن كلامنا يقل لفظه ويكثر معناه ويكتفى بأوله ويستغنى بآخره.

ومما يروق في الكتاب من الشوارد والفوائد أسماء الأيام والشهور عند العرب وهي كما يلي وإن أتى ذكرها في بعض الكتب إلا أنها تدل عَلَى مبلغ العناية التي بذلها المؤلف.

الأيام

الأحد أول

الاثنين أهون

الثلاثاء جبار

الأربعاء دبار

الخميس المؤنس

الجمعة عروبة

السبت شيار

الشهور

المحرم مؤتمر

صفر ناجر ربيعه الأول خوان

ربيع الآخر بصان وونصان

جمادى الأولى الحنين

جمادى الآخرة ربة أو ربى

رجب الأصم

شعبان وعل

رمضان ناتق

شوال عاذل أو وعلان

ذو القعدة هواع

ذو الحجة بركا

ويسمي العرب كل ثلاث ليالي من الشهر باسم خاص.

الثلاث الأولى (غرر) 3 نفل 3 تسع أو عفر 4 عشر 5 بيض 6 درع 7 ظلم 8 حنادس 9 دآدئ 10 محلق.

وقوله رواية ما رؤيت قبور اشد تباعداً بعضها من بعض من قبور بني العباس بن عبد المطلب عم الرسول ولدتهم أمهم أم الفضل في دار واحدة واستشهد الفضل بأجنادين ومات معبد وعبد الرحمن بأفريقية وتوفي عبد الله بالطائف وعبيد الله باليمن وقثم بسمرقند وكثير وأمه سبا أخذته الذبحة بينبع رحمهم الله.

وقال في عرض كلامه عَلَى الخال وقد جمع أبو محمد عبد الله بن السيد البطليوسي رحمه الله في شعر به بعد أن ذكر الخال كذا والخال كذا نحو ما تقدم ثم قال والخال لفظة مشتركة تتصرف عَلَى معانٍ كثيرة وقد وجدت ثعلباً والفضل وابن مقسم قد أنشدوا ثلاثة عشر بيتاً آخر كل بيت منها خال بغير معنى الآخر ورأيت قاتلها وقد أغفل ألفاظاً أُخر كان ينبغي أن تضم إليها فزدت فيها أبياتاً ضمنتها ما لم يذكره الشاعر بلغت اثنين وعشرين بيتاً وفي الروايات اختلاف ذكرت منها ما وقع عليه الاستحسان وهي:

أتعرف أطلالاً شجونك بالخال ... وعيشاً غزيراً كان في العصر الخالي

ليالي ريعان الشباب مسلط ... علي بعصيان الإمارة والخال وإذ أنا خدن للغوي أخي الصبا ... وللغزل المريخ ذي اللهو والخال

وللخود تصطاد الرجال بفاحم ... وخد أسيل كالوذيلة ذي الخال

إذا رئمت ربعاًَ رئمت رباعها ... كما ريم الميثار ذو الريبة الخال

زمان أفدي من يروح إلى الصبا ... بعمي من فرط الصبابة والخال

وقد علمت إني وإن ملت للصبا ... إذا القوم كفوا لست بالرعش الخال

ولا ارتدي إلا المروءة حلة ... إذا ضن بعض القوم بالعصب والخال

وإني إذا نادى الصريخ أجبته ... عَلَى سامج عبل السوى أو عَلَى الخال

إذا قطعت عنس وذم خلاؤها ... فما هو بألواني القطوف ولا الخال

وإنا لنقضي الخيل دون عيالنا ... فمن غابق طرفاً بمحض ومن خال

جياد تباري العاصفات ولا ترى ... بها من لجان يسببن ولا خال

وإني لحاد للكماة إلى العلا ... ولست بجاد للعروج ولا خال

وإني لخلو للصديق مرزأ ... ولست بخيس في الرجال ولا خال

وإن ضن خال المزن يوماً بنيله ... فإن ندى كفي مغن عن الخال

نهابي إلى العلياء كل سميذع ... تراه إذا حلت حبا القوم كالخال

حوينا جميع المجد جوداً ونجدةً ... فما شئت من ليث هصور ومن خال

وما أبصرت عين لنا قط سيداً ... عَلَى حدج يزجى إلى الرمس بالخال

فحالفت بحلفي كل قرن مهذب ... وألا تحالفني فخال إذاً خالي

وما زلت حلفاً للسماحة والعلى ... كما احتلفت عبس وذبيان بالخال

وثالثنا في الحلف كل مهند ... لما ريم من صلب العظام به خالي

حرام عليك الدهر خدع سراتنا ... فلاقهم في مجمع القوس أو خال

الحاء والظاء في غير لغة العرب

من الحروف حرفان تختص بهما العرب دون الخلق وهما الحاء والظاء وزعم آخرون أن الحاء في السريانية والعبرانية والحبشية كثير وأن الطاء وحدها مقصورة عَلَى العرب ومنها ستة أحرف للعرب ولقليل من العجم وهي العين والصاد والضاد والقاف والطاء والثاء وما سوى الباقي فللخلق كلهم من العرب والعجم إلا الهمزة فهي ليست في كلام العجم إلا في الابتداء وهذه الحروف تزيد عَلَى هذا العدد إذا استعملت فيها حروفاً لا تتكلم بها العرب إلا الضرورة فإذا اضطروا إليها حولوها عند التكلم بها إلى أقرب الحروف من مخارجها فمن تلك الحروف الحرف الذي بين الباء والفاء مثل بور إذا اضطروا إليها قالوا فور ومثل الحرف الذي بين القاف والكاف وبين الجيم والكاف وهي لغة سائرة في اليمن مثل جمل إذا اضطروا قالوا كمل وأما بنو تميم فإنهم يلحقون القاف بالكاف فتغلظ جداً فيقولون الكوم في موضع القوم فتكون القاف بين الكاف والقاف اهـ من كلام ابن دريد.

أول خطبة خطبها الرسول

قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله: أما بعد أيها الناس قدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راعٍ ثم ليقولن له ربه ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالاً وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك فينظر يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً ثم ينظر قدام فلا يرى شيئاً غير جهنم ومن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق ثمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آلات النبي

قوسان اسم أحدهما الزوراء. والأخرى الصفراء. وكنانة اسمها الجمع. وسيف اسمه ذا الفقار لفقرات في وسطه. وراية تسمى العقاب وحربة تسمى النبعة. ودرعان تسمى أحدهما ذات الفضول والأخرى فضة. وترس فيه تمثال كرأس الكبش. وقضيب يسمى الممشوق. ومرآة يقال لها المدلة. ورداء يسمى الحضرمي. وجفنة عظيمة يقال لها الغراء. وخمس من الخيل أسماؤها السكب، اللحيف، المرتجز، العيبوب، اللزاز. وبغلة اسمها دلدل وحمار اسمه العفير.

الفرق بين الأيدي والأيادي

فرق العرب بين يد النعمة ويد الرجل أو بين المجاز والحقيقة فجمعوا التي من النعمة عَلَى أيادي والأخرى عَلَى أيدي ومن أحسن ما رأيت في أيادي جمع أيد قول أبي تمام يمدح:

لقد زدت أوضاحي امتدادً ولم أكن ... بهيماً ولا أرضي من الأرض مجهلاً

ولكن أيادٍ صادفتني حسامها ... أغر فحلتني أغر محجلا وقال بعضهم الأيادي ثلاثة بيضاء وخضراء وسوداء فاليد البيضاء الابتداء بالمعروف واليد الخضراء المكافئة واليد السوداء المن بالمعروف.

الفرق بين القول والتكليم

إن التكليم لا يكون إلا ثناء وفضيلة كما قال تعالى وكلم الله موسى تكليما والقول قد يكون ذماً أو إبعاداً كما قال تعالى لإبليس قال اخرج منها مذؤماً مدحوراً والمسلمون مجمعون عَلَى أنه لا يقال كلم الله إبليس ولا هو كليم الله ولا أنه تعالى كلم أهل النار ويقال في هذا قال لإبليس كذا وقال لأهل النار كذا.

الفرق بين السنة والعام

تسمي العرب السنة عاماً والعام سنة اتساعاً ولمكن بينهما في حكم البلاغة والعلم بتنزيل الكلام فرقاً ولا كلام أفصح من القرآن فقد جاء فيما هو من هذا الغرض قال الله تعالى تزرعون سبع سنين دأباً والعرب تعبر عن الشدة والجوع بأسنم السنة تقول أكلتهم السنون ويعبرون بالعام عن الرخاء والخصب قال تعالى بعد ذكر السنين التي تدل عَلَى الشدة ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون فاتسق الكلام والتأم أحسن التئام.

آنية الشراب

قال ابن الإعرابي:

1 - أول الأقداح الغمر بالضم وهو الذي لا يبلغ الري.

2 - القعب بالفتح وهو قدر ري الرجل.

3 - القدح: وهو يروي الاثنين أو الثلاثة وعلى رأي بعض اللغويين لا يقال له قدح إلا إذا كان ملآنً بماءٍ أو غيره وإلا فيطلق عليه إناء.

4 - العس بالضم يعب فيه العدة.

5 - الرفد: بالكسر أو بالفتح أكبر من العس.

6 - التبن: بالكسر أكبر من الرفد.

7 - الصحن: أكبر من الاثنين الأخيرين قال الشاعر

ألا هبي بصحنك فأصبحينا

8 - العلبة: كالقدح الضخم يحلب فيها قال الشاعر ولم تسق دعد بالعلب

9 - الجنبة: أكبر من العلبة وهي تعمل من جلد البعير.

10 - الجوباة: دلو واسعة ضخمة قال أبو زيد كل إناءٍ يدعى مهدى بكسر أوله مثل الجفنة والقصة والقدح.

11 - الفرق: إناء يسع ثلاثة آصع والصاع أربعة أمداده إلى آخره.

آنية المداء

قال الكسائي: (1) الصُّحيفة: تشبع الرجل. (2) المئكلة: تشبع الرجلين والثلاثة. (3) الصحفة: تشبع الخمسة. (4) القصة: تشبع العشرة. (5) الجفنة: أعظم القصاع.

أوقات الشراب

الصبوح: شرب الغداة. القبل: الشرب نصف النهار. الغبوق: شرب العشي. الفحمة: الشرب بين المغرب والعشاء. الجاشرية: شرب السحر. الصفح: الشرب في كل وقت.

ألعاب صبيان العرب

(1) المفايلة: لعبة لفتيان الأعراب يخبئون الشيء في التراب ثم يقسمونه فإذا أخطئ المخطئ قيل له فال رأيك يقال منه رجل فال الرأي وفيل الرأي ويقال ما كنت أحب أن أرى في رأيك فيالة قال الكميت:

بنى رب الجواد فلا تفيلوا ... فما أنتم فتعذركم لفيل

أي لستم أولاد الضعيف الرأي وهو الفيل.

(2) عظم وضاح: لعبة الصبيان بالليل وهو أن يأخذوا عظماً أبيض شديد البياض فيلقوه ثم يتفرقوا في طلبه فمن وجده ركب أصحابه.

(3) الخطرة: وهو بالمخراق.

(4) الخراج: وهو أن يمسك أحدهم شيئاً بيده ويقول لسائرهم أخرجوا ما بيدي.

(5) الضب: وهو أن يصور الضب في الأرض ثم يحول أحدهم وجهه ويقول ضع يدك عَلَى صورة الضب ثم يقال عَلَى أي موضع من الضب وضعته فإن أصاب قمر بمعنى غلب.

(6) النقيري: وهي بالتراب أيضاً يقال أنقر الصبيان فهم يتفرقون وقال الأصمعي في رجزه:

كأن آثار الضرابي تلتفث ... حول نقيري الوليد المنبحث

تراب ما هال عليك المجتدث

(7) المبحثة: وهي تشبه الأولى ولعلها هي بعينها يخبئون شيئاً تحت الأرض في التراب ثم يصدع صدعين ثم يضرب الصبي بيده عَلَى أحدهما أو عَلَى بعضه فإن قبض عَلَى الخبء فيه قمر.

(8) المقلا والقلة: المقلا عود يلعب به الصبيان فيضربون به القلة بالتخفيف والقلة قطعة خشب صغيرة ينصبونها.

(9) العرعار: لعبة أحرى.

الخيل المعروفة عند العرب

بنات الأعوج، الوجيف، لاحق، بنات المسجد، آل ذو العقال، داحس، الغبراء، الجرادة، الحبقاء، النعامة، الشماء، حافل، الشقراء، الزعفران، الحرون، مكتوم، البطين، قرزل، الصريح، الذبير، وغلوي.

كنى الحيوانات عند العرب

الجدي أبو الحبيب، الفيل أبو الحجاج، الأسد أبو الحارث، الذئب أبو الجعدة ويقال أبو جعفر، الضبع أن عامر وأم عمرو، الدب أو رياح، الخنزير أبو قادم ويقال أبو عقبة، الثعلب أبو الحصين، الكلب أبو خالد وأبو ناصح عند بعضهم، السنور أبو خراش ويقال أبو غزران، الغزال أبو الحسين، الجمل أبو صفوان ويقال أبو أيوب، الثور أبو مزاحم، الكبش أبو حاتم، النعجة أم فروة، التيس أبو مطرف، النمر أبو وثاب. الفهد أبو قرة. الفرس أبو طالب. الضب أبو حسيل. الإتان أم حلس. البذون أبو مضاء. البغل أبو المختار. الحمار أبو زياد. القرد أبو قيس.

كنى الطيور

النسر أبو يحيى. الغراب أبو زاجر ويقال له ابن دابة. الديك أبو اليقظان وأبو حسان وأبو نبهان. أبو براقش طائر يتلون ألواناً وتسمية العامة أم حبيش ويقال هي الحرباء. العقاب أم هيثم. الجرادة أم حبين. الحمامة أم عوف. الدجاجة أم مهدي. الهدهد أم حفص.

وصف العيون

الأعشى الذي لا يرى إذا أظلم عليه الوقت بالليل. الأغطش الضعيف البصر. الأخفش كذلك يزيد عليه صغر العين. الأحول الذي ينظر إلى المحاجر. الأقبل الذي ينظر إلى عرض أنفه. الأزرق الأخضر الحدقة. الأملج أشد من الزرق وهو الذي يضرب إلى البياض. الأدعج الشديد سواد العين. الأحور الشديد سواد العين الشديد بياض الأبيض منها. الأنجل الواسع العينين في حسن. الأشكل الذي يخالط الحمرة سواد عينيه. الأشهل أن تكون الحمرة أكثر من صاحب الشكلة.

ومن رائع شعر المؤلف قطعة منها:

حبذا غادة كحوطة بان ... لو رآها الحكيم كر رآها

أدباً جمعت وخلقاً وخلقاً ... أبواها بذلك كحبوها

رحماها عن أن تطار حماها ... وحماها عن أن تضام حماها

كم بها هام ويحه من همام ... فنهاها عن القبيح نهاها

رام منها الحرام قبلة ثغر ... فأبت أن يبوس فاها سفاها

قبل الأرض حين لم يلق فاها ... ثم لما ولت قفاها قفاها

وذكر في بحثه عن الجد ومعانيه أن الجد بضم الجيم البئر وتكون في الكلاء قال الأعشى:

مثل الفرآتي إذا ما طما ... يقذب بالبوصي والماهر

ما تجعل الجد الظنون الذي ... جنت صوب اللجب الماطر

الظنون البئر التي يظن أن فيها ماء ولا يكون والظنون الذي لا يوثق بما عنده واللجب السحاب الذي له صوت واختلاط الأصوات من كل شيءٍ لجلب من الناس وغيرهم والبوصي السفينة والماهر السابح الحاذق وتفسير السابح العائم سبح في الماء سباحة من قوله تعالى كل في فلك يسبحون أي يسيرون وجد كل شيءٍ جانبه والجد أيضاً شاطئ النهر وهو الجدة وأكثر ما يقال جده بالهاء وبها سميت جدة لأنها ساحل البحر.

والغريب أن الجد التي بمعنى بئر في الكلام لم ترد في كتاب البئر لبن الإعرابي من رجال القرن الثالث:

والكتاب كله عَلَى هذا النحو من جزالة الأسلوب ومتانة المعنى وقد راينا من المناسب أن نختم مبحثنا هذا بوصف منارة الإسكندرية إحدى عجائب العالم السبع قال:

أما أنا فأخبرني مخبر الإسكندرية أن داخل سورها أربعة آلاف مسجد وقل آخر ستة آلاف وإن خارجها ألف مسجد وكان ذلك غذ دخلتها سنة إحدى وستين وخمسمائة وهي أصغر مما كانت أولاً إذ بناها الإسكندر بأضعاف كثيرة رأيت بخارجها عَلَى نحو ميلٍ منها باباً عظيماً أعني بناء باب قد تهدم ما حوله وبقي عَلَى قارعة الطريق بقبلتها يقال من ذلك المكان كانت المدينة أولاً وأما منارتها فبينها وبين المدينة نحو ميلٍ أيضاً أو أكثر بجنوبيها وهي في جزيرة صغيرة في الماء وقد بني منها إلى البر رصيف في الماء طوله ستمائة ذراع أو زيد وعرضه عشرون ذراع وارتفاعه فوق الماء ثلاثة أذرع فإذا هاج البحر غطى الماء ذلك الممشى ولكنه بحر لين بسبب الجزيرة والأحجار التي حول ذلك الموضع فيمشي الماشي عليه في الماء إلى الكعبين أو نحو ذلك فإذا انحسر الماء مشي في اليبس والمنارة في آخر الجزيرة وهي مربعة كل وجه خمسة وأربعونباعاً والبحر يكثر في الممشى الذي حول البناء من جهة الشرق والجنوب بينه وبين الجدار اثنا عشر ذراعاً وارتفاعه من الماء إلى الهواء ذلك المقدار إلا أنه من جهة البحر أوسع أعني أول البناء الذي عَلَى الحجارة تحت الماء كأنه جبل ثم كلما طلع ضاق حتى يرتفع عن وجه الأرض ويبقى بينه وبين جدار المنارة القدر المذكور أولاً وقد أحكم إلصاقه وبناؤه وأفرغ بالرصاص في أقفال من حديد تمسك ذلك الكدان المنحوت الذي كل كدانة منه أطول من لوح البناء وأغلظ من عرضه وهذا البناء الذي أصفه محدث لأنه كان قد انهد ذلك الجانب فبني أحسن من البناء القديم وفي الحائط الذي يلي البحر من جهة الجنوب كتابة بالخط القديم لا أدري ما هو وليست كتابة بقلم إنما هي صور وأشكال من حجارة صلبة طوال سود قد أدخلت في الكدانوقد أكل البحر وهواءه الكدان فبرزت الحروف لصلابتها طول الأنف منها فوق الذراع ورأس الميم قد خرجت من البناء كدور فم البرمة الكبيرة وهكذا أكثر تلك الحروف عَلَى هذا الشكل وباب المنارة مرتفع عن الأرض قد بني له ممشى طوله نحو مائة باع وتحت الممشى قبة قسي شبه القنطرة يدخل الفارس تحت القوس منها ولو رفع يده ما أدرك السمك في الكبار منها وعددها ستة عشر قوساً أولها قصير ثم كلما مضى ارتفع حتى يتصل آخرها بالباب وهو أرفعا سمكاً ودخلنا عَلَى الباب فمشينا نحو أربعين باعاً فوجدنا عَلَى اليسار باباً مغلقاً لم ندر ما فيه ومشينا نحو ستين باعاً فوجدنا باباً مفتوحاً فدخلنا من بيت إلى بيت ثمانية عشر بيتاً سوى الزقاق التي تمشي فيها وهي بيوت ينفذ بعضها إلى بعض وحينئذ علمنا أن جوفه فارغ وإنما عددنا من عين يمين الزقاق ويساره ومشينا ستين باعاً فوجدنا أربعة عشر بيتاً ومشينا أربعة وعشرين باعاً فوجدنا سبعة عشر بيتاً ومشينا خمسة وخمسين باعاً وانتهينا إلى الحزم الأول وليس هناك درج إنما هي أرض مرتفعة قليلاً تدور بعجل عظيم تجد عن يمينك غلظ الحائط الذي لا أدري قدره وعن يسارك العجل الذي فيه البيوت المذكورة كأنك تمشي في زقاق سعته سبعة أشبار وفق الرأس سقف ألواح من حجارة رأينا إذ أطلعناه فارساً يهبط وآخر يصعد حتى التقيا في الطريق ولم يضيق أحدهما عَلَى الآخر فلما انتهينا إلى الحزم الأول ذرعنا منه إلى الأرض بشريط في طرفه حجر فوجدناه إحدى وثلاثين قامة وستارة حائط نحو من قامة وقام في الوسط فحل مثمن في كل وجه عشرة أبواع وبينه وبين الستارة خمسة عشر شبراً وغلظ الستارة سبعة أشبار أو تسعة أشكل عَلَى هذا الحرف من الأم التي نقلت هذا منها لأني كتبت هناك هذا كله ومضيت إليه بالمداد والكاغد والشريط حتى لا أسقط منه شيئاً فإنه عجب وأي عجب والله خلقكم وما تعملون وأكثر ظنى أنه تسعة ورأس هذا الحزام أضيق من أسفله فدخلنا في جوفه ومشينا خمسة عشر باعاً ووجدنا درجات رقينا فيها ثماني عشرة درجة وانتهينا إلى الحزام الأوسط فذرعناه بالشريط فوجدنا منه إلى الحزام الأول خمس عشرة قامة وقام في وسط ذلك الفضاء فحل آخر مدور غلظه أربعون باعاً وبينه وبين الستارة تسعة أشبار ونصف فدخلنا فيه أيضاً وصعدنا إحدى وثلاثين درجة وانتهينا إلى الحزام الثالث فذرعنا منه إلى الحزام الأوسط أربع قامات وفي وسطه مسجد يفتح عَلَى أبواب أربعة كالقبة ارتفاعه في الهواء نحو ثلاث قامات وغلظه عشرون باعاً وأمام ستارة غلظها شبران ومنها إلى المسجد خمسة أشبار فجميع بيوت التي دخلناها سبعة وستون بيتاً سوى الأول المقفل يقال أن فيها مهاوي تنفذ إلى البحر وطول المنارة عَلَى هذا الحساب ثلاث وخمسون قامة ومن الأرض إلى الماء خمس وتحت الماء الظاهر نحو القامة أو أكثر ترمي بالحجر من أعلاه فلا يقع إلى الأرض حتى يمس في الحائط لسعة أسفله وضيق أعلاه وإنما بني هناك ليستدل به عَلَى البلد السائرون اليه في البحر وتوقد في أعلاه النار لأهل المراكب لئلا يضلوا ولقد فاتنا رؤيته فلم نقدر مرسى البلد وكان رئيسنا أيضاً لم يكن دخله قبل ذلك فخفناه وراءنا وادخلتنا الريح في موضع ليس مرسى ثم سلم الله بعد أن أشرفنا عَلَى الهلكة وخرجت إلينا القطائع من البلد فأدخلونا البلد يوماً آخر وكانت العافية والحمد لله اهـ.

ولم نر بأساً من إيراد أسماء بعض العلماء الأعلام الذين عاصرهم المؤلف وعاشرهم في القرن السادس من الهجرة وأسماء بعض الكتب التي نقل منها أو روى عنها.

العلماء

الأستاذ الفقيه عبد الله بن سورة. أبو إسحاق إبراهيم محمد الحميري عرف بابن قرقول. الفقيد المحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم عرف بابن الفخار. الفقيه الخطيب محمد عبد الوهاب بن علي العيش. الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني. الفقيه المحدث محمد عبد الحق الأزدي الأشبيلي. جعفر بن غياث. القاضي أبو محمد العثماني الديباجي. الأستاذ أبو محمد القرطبي. الشريف أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني نسبة إلى عثمان بن عفارن رضي الله عنه. الأستاذ أبو زيد عبد الرحمن بن حسن الخعثمي السهيل ويكنى أبا القاسم. الإمام الزاهد الورع أبو عمران موسى بن عمران اتلقيسي الميرتلي. وغيرهم من رجالات الفضل.

أما الكتب التي نقل منها أو روى عنها فهي كما يلي:

(بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد) اسم المؤلف القاضي أبو الفضل عياض (أدب الكتاب) ابن قتيبة (الشمائل) الترمذي (فضل القرآن) أبو عبيد (مشكل القرآن) ابن قتيبة (الدلائل) ثابت بن قاسم (شرح الشهاب) أبو القاسم إبراهيم بن الوراق (السير) ابن هشام (آداب الإسلام) ابن أبي زمنين (حلية الأولياء) أبو نعيم الحافظ (الموطأ) مالك (المحكم) أبو عمر المقري (الكامل) محمد بن يزيد (التفصلة في تأديب المتعلمين) أبو الحسن علي بن محمد الغالبي (السير) ابن إسحاق (تاريخ الطبري) الطبري (شرح السيرة) أبو القاسم السهيلي (المقصورة) ابن دريد (التسلي عن الدنيا) أبو القاسم علي بن محمد عبدوس (بعض التواريخ) إسحق بن الحسن (المعجم) البكري (الأموال) أبو عبيد (قوت القلوب) أبو طالب المكي (الأربعين) الثقفي (شرح خطبة أدب الكاتب) ابن السيد (الهداية) المكي (المعلم) المازري (الأمالي وذيله) أبو علي (المعاني) النحاس (الجمهرة) ابن دريد (التفسير) ابن عباس (الفوائد) أبو قاسم الإدريسي (الأمثال) أبو عبيد القاسم بن سلام (شرح الأمثال) البكري (تاج اللغة) الجوهري (اللآلي في شرح الأمالي) أبو عبيد البكري (شرح الحديث) يوسف الخطابي (المعجم) أبو عمر المقري (التفسير) ابن سلام (شرح السير) عبد الرحمن الخثعمي (الكبير) ابن إسحاق (المسند) البزار (السير) ابن داود (تفضيل العرب وعيون الأخبار والمعارف) ابن قتيبة (الجامع) معمر (القناعة) ابن البستي (الأربعين) الطوسي (المقنع) أبو عمرو المقري (شرف المصطفى) القاضي عياض (أحوال السنة) ابن زمنين (الغريب) أبو عبيد (الفاصل بين الراوي والواعي) القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرمهرمزي (الفصل للوصل) ابن ثابت (الطاعة المعصية) علي بن معبد (الأعداد) القضاعي (الوثائق) ابن الهندي (النوادر) أبو علي (الأعلام) الخطابي (الناسخ والمنسوخ) ابن شاهين (المعاني) أبو جعفر النحاس (النبات) أبو حنيفة (المسالك والممالك) أبو عبيد البكري (جامع الخير) أبو قاسم عتيق بن محمد الصقلي (الإخبار بفوائد الأخبار) الإمام الحافظ أبو بكر إبراهيم محمد بن يعقوب البخاري (الأمثال) أبو عبد الله حمزة بن الحسن الأصفهاني (الرقائق) ابن مبارك (الصحابة) أبو جعفر العقيلي.

وغير ذلك من أمهات الكتب كالبخاري وتاريخه والترمذي والنسائي والمسعودي والأغاني انتهي.

حيفا فلسطين

عبد الله مخلص.