مجلة المقتبس/العدد 58/صحافتنا وصحافتهم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 58/صحافتنا وصحافتهم

مجلة المقتبس - العدد 58
صحافتنا وصحافتهم
ملاحظات: بتاريخ: 1 - 12 - 1910



يا أمتنا إذا أردت أن يكون لك حول وطول وكلمة عالية مسموعة ومنزلة مهمة عند دولتك وسائر دول الأرض فاقبلي على صحافتك الوطنية إقبال الشعب الأميركي على صحافته.

صحافة الولايات المتحدة وصحافتنا

عدد سكان ولاية ميسوري 3166665 عدد صحافتها 1048

=== أوهايو 4157545== 1189

=== إبلنيز 4821== 1746

=== بنسلفانيا 6302115== 1524

=== أيوي 2231883== 1132

=== مشغن 2420952== 810

=== انديانا 2516462== 851

=== مستشوستس 2805346== 654

=== تكسس 3048710== 851

=== كرولينا الشمالية 1893810== 266

=== تنسى 2020616== 298

=== ويسكنسن 2206904== 732

=== كنتكي 2147174== 338

=== جورجيا 2216331== 395

=== مسيسبي 1551270== 251

=== منسوتا 1751394== 770

=== الاباما 1828697== 230

=== فرجينا 1854184== 249

=== نيوجرسي 1883669== 390

=== اركنسس 1311564== 289

=== كرولينا الجنوبية 1340316== 156 === لوزيانا 1381625== 736

=== كلفورنيا 1485053== 738

=== فلوريدو528542== 183

=== ماين 539700== 158

=== كولبوريدو 694466== 374

=== كنتكتت 908420== 173

=== غربي فرجينيا 958800== 217

=== نبراسكا 1066300== 659

=== ماريلند 11880440== 206

=== اوكلاهوما 3988331== 303

=== داكوتا الجنوبية 401570== 393

=== نيو همشر 411588== 94

=== اورغن 413536== 240

=== روداليند 228556== 59

=== واشنطن 518103== 99

=== يوفا 276749== 83

=== مقاطعة كولمبيا 275718== 82

=== داكوتا الشمالية 4191646== 233

=== فزيمونت 343641== 76

=== مقاطعة الهنود 392060== 164

=== نفادا 42335== 35

=== الاسكا 63592== 45

=== اريزونا 122931== 66

=== ايدهو 161772== 99

=== دلوار 184735== 140 === نيو ميكسيكو 195310== 63

يظهر من مطالعة هذا الجدول الذي جمعته بعد بذل الوقت الطويل أن نفادا أصغر ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية بعدد سكانها. فهم يبلغون 42335 نفساً وعدد جرائدهم ومجلاتهم كما ترى يبلغ 35 جريدة ومجلّة أي أنّه يصيب كل 1209 أنفس منهم جريدة واحدة. هذا ما يرد عليهم من جرائد سائر الولايات المتحدة ومجلاتها

وولاية الاسكا تجيء فوق نفادا في عدد السكان. دع عنك عدم استبحارها في الحضارة والعمران بداعي إقليمها البارد جدّا ومع تقصيرها بذرائع الرقيّ عن شقيقاتها تقرأ أن لسكانها البالغ عددهم 63592 نفساً 45 جريدة ومجلّة أي أنه يصيب كل 1412 نفساً منهم جريدة

وقس على نفادا والاسكا بقية الولايات وقابل بين عدد السكان كل منها وعدد جرائدها ومجلاتها ولاسيما أحطّ مقاطعة في الجمهورية بمعارفها وعلومها وأسباب تقدمها ألا وهي مقاطعة بقايا ذلك الشعب القديم شعب سكان أميركا الأصليين الهنود الذين ما زال أكثرهم عائشا عيشة الهمجية_قابل تجد أن لكل 2451 نفساً منهم جريدة فعددهم 392060 نفساً وعدد جرائدهم 164 جريدة ومجلّة ثم قابل بين عدد سكان الجمهورية الأمريكية وعدد جرائدها وبين عدد سكان البلاد العثمانية وجرائدها وتأمّل في الفرق واعتبر وانج باللائمة على مسببّي تأخرنا وتقهقرنا

صحافتنا

لا أعلم وأنا سحيق الدار كم هو عدد صحافة ولاية سوريا. إلا أنني لا أخالها تتجاوز عدد الأصابع فقد اتصل بي أن غير جريدة منها دبت فيها الحياة ردحا من الزمن لمدعو بزمن الدستور ثم تمارضت أو مرضت ومضت لملاقاة ربها وأنه لم يبق غير المقتبسين والعصر الجديد والراوي وحط بالخرج في دمشق والإخاء في حماة وحمص في حمص واثنتان أو ثلاث لم أقف على أسمائها

في أعظم مدن العربيّة

في القرن العشرين الذي اتصلت فيه بلاد العالم بعضها ببعض اتصال شرايين الجسم واختلطت شعوبها اختلاط الحابل بالنابل_في القرن العشرين الذي قويت فيه شوكة العلم_في القرن الذي كثرت فيه الثّورات والنهضات وظهرت الاختراعات والاكتشافات ألا يوجد في أعظم مدينة في البلاد العربيّة_في مدينة من أعرق مدن الدنيا بقدمها_في بقعة من أفضل بقاع المعمورة بأرضها وسمائها وإقليمها وخيراتها_في دمشق أكثر من خمس أو ست جرائد تستحق أن تسمّى جرائد؟

كثرة قرّائهم وقلّة قرّائنا

عدد سكان ولاية نفادا في أمريكا يقل عن سكان صالحيّة الشام على ما أرجح ولا يزيد كثيرا عن سكان حي نصارى دمشق ولأولئك 35 جريدة وللدمشقيين البالغين ثلاثمائة ألف نفس ونيف خمس أو ست جرائد أو لكل ستين ألفا منهم جريدة وقراء الصحف منهم لا يزيدون عن خمسة بالألف على ما أقدّر وأظن أن تقديري هذا في محله. فالطامة الكبرى ليست فقط بقلة جرائد دمشق بل بقلّة عدد مشتركيها. فلجريدة حقيرة في الجمهورية الأمريكية العظمى مشتركون وقارئون أكثر من أكبر وأقدر وأشهر جريدة في دمشق

مكانة المقتبس من جريدة أميركية كبرى تطبع ستين ألف نسخة يوميّا هذا المقتبس على شهرته الواسعة ومقدرة صاحبه المشهورة بين الناطقين بالضاد في مشرق الأرض ومغربها وبين الكثيرين من الأميركيين في غربي الولايات يقال أنه لا يطبع يوميا أكثر من ثلاثة آلاف نسخة يوزع منها ألفين وخمسمائة نسخة على المشتركين والقارئين وخمسمائة نسخة على رصفائه ومكاتبيه في الجهات في حين أن مكانة المقتبس المعنوية لا تنقص مكانة عن مكانة صحيفة أميركية كبرى تطبع يوميا ستين ألف نسخة كبيرة.

مقابلة وانتقاد

في عاصمة نبراسكا البالغ عدد سكانها 65 ألفا عدة جرائد ومجلات ناجحة منها جريدتان عظيمتان سبق ذكرهما تشغل كل منهما بناية عظيمة ومعدل ما تبعه إحداهما يوميا خمسون ألف نسخة وما تطبعه الأخرى أربعون ألف نسخة وبكل حريّة أقول معنويات تينك الجريدتين الخطيرتين لا تفوق معنويات المقتبس وإنما تفوق بما لا يقاس بكثرة القارئين والمشتركين وتعدد الصفحات وكبر الحجم وبشيء معنوي هو أنك تقرأ عنوانا لكل كتابة أو خبر في تينك الجريدتين تفهم منه ما يرمي إليه الكاتب قبل أن تطالع الكتابة أو المقالة أو الرسالة وترى الصور الكثيرة المهمة في كل عدد منهما كل يوم ولاسيما عدد الأحد الكبير البالغ أربعا وعشرين صفحة كبيرة تقرأ فيه مقالات مشاهير وشهيرات الكُتّاب والكاتبات في أوروبا وأميركا.

وأما المقتبس فإنك لا تستطيع أن تفهم الكثير من مقالاته ورسائله وأخباره إلا بعد أن تقرأ الكتابة كلها وإذا كانت طويلة فنضطر أحيانا إلى قراءة العمود أو العمودين أو الثلاثة الأعمدة منه لتلم أو لتقف على مغزاه ومرماه ومن حين صدور أول عدد منه إلى يومنا هذا لم أر ولم ير غيري صورة فيه قطعيّاً. فإذا كان الداعي إلى ذلك هو قلّة واردات المقتبس الماديّة فيعذر وإذا كان الداعي هو أن الدين الإسلامي ينهي عن نشر الصور فهل لصاحب المقتبس أو لغيره من أئمّة الدين أن ينشروا بياناً شافياً بهذا الباب لعلنا نعذر ونقنع. إن الدين الإسلامي الكريم كتبت شرائعه ونشرت في زمان هو غير زمان القرن العشرين وما انطبق على ذلك الزمان لا ينطبق على هذا الزمان ولكل عصر حاجات لا توافق حاجات العصور التي سبقته وإذا كانت الصور من بقايا آثار الوثنية التي كانت في أوج مجدها وعزها في أول عهد ظهور الإسلام فعلم القرن العشرين قد محا تلك الآثار أو كاد وصار يفهم العالم والجاهل اليوم إن الغرض من نشر الصور هو للإفادة التي تتقاضاها اليوم حاجة عصر النور ولا للعبادة التي كانت تتقاضاها حاجة عصر الظلمة في القرون المتوسطة.

صحف العرب في أميركا

قراء الصحف العربية في ولايات الاتحاد معدودون ومحدودون فعدد الناطقين بلغة قريش فيها لا ينقصون عن مئة وخمسين ألف نفس ومع ذلك ترى صحافتهم أكثر عددا وأكبر حجما وأحسن تبويبا وأنظف ورقا من صحافة ولاية سورية بل أرق بمادياتها. وشاهدي أو دليلي على ذلك هو جريدة الهدى اليومية الصادرة في نيويورك فإنها مع كونها في بلاد غريبة نائية عن مواطن اللغة العربية فهي تطبع نحو خمسة آلاف نسخة كل يوم ذات ثماني صفحات كبيرة حافلة بالمقالات المحبرة والأخبار المهمة ومزينة بالرسوم الرامية إلى أغراض نافعة وإذا حققت وجدت أن ما تطبعه الهدى وحدها كل صباح لا يقل عما تطبعه جرائد ولاية سورية مجموعة.

لرم وعتاب لا أُريد أني أُنسب إلى أني أحرق الأُرّم وأُؤرث نيران المناظرة لغاية أو نكاية بين المستصغرين منزلة المهاجرين من المتخلفين والنابين عن حياض المهاجرين فلهؤلاء مكانة سامية أبدعها جدهم وكدهم ولأولئك بتعريضهم عيون لا تبصر وأجسام لا تشعر وأغراض كلها أمراض وإنما ألوم بل أعتب على ولاية رجالها ونساؤها وأولادها لا يقل عددهم عن مليون نفس هم عرب في عرب_على ولاية شرقها وجنوبها وشمالها وسماؤها وأرضها وأطوارها ووهادها وسهولها وهضابها وأشجارها وأثمارها وأنهارها عمرت بالعرب وتخص العرب وليس لهم أو لها على الأقل جريدة تطبع ما تطبعه جريدة عربية في ديار أعجمية.

كيف يأتي الإصلاح

الإصلاح جاء ويجيء وسيجيء من طريقين إما من طريق الحكومة وإما من طريق الشعب ومثال الأول جمهورية يابان ومثال الثاني الجمهورية الفرنسية والجمهورية الأميركية والانقلاب العثماني لم يأت من طريق الحكومة ولا من طريق الشعب من حيث مجموعه بل من طريق الجيش. أما والحكومة العثمانية منصرفة قواها جملة إلى حل مسائلها ومشاكلها وقد بدا حتى الآن أنها لا تكترث أو لا تريد أن تكترث بالعربية حييت أم ماتت فقد تحتم على أبنائها أنو يعلوا منارها ويحموا ذمارها ويحملوا لواءها وهذا لا يكون بالاحتفاظ فقط ببقايا تلك الكتب العتيقة الباحثة في مذاهب سيبويه ونفطويه وإضرابهما مثلا بل يكون في نشر الصحافة الحرة بكثرة في المدائن وفي القصبات وفي المديريات وفي الضواحي والنواحي فالصحافة الحرة الصادقة بلا مدافع أكبر كلية للدولة وأكبر مدرسة للأمة وأكبر جامعة للثورات الأدبية المحطمة قيود الجهل والظلم وللنهضات الجالبة رفعة القدر ووفرة الفخر ويقاس رقي الأمم برقي صحافتها فكل أمة لها صحافة راقية لها منزلة راقية في السياسة والاجتماع والآداب والعمران والعرفان

صحافة هذا الدور هي غيرها في الماضي

لم تكن الصحافة موجودة بعرفي في دور نيرون القرن العشرين. فتلك التي كان العبيد المستعبدون يدعونها صحافة لم يكن أكثرها إلا وريقات أو نشرات لنشر آيات التقديس والتدليس والتدنيس بل لإذاعة المين كل المين والتمويه كل التمويه والتجهيل كل التجهيل والتضليل كل التضليل وكان الاستذلال والاستعباد يقضيان بدفن الحقائق واستحياء المخارق. أما وقد أدت إلى الشعب بعض حقوقه المعطاة له من الله فمن الغضاضة على الصحافة أن تستر العيوب والعورات وكل صحافة لا تدل الدولة والأمة على حسناتهما وسيئاتهما لبك ما في كلمة الحرية من معنى الحرية لا تدعى صحافة ولا يرجى لأمتها وحكومتها صلاح وإصلاح.

الذنب ذنب الشعب

نعم إن مضمار الانتقاد أوسع في أميركا منه في الدولة العلية بداعي تقييد الصحافة العثمانية وإطلاق حرية أميركا غير أن الذنب على الشعب. فشعب أميركا مطالب وناهض وقائم والشعب العثماني قاعد وجامد ونائم. النواب هم الذين قيدوا حرية الصحافة وهم ضيقوا الخناق عليها والشعب هو الذي انتخب أولئك النواب وأرسلهم إلى عاصمته وهو الذي يدفع مرتباتهم ونفقاتهم فالشعب هو سيد النواب والنواب خدامه ولم أسمع ولم يسمع غيري أن 250 خادما يستطيعون أن يستبدوا بثلاثين مليون (سيد) فيا أيها الشعب مر نوابك بتعديل قانون صحافتك واحملهم على تلبية أمرك فإن لبوه كان ما تريد وإلا فاقلب لهم ظهر المجن في الانتخاب المقبل وانتخب الأصلح فالأصلح حتى تبلغ ضالتك وتعمل عمل البلاد الشعبية. فهل من سامع أو مجيب لهذا الصوت الضعيف.

أميركا:

يوسف جرجس

زخم

(المقتبس) إن أعظم عائق يحول بيننا في هذه المجلة وفي جريدة المقتبس وبين وضع الصور القليلة اللازمة في بادئ الأمر هو عدم اضطلاعنا بهذا الأمر وعدم وجود مصور ماهر هنا يحسن حفظ صور على المناحي المطلوبة. والإسلام لا يمنع من التصوير إلا المجسم والمنع تحت شروط أيضا.

ثم إن قلة روج بضاعة العلم والأدب من أكبر الدواعي في تخلف صحافتنا العلمية والسياسية كما قال صديقنا صاحب المقالة فمجلة المقتبس على شهرتها لا تطبع سوى ألف نسخة في الشهر وجريدة المقتبس على سعة انتشارها لا تبيع أكثر من ألفي نسخة في اليوم فمن لنا يوم تطبع فيه صحفنا عشرة آلاف فقط لنقلد الصحافة الغربية حذو القذة بالقذة ومكانة الجرائد بمكانة قرائها والمحيط العامل الأعظم في رقيها.